دعاء كفّارة المجلس

0 1854

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني، وعند أبي داود من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك).

ذكر الله عز وجل في كل حين

من أسباب الحسرة يوم القيامة أن يجلس العبد مجلسا ثم يقوم، ولم يذكر الله تعالى فيه، ولو لم يكن فيه شيء من الكلام الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة -أي حسرة ونقصانا-، وما مشى أحد ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة، وما أوى أحد إلى فراشه ولم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة) رواه ابن حبان بإسناد صحيح، وعند أبي داود بلفظ: (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة).

فكيف إذا كان المجلس فيه خوض في الباطل أو وقوع في الغيبة أو النميمة أو البهتان؟ وقد يكون فيه فحش في القول أو سخرية واستهزاء، أو رجم بالغيب، وقد نكذب ولو مازحين، أو نغضب فنخرج عن شعورنا بما لا يليق من القول أو الفعل، وهكذا!

ولا شك أن أسلم الطرق أن نحترس من جميع آفات اللسان، فلا نتكلم إلا بما يرضي الله عز وجل، ومع ذلك فإن نبينا صلى الله عليه وسلم يعلم أن نفوسنا ضعيفة، وأننا قد نقع في معاصي اللسان مهما اجتهدنا؛ لذلك شرع لنا سنة نبوية عظيمة، كان يلتزم بها، وحثنا عليها حتى تكفر ذنوبنا أولا بأول، وهي هذا الدعاء الذي نحن بصدد بيانه وإيضاحه.

يقول النبي الله صلى الله عليه وسلم: (من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه): اللغط هو الصوت والجلبة، وأراد به الهراء من القول، وما لا طائل تحته من الكلام، والجلبة الخالية عن الفائدة، فمن جلس مجلسا كان فيه شيء من ذلك، فليحرص على الالتزام بذلك التوجيه النبوي.

ثم وضح الدعاء الذي ينبغي أن يقال قبل القيام من المجلس: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك): أي أن الدعاء يكون في نهاية المجلس، وفي لفظ أبي برزة الأسلمي: "يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس"، وهذا الدعاء مشتمل على تنزيه الله تعالى من النقائص والعيوب، وفيه إثبات الألوهية لله وحده لا شريك له، ثم الرجوع إلى الله تعالى معترفا بالذنب طالبا المغفرة والتوبة.

ثم بين فائدة هذا الدعاء فقال: (إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك): أي من الذنوب من غير مظالم العباد، فإنها تحتاج أن يتحلل من صاحبها.

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم مجلسه؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يختم مجلسه بدعاء يذكر فيه الله عز وجل، ويذكر الحضور به سبحانه وتعالى، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا, واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا, ولا تجعل الدنيا أكبر همنا, ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا) رواه الترمذي وصححه الألباني.

فلنحفظ هذه الأدعية الذي حثنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقولها، ولنقلها في نهاية كل مجالسنا، ونحث الناس عليها، حتى ننال المغفرة من الله عز وجل، وننال أجر إحياء سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة