الحجاب طهارة وعفاف

0 3918

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها، وتجعلها عزيزة الجانب، سامية المكان، وإن الشروط التي فرضت عليها في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة، وهذا ليس تقييدا لحريتها بل هو وقاية لها أن تسقط في درك المهانة، ووحل الابتذال، أو تكون مسرحا لأعين الناظرين.

فضائل الحجاب
الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد أوجب الله طاعته وطاعة رسول فقال: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا }(الأحزاب:36).
وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب فقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}( النور:31) .
وقال سبحانه: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } (الأحزاب:33)، وقال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } (الأحزاب:53)، وقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } (الأحزاب:59).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " المرأة عورة " يعني يجب سترها.

الحجاب عفة
فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة، فقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } (الأحزاب:59)، لتسترهن بأنهن عفائف مصونات فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله سبحانه {فلا يؤذين}إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر.
الحجاب طهارة
قال سبحانه وتعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } (الأحزاب:53).
فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } (الأحزاب:32).

الحجاب ستر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر "، وقال صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره "، والجزاء من جنس العمل.
الحجاب تقوى
قال تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير } (الأعراف:26) .
الحجاب إيمان
والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال سبحانه وتعالى: {وقل للمؤمنات}وقال الله عز وجل: {ونساء المؤمنين}.
ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق قالت: " إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعن به ".
الحجاب حياء
قال صلى الله عليه وسلم: " إن لكل دين خلقا، وإن خلق الإسلام الحياء "، وقال صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة "، وقال عليه الصلاة السلام: " الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإن رفع أحدهما رفع الآخر " .
الحجاب غيرة
يتناسب الحجاب أيضا مع الغيرة التي جبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته، وكم من حرب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء وحمية لحرمتهن، قال علي رضي الله عنه: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج –أي الرجال الكفار من العجم – في الأسواق ألا تغارون؟ إنه لا خير فيمن لا يغار " .

من قبائح التبرج

التبرج معصية لله ورسوله
ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ".
التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات ".
التبرج من صفات أهل النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات... " الحديث.
التبرج سواد وظلمة يوم القيامة
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها "، يريد أن المتمايلة في مشيتها وهي تجر ثيابها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متسجدة في ظلمة والحديث – وإن كان ضعيفا – لكن معناه صحيح وذلك لأن اللذة في المعصية عذاب، والطيب نتن، والنور ظلمة، بعكس الطاعات فإن خلوف فم الصائم ودم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك.
التبرج نفاق
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خير نسائكم الودود الولود، المواسية المواتية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم "، الغراب الأعصم: هو أحمر المنقار والرجلين، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء اللائي يتصفن بهذه الصفة .
التبرج تهتك وفضيحة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ".
التبرج فاحشة
فإن المرأة عورة وكشف العورة فاحشة ومقت قال تعالى: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء } (الأعراف:28)، والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} (البقرة:268) .
التبرج سنة إبليسية
إن قصة آدم مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس كشف السوءات، وهتك الأستار، وأن التبرج هدف أساسي له، قال تعالى: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما } (الأعراف:27).
فإن إبليس هو صاحب دعوة التبرج والتكشف، وهو زعيم زعماء ما يسمى بتحرير المرأة.
التبرج طريقة يهودية
لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ".
التبرج جاهلية منتنة
قال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } (الأحزاب:33).
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة أي خبيثة فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي "، سواء في ذلك تبرج الجاهلية، ودعوى الجاهلية، وحمية الجاهلية.
التبرج تخلف وانحطاط
إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية، لا يميل إليه الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله، ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة وانعدام الغيرة وتبلد الإحساس و موت الشعور:
لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرين
كأن الثوب ظل في صباح *** يزيد تقلصا حينا فحينا
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنك ربما لا تشعرينا

التبرج باب شر مستطير

وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع وعبر التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر.
فمن هذه العواقب الوخيمة:
تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة، لأجل لفت الأنظار إليهن.. مما يتلف الأخلاق والأموال ويجعل المرأة كالسلعة المهينة.
ومنها: فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب ودفعهم إلى الفواحش المحرمة.
ومنها: المتاجرة بالمرأة كوسيلة للدعاية أو الترفيه في مجالات التجارة وغيرها.
ومنها: الإساءة إلى المرأة نفسها باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء نيتها وخبيث طويتها مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء.
ومنها: انتشار الأمراض لقوله صلى الله عليه وسلم: " لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ".
ومنها: تسهيل معصية الزنا بالعين: قال عليه الصلاة والسلام: "العينان زناهما النظر " وتعسير طاعة غض البصر التي هي قطعا أخطر من القنابل الذرية والهزات الأرضية.قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا } (الإسراء:16)، وجاء في الحديث: " أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب ".

فيا أختي المسلمة:

هلا تدبرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " نح الأذى عن طريق المسلمين " فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان فأيهما أشد: شوكة... حجر في الطريق، أم فتنة تفسد القلوب وتعصف بالعقول، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا؟ 
بادري إلى طاعة الله، ودعي عنك انتقاد الناس، ولومهم فحساب الله غدا أشد وأعظم.

الشروط الواجب توفرها مجتمعه حتى يكون الحجاب شرعيا.
الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح.
الثاني: ألا يكون الحجاب في نفسه زينة.
الثالث: أن يكون صفيقا ثخينا لا يشف.
الرابع: أن يكون فضفاضا واسعا غير ضيق.
الخامس: أن لا يكون مبخرا مطيبا.
السادس: أن لا يشبه ملابس الكافرات.
السابع: أن لا يشبه ملابس الرجال.
الثامن: أن لا يقصد به الشهرة بين الناس.

احذري التبرج المقنع
إذا تدبرت الشروط السابقة تبين لك أن كثيرا من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها فيسمين التبرج حجابا، والمعصية طاعة.
لقد جهد أعداء الصحوة الإسلامية لوأدها في مهدها بالبطش والتنكيل، فأحبط الله كيدهم، وثبت المؤمنين و المؤمنات على طاعة ربهم عز وجل. فرأوا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة ترمي إلى الانحراف عن مسيرتها الربانية فراحوا يروجون صورا مبتدعة من الحجاب على أنها "حل وسط " ترضي المحجبة به ربها –زعموا- وفي ذات الوقت تساير مجتمعها وتحافظ على " أناقتها "!

سمعنا وأطعنا
إن المسلم الصادق يتلقى أمر ربه عز وجل ويبادر إلى ترجمته إلى واقع عملي، حبا وكرامة للإسلام واعتزازا بشريعة الرحمن، وسمعا وطاعة لسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم غير مبال بما عليه تلك الكتل الضالة التائهة، الذاهلة عن حقيقة واقعها والغافلة عن المصير الذي ينتظرها.
وقد نفى الله عز وجل الإيمان عمن تولى عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: {ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين، وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون } (النور:47،48)، إلى قوله {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } (النور:51،52).
وعن صفية بنت شيبة قالت: بينما نحن عند عائشة رضي الله عنها قالت: فذكرت نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضي الله عنها: ( إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن } (النور:31) فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل (أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن) فاعتجرت به (أي سترت به رأسها ووجهها) تصديقا وإيمانا بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ).
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتصرف من كتاب الحجاب لماذا للشيخ محمد المقدم

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة