- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
حب النبي صلى الله عليه وسلم وذكره بالأوصاف الحسنة خلقا وخلقا ـ بلا غلو ولا مجاوزة للشرع ـ من الإيمان، فنبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه أكمل وأجمل الناس في خلق، وأعظمهم وأحسنهم في خلق، لم يصفه واصف قط إلا شبهه بالشمس أو بالقمر ليلة البدر، وكان أصحابه رضوان الله عليهم يقولون: لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول: هو أحسن في أعيننا من القمر، وقد وصفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال:
أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام
ووجه النبي صلى الله عليه وسلم في جماله وإشراقه ونوره وصفائه كان مثل الشمس والقمر، قالت الربيع بنت معوذ رضي الله عنها: "لو رأيته رأيت الشمس طالعة". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه) رواه الترمذي وصححه الألباني. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان (مضيئة مقمرة) وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلي القمر، فلهو عندي أحسن من القمر) رواه الترمذي وصححه الألباني.
وذكر ابن القيم في كتابه زاد المعاد وصف أم معبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بخيمتها مهاجرا فقالت: "ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه". الوضاءة: الحسن والنظافة والبهجة، أبلج الوجه: قال البغوي: "تريد مشرق الوجه مضيئه".
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا) رواه البخاري. وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: (وكان إذا سر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر) رواه البخاري.
وقد سئل جابر رضي الله عنه: (أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديرا) رواه البخاري.
قال ابن حجر: "كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول، فرد عليه فقال: بل مثل القمر أي في التدوير، ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف في اللمعان والصقال، فقال: بل فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان.. وقد أخرج مسلم من حديث جابر بن سمرة: (أن رجلا قال له أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل الشمس والقمر مستديرا)، وإنما قال مستديرا للتنبيه على أنه جمع الصفتين، لأن قوله مثل السيف يحتمل أن يريد به الطول أو اللمعان فرده المسئول ردا بليغا، ولما جرى التعارف في أن التشبيه بالشمس إنما يراد به غالبا الإشراق، والتشبيه بالقمر إنما يراد به الملاحة دون غيرهما، أتى بقوله: وكان مستديرا، إشارة إلى أنه أراد التشبيه بالصفتين معا: الحسن والاستدارة.. قال الطيبي: شبه جريان الشمس في فلكها بجريان الحسن في وجهه صلى الله عليه وسلم".
وكما وصف الصحابة رضوان الله عليهم وجه النبي صلى الله عليه في حياته، فقد وصفوه كذلك عند مرضه ووفاته، فعن أنس رضي عنه الله قال: (فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة (في مرض موته) ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف) رواه البخاري.
قال النووي: "عبارة عن الجمال البارع، وحسن البشرة، وصفاء الوجه واستنارته". وإذا كان هذا الصفاء والجمال وحسن البشرة في يوم مرضه ووفاته، فكيف كان أيام شبابه وصحته صلى الله عليه وسلم؟!.
لقد عاش نبينا صلى الله عليه وسلم طيبا ومات طيبا، كما قال أبو بكر رضي الله عنه: (بأبي أنت وأمي، طبت حيا وميتا) رواه البخاري.
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
فائدة:
من المعلوم والثابت أن يوسف عليه السلام أوتي شطر الحسن، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أعطي يوسف شطر الحسن) رواه مسلم. ولكنه مع ذلك ما فاق جماله جمال وحسن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر: "وهذا ظاهره أن يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس، لكن روى الترمذي من حديث أنس: (ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه، حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها، وأحسنهم صوتا)، فعلى هذا فيحمل حديث المعراج على أن المراد غير النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيده قول من قال: إن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه".
وفي بدائع الفوائد لابن القيم: "قول النبي صلى الله عليه وسلم عن يوسف عليه السلام: (أوتى شطر الحسن) قالت طائفة المراد منه: أن يوسف أوتي شطر الحسن الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بلغ الغاية في الحسن، ويوسف بلغ شطر تلك الغاية".
وفي شرح الزرقاني على المواهب اللدنية: "قال ابن المنير وغيره في حديث: (أعطي يوسف شطر الحسن)، يتبادر إلى بعض الأفهام أن الناس يشتركون في البعض الآخر، وليس كذلك، بل المراد أنه أوتي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنه بلغ الغاية ويوسف شطرها".
وقال القسطلاني في المواهب اللدنية: "اعلم أن من تمام الإيمان به صلى الله عليه وسلم الإيمان بأن الله تعالى جعل خلق بدنه الشريف على وجه لم يظهر قبله ولا بعده خلق آدمي مثله". وقال المناوي: "وقد صرحوا بأن كمال الإيمان اعتقاد أنه لم يجتمع في بدن إنسان من المحاسن الظاهرة ما اجتمع في بدنه صلى الله عليه وسلم".. فإن كان الله عز وجل قد أعطى ليوسف بن يعقوب عليهما السلام شطر (نصف) الحسن، فقد أعطى الحسن كله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد اصطفى الله سبحانه نبينا صلى الله عليه وسلم وفضله على العالمين، وفطره على شمائل وصفات عظيمة، ظهرت على سلوكه القويم، وعلى بدنه الشريف، وجوارحه الطاهرة، قال الله تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات}(البقرة: 253). قال الزمخشري: "{ورفع بعضهم درجات} أي: ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة، والظاهر أنه أراد محمدا صلى الله عليه وسلم لأنه هو المفضل عليهم". ومن ثم فالذين عرفوا النبي صلى الله عليه وسلم أحبوه، لما رأوا من كمال خلقه وجمال خلقه صلوات الله وسلامه عليه، فالقلوب والنفوس تتعلق بالجمال كأمر فطري، فكيف بمن جمع الله له الجمال والكمال خلقا وخلقا ؟..
فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم