غريب الحديث في أحاديث الصيام 1-2

0 1266

نواصل ما بدأناه من بيان غريب الحديث في أحاديث الصيام، وهذه جملة من الكلمات الواردة في كتاب الصيام مع بيان أقوال أئمة الشأن في معانيها:

الصيام جنة: الجنة بضم الجيم الوقاية والستر، ومنه قيل للترس الذي يستتر به المقاتل (المجن) وسميت (الجن) بذلك؛ لاستتارهم عن الأنظار، وأما كون الصوم جنة فقد ورد لذلك تفسيرات كثيرة، فجزم ابن عبد البر بأن المعنى: أنه ستر من النار، وقيل: ستر من الشهوات، وقيل: ساتر من الآثام؛ لتضييقه مجاري الشيطان في صاحبه، ويلاحظ أن كل هذه المعاني لا تتنافى مع بعضها، وعليه فلا يوجد ما يمنع من إرادة جميع ما ذكر، وبهذا جزم النووي.

ولا يسخب: في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يسخب). قال القرطبي: و (السخب) اختلاط الأصوات، وكثرتها ، ورفعها بغير الصواب، يقال: بالسين والصاد، وعند الطبري: مكان ولا يسخب ولا يسخر يعني: السخرية بالناس، والأول هو المعروف.

أملككم لإربه: قال الخطابي: يروى على وجهين: أحدهما: الإرب مكسورة الألف، والآخر: الأرب مفتوحة الألف والراء، وكلاهما معناه: وطر النفس وحاجتها انتهى. وقد أورد البخاري بعد هذا الحديث تفسير ابن عباس لقول الله تعالى على لسان موسى -عليه السلام- {ولي فيها مآرب أخرى} قال: حاجات.

ولخلوف: في "الصحيحين" عن أبي هريرةرضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك). (الخلوف) بضم الخاء واللام، بمعنى تغير رائحة الفم هو المشهور، وقال بعضهم: بفتح الخاء واللام، وهو غلط، كما نقله الزبيدي في "تاج العروس"، وإن كانت لغة إلا إنها لغة رديئة. فأما الخلوف، بفتح الخاء: فهو الذي يعد (من الوعد) ثم يخلف.

العرق: جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الذي جامع أهله في نهار رمضان وفيه: فأتي بعرق فيه تمر. (العرق) إناء يوضع فيه التمر، وهو قفة كبيرة منسوجة من الخوص، ويسمى مكتل أيضا، و(الخوص) ورق النخل الذي يكون على الجريد، قال في النهاية: "وكل شيء مضفور فهو عرق وعرقة بفتح الراء فيهما". وهذا (العرق) مختلف في تقديره: فقال بعضهم يسع خمسة عشر صاعا ، وقد وردت في ذلك روايات في غير "الصحيحين"؛ ففي سنن أبي داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن العرق زنبيل يسع خمسة عشر صاعا، وفي رواية عن محمد بن إسحاق قال: والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعا وقال أبو داود: وهذه أصح، وأما من قال إن العرق ستون صاعا، فهو وهم، كما قال ابن القيم. وقد تقدم أن الصاع أربعة أمداد، فيكون مجموع أمداد العرق ستين مدا على رواية خمسة عشر صاعا، وعلى رواية الثلاثين صاعا يكون العرق مائة وعشرين مدا، فأخذ الشافعي بالرواية الأولى فجعل لكل مسكين مدا؛ لبراءة الذمة عن القدر الزائد، وذهب مالك وأحمد إلى أن الواجب مدان لكل مسكين، أخذا بالرواية الثانية.

من لم يجمع النية:  أخرج أصحاب "السنن" من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له) (يجمع) بضم الياء، وسكون الجيم، وكسر الميم، الإجماع هنا: إحكام النية والعزيمة، قال القاضي: يقال أجمع على الأمر، وجمع: إذا صمم، ومنه (وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) (يوسف:102) أي: أحكموه بالعزيمة.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة