- اسم الكاتب:المصدر: موقع / مفكرة الإسلام
- التصنيف:تاريخ و حضارة
تقع فنزويلا في شمال شرق قارة أمريكا الجنوبية، وتصل مساحتها إلى 912 ألف كيلومتر مربع، وتنقسم فنزويلا إلى أربع مناطق جغرافية؛ وهي سهول "مركايبو" في الغرب، والمنطقة الجبلية في الشمال والشمال الغربي، وحوض نهر "الاورينوكو" في الجنوب والجنوب الشرقي، وهضاب "غيانة" على حدود "غويانا". ومناخ البلاد في معظمه استوائي، فيما عدا المناطق الجبلية التي تتميز بالاعتدال.
كانت "فنزويلا" من أفقر جمهوريات جنوب أمريكا، إلى أن اكتشف فيها البترول فأصبحت صادراتها من البترول من أعلى الصادرات في العالم.
ومن الناحية العرقية، فإن 22% من السكان من أصل أوروبي، بينما ثلث السكان خليط بين الأوروبيين والهنود الحمر الأصليين، وعشرهم أفريقي و2 في المائة من السكان هنود حمر. ومعظم سكان البلاد من النصارى الكاثوليك.
نظام الدولة في فنزويلا:
تعد فنزويلا جمهورية اتحادية مكونة من 21 ولاية ومقاطعتين، واللغة الإسبانية هي اللغة الرسمية للبلاد، وأكبر مدنها هي العاصمة "كاراكاس"، تليها "مركايبو" و"بلنسية" و"باركويسميتو" و"مركاي".
بقيت فنزويلا مستعمرة أسبانية، إلى أن قام المهاجرون الأسبان بثورة ضد بلادهم الأصلية، بزعامة سيمون بوليفار سنة 1818أدت إلى استقلال البلاد سنة 1821، في إطار كولومبيا الكبرى، وفي سنة 1830انفصلت فنزويلا عن كولومبيا كجمهورية مستقلة. وينص دستور سنة 1961على أن السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية، الذي ينتخب كل خمس سنوات. أما السلطة التشريعية، فهي في يد البرلمان المكون من مجلسين، مجلس الشيوخ المكون من 55عضوا ومجلس النواب المكون من 213نائبا كلهم منتخبون شعبيا.
كيف وصل الإسلام إلى فنزويلا ؟
كان الوصول الأول مبكرا مع الأسبان، حيث وصلها عدد من المسلمين الأندلسيين، هؤلاء كانوا يخفون إسلامهم سرا، بسبب بطش محاكم التفتيش الأسبانية، إلا أن الوجود الإسلامي في بلاد فنزويلا التي خضعت لاستعمار الإسباني، سرعان ما اختفى، بفعل عمليات الاضطهاد الواسعة التي مارسها الإسبان ضد المسلمين، ومحاكم التفتيش والقتل والإبادة الجماعية، والتنصير الإجباري الذي أدى في النهاية إلى اختفاء المسلمين من هناك.
وبخلاف ذلك فقد جلب الإسبان إلى فنزويلا آلاف العبيد المسلمين من قارة إفريقيا ليشاركوا في عملية استكشافها.
ثم كان الوصول الفعلي مع الهجرات الإسلامية الحديثة إلى فنزويلا، ففي القرن الرابع عشر الهجري، وصلتها هجرات من العرب، خصوصا من بلاد الشام، وكانت تضم المسلمين والمسيحيين أغلبهم من بلاد الشام، وهناك قلة مهاجرة من بلدان أمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي، خصوصا من ترينداد.
ومن الجدير بالذكر أن المسلمون والعرب في منتصف القرن العشرين، جاءوا إلى فنزويلا باعة جائلين فقراء، وسرعان ما استطاعوا بمواهبهم المتعددة، أن يصبحوا رجال أعمال وتجار وأطباء ومهنيين، يشاركون في بناء ذلك البلد المعروف بمساندته القوية للقضية الفلسطينية.
ورغم أن المسلمين عانوا من التضييق، من جانب النظام الاشتراكي في فنزويلا في بداية حكمه، مثلما كان الحال في كوبا، إلا إن الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة، وانفتحت الآفاق أمام بناء المساجد والمراكز والمؤسسات الإسلامية.
عودة الإسلام إلى فنزويلا..!
على الرغم مما واجهه المسلمون الأوائل في فنزويلا، عبر رحلة طويلة من المعاناة جسدت مأساة إنسانية تاريخية، كما هو الحال في معظم دول أمريكا الجنوبية، انتهت تلك المأساة بذوبان المسلمين في المجتمع الفنزويلي، وضياع هويتهم بفعل المذابح والإبادة الجماعية، والتنصير بالإكراه الذي مارسه الأسبان المحتلون خلال القرن السادس عشر، إلا أن الله تعالى أراد لراية التوحيد أن ترفرف على تلك البلاد مجددا، بل وأن تحوي عاصمتها ثاني أكبر المساجد في أمريكا الجنوبية، وهو المسجد الإبراهيمي، الذي يملك أطول منارة في الأمريكتين، لتنفتح أمام الدعوة الإسلامية، خاصة في الأيام الحالية، الآفاق الواسعة لنشر دين الله.
وقد تحسنت أحوال الدعوة الإسلامية في فنزويلا كثيرا عن العقود الماضية، ففي السابق كانت المساجد والمصليات قليلة جدا وتكاد تكون معدومة، أما الآن فقد انتشرت المصليات والجمعيات الإسلامية في كثير من المدن الفنزويلية.
أعداد المسلمين في فنزويلا:
مثلما هو حال المسلمين في مختلف الدول غير الإسلامية، فإن عددهم يبقى مجهولا، ويخضع لكثير من التقديرات والتأويلات، من بينها من يؤكد أن أعداد المسلمين تصل إلى 350 ألف نسمة، من بين 18 مليون من سكان فنزويلا.
المناطق التي يتركز فيها الوجود الإسلامي:
تعيش الأقلية المسلمة في عاصمة فنزويلا، فيها حوالي عشرة آلاف مسلم، وينتشر الباقي في حوض نهر أورينكو، وحول بحيرة مراكيبو، وفي مدن مركاي، وبرشلونة، وبلنسية، وحاتورين، أغلب المسلمين من الطبقة المتوسطة، ويعمل معظمهم في التجارة، خصوصا كباعة يتجولون في البلاد.
المؤسسات الإسلامية في فنزويلا:
هناك عدة جهات تقوم على الدعوة الإسلامية، من بينها "التجمع الإسلامي " في "فنزويلا"، ويهتم بأمور المسلمين ومشاكلهم، ولكن يفتقد إلى أمور كثيرة؛ بسبب ضعف في التنظيم وافتقار للدعم المادي، كما يوجد في هذا المركز مدرسة إسلامية تعد الوحيدة في المنطقة، وتفتح تلك المدرسة أبوابها لتدريس وتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، كما يصدر "التجمع الإسلامي" الفنزويلي، مجلة باللغتين العربية والإسبانية؛ لزيادة الترابط والتلاحم بين المسلمين، وتفعيل النشاط الثقافي والديني في المجتمع. وقد اعترفت الحكومة بالمؤسسات الإسلامية.. وتم تدريس المنهج الحكومي بتلك المدرسة، إلى جانب المواد الإسلامية والعربية.
- يوجد أيضا في العاصمة الفنزويلية "كراكاس" مسجد الشيخ "إبراهيم بن عبدالعزيز"، الذي أطلق عليه المسجد الإبراهيمي، ويعد هذا المسجد معلما من المعالم الإسلامية في أمريكا اللاتينية، كما أنه يحتوي على أطول منارة في الأمريكيتين، ويحتوي أيضا على مرافق كثيرة من فصول دراسية ومكاتب إدارية وصالة للألعاب الرياضية.
وقد كان لوجود مسجد الشيخ "إبراهيم بن عبدالعزيز البراهيم" في "فنزويلا"، أثرا ملموسا على الجالية الإسلامية؛ حيث تقام فيه العديد من الدورات الشرعية والبرامج الدعوية، وكذلك تقام فيه دورات مستمرة لتعليم المسلمين الجدد بأمور دينهم، وقد أقيم هذا المسجد بدعم وتمويل من المملكة العربية السعودية.
أهم مشاكل المسلمين هناك:
يعاني المسلمون في فنزويلا من العديد من المشاكل، رغم تحسن أحوال الدعوة الإسلامية مؤخرا، ومن أبرز تلك المشاكل ضعف التواصل بين الجالية الإسلامية هناك والعالم الاسلامي، وضعف جهود الدعوة الإسلامية، والبعد الجغرافي الذي يضعف تلك الصلات، إضافة إلى مشكلة غياب الأمن في فنزويلا، التي تقف حائلا أمام جهود الدعوة الإسلامية، فضلا عن تناثر المسلمين نتيجة قلة عددهم في مختلف أنحاء البلاد، وصعوبة تجمعهم، إضافة إلى ضعف الوازع الديني والثقافة الإسلامية عند كثير من المسلمين هناك، الأمر الذي يهدد بذوبانهم في المجتمع الفنزويلي بعد تنصر الكثير من أبنائهم.
الحلول المقترحة لحل تلك المشاكل:
- زيادة الاهتمام بالجالية الإسلامية في فنزويلا من قبل العالم العربي والإسلامي، من خلال إرسال الدعاة الذين يجيدون اللغة الإسبانية لتنشيط العمل الإسلامي هناك، وأيضا ابتعاث الطلاب المسلمين من فنزويلا إلى الدول العربية، وتسهيل المنح الدراسية لهم لكي يتعلموا العلوم الشرعية والعربية.
- إنشاء مدارس إسلامية في فنزويلا، وإعداد مناهج تتبع التعليم الرسمي في البلاد، لكي لا يعزف الآباء عن تدريس أولادهم في المدارس الإسلامية.
- التركيز على ترجمة الكتب الإسلامية والأدبية للغة الإسبانية، ومد جسور التواصل بين المسلمين والجالية الإسلامية في فنزويلا، عبر القنوات والإذاعات والمجلات والإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام الكثيرة.
- وكذلك من أهم المتطلبات: تنشيط العمل الإسلامي بين الجالية المسلمة، وجذبهم إلى المشاركة الذاتية.
نسأل الله تعالى أن يثبت إخواننا المسلمين في فنزويلا وفي كل بقاع الأرض.