- اسم الكاتب:د.هيثم طلعت-إسلام ويب
- التصنيف:تعزيز اليقين
تبين لعلماء البيولوجيا والكيمياء الحيوية مؤخرا أن الخلق الإلهي أو الصنع المتقن أو كما يسميه الغرب التصميم الذكي يمكن رصده تجريبيا وبذلك أصبح جزءا من العلم! -1-
وردة فعل الملحدين على أدلة الصنع المتقن ومحاولة إثبات خطأه تعني أنه خاضع للتقويم العلمي. -2-
ومؤخرا ظهرت أكثر من خمسين ورقة علمية محكمةpeer-reviewed تتحدث عن الصنع المتقن والخلق الإلهي –التصميم الذكي- في الكائنات الحية، وقد نشرت الأوراق في أكبر المجلات العلمية في العالم. -3-
وقد تفردت مجلة الطبيعة Nature المجلة العلمية الأشهر على الإطلاق بنشر شيء من هذه الأوراق. -4-
فقضية الصنع المتقن دخلت حيز العلم الرصدي والتجريبي وأثبتت وجودها وبقوة.
أما على المستويات التعليمية والاختصاصية فقد شقت أيضا أبحاث الصنع المتقن –التصميم الذكي- في الكائنات الحية طريقها، وبدأ علماء الأبحاث في تأسيس المخابر المكرسة لأبحاث رصد الصنع المتقن، مثلا: أسس دوغلاس أكس Douglas Axe- خبير البيولوجيا الجزيئية سابقا في جامعة كامبريدج- المعهد البيولوجي Biologic Institute. -5-
وأسس روبرت جاكسون ماركس Robert J. Marks II - بروفيسور هندسة الحواسيب والكهرباء الشهير بجامعة بايلور Baylor University - مختبر المعلوماتية التطورية The Evolutionary Informatics Lab. -6-
وأصبح لدى كل من جامعات كورنويل Cornell University وستانفورد Stanford University وبيركلي University of California, Berkeley تجمعات طلابية تعرف بنوادي IDEA (التصميم الذكي والحذر من التطور) التي تدعم رصد الصنع الإلهي المتقن في الكائنات الحية. -7-
وتنظر الهيئات التدريسية ومشرعو الولايات والمحاكم في أمريكا إلى إمكانية تعليم الصنع المتقن في المدارس الحكومية ضمن المناهج العلمية. -8-
فالصنع الإلهي المتقن لم يعد دعوى دينية فحسب وإنما قوة علمية تزداد وضوحا بشواهدها كل يوم {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} (٥٣) سورة فصلت.
ولم يعد الإتقان الإلهي في الخلق دعوى مجردة من التجريب والرصد بل حقيقة ماثلة في المعامل والبحوث البيولوجية {صنع الله الذي أتقن كل شيء} (٨٨) سورة النمل.
نتقدم بهذه الكلمات بين يدي نقد التطور من أجل التأصيل لحقيقة هامة وهي أنه إذا سقط الأصل سقط الفرع وإذا تهاوى الجذع تهاوت الأوراق، فإذا ثبت الإتقان الإلهي رصديا فلا مكان للتطور العشوائي، ولا مكان للفروض والتكهنات والتخمينات التي لا يضعف عقل عن توليدها.
وقد كانت بداية البحوث لرصد الصنع الإلهي المتقن في الكائنات الحية على يد عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي مايكل بيهي Michael Behe أثناء قيامه بأبحاثه في جامعة ليهاي Lehigh University في بنسلفانيا.
حيث رصد بيهي خلال دراساته التعقيد المدهش في السوط البكتيري Flagellum، وكيف أن هذا السوط البكتيري الدقيق للغاية يتكون من مائتي جزيء بروتين بالغ التعقيد، إذا جاء أحدها مكان الآخر أو اختفى أحدها، فلن تظهر منظومة السوط البكتيري بالكلية!
ويتحرك السوط البكتيري بمعدل عشرة آلاف حركة في الدقيقة، وهو قادر على عكس اتجاه حركته في جزء من أربعين ألف جزء من الثانية، وحجم الموتور المحرك للسوط هو واحد على مائة ألف من البوصة، ولم يستطع الإنسان صناعة موتور بحجمه ولا أن يقترب من كفاءته، إلى الحد الذي دفع هاورد بيرج Howard Berg عالم البيولوجيا بجامعة هارفارد إلى اعتبار أن السوط البكتيري أكفأ آلة في الكون، وقام الرياضيون بحساب نشأة هذا السوط بالصدفة فوجدوا أن الاحتمالية تصل إلى واحد في 10 أس 1170 مع أن ذرات الكون كله لا تتجاوز 10 أس 80 ذرة. -9-
إن اجتماع التفرد مع التعقيد في السوط البكتيري ينتج منظومة التعقيد المتفرد SC specified complexity وهي من بصمات الصنع المتقن!
ولا تخلو خلية في الكائن الحي ولا عضية داخل خلية ولا إنزيم داخل عضية ولا بروتين داخل إنزيم ولا كودون Codon داخل بروتين ولا ذرة داخل كودون ولا كوارك quark داخل ذرة، لا يخلو شيء من ذلك من تعقيد متفرد SC، إنها سمة الوجود بأكمله.
{وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون} (١٣) سورة النحل.
وقد رصد مايكل بيهي أنظمة حيوية أخرى عالية التعقيد خلال دراسته مثل: آلية "تجلط –تخثر- الدم" والتي بدون هذه الآلية يهلك الإنسان –الجنين والأم – فور ولادته!
وتعتمد هذه الآلية على عشر خطوات تستخدم عشرين مركب حيوي شديد التعقيد، أيضا هذه الآلية ترتبط بالزمان والمكان فلا يعقل أن يتخثر الدم في مكان غير مكان النزف أو في وقت متأخر عن الطبيعي –وهذا تعقيد إضافي على الآلية-.
أيضا هذه الآلية تحتاج لتناغم فوري وسريع بين الكبد والأوعية الدموية ونخاع العظم والمخ.
إننا هنا نصل إلى مرحلة الصنع المتقن منذ اللحظة الأولى!
ومن نافلة القول أن قواعد الDNA التي تحمل شفرة بناء البروتين الذي يشكل السوط البكتيري وعوامل التجلط وكل منظومة حيوية في الكائن الحي، تحمل هذه القواعد تعقيد متفرد في بنائها وتراتبها والشيفرات التي تحملها يفوق تعقيد كل ما نعرفه من اللغات!
يقرر كارل ساغان في برنامج الكون Cosmos الشهير أن رسالة واحدة من منظومة التعقيد المتفرد SC تصل إلينا من الفضاء سنجزم من خلالها بوجود حياة تحاول التواصل معنا! -10-
فلماذا لا نستخدم نفس المقاييس في تقييم الظواهر الموجودة في كوكبنا؟
أليست كل شيفرة داخل جينوم الكائن الحي هي تعقيد متفرد SC ؟
أليس هذا دليلا على الصنع المتقن بنفس درجة دليل القياس العقلي على رسالة الفضاء الخارجي؟
بل إن الصنع المتقن لا تنتهي عجائبه ولم نحط بشيء منه بعد!
ولنفهم أمر التعقيد المتفرد داخل جينوم الكائن الحي فإن بروتين بسيط يتكون من 100 حمض أميني لابد أن توجد نسخته مشفرة في نواة الخلية بنظام تتابع القواعد النيتروجينية، في الوقت الذي يمكن لهذا التتتابع أن يأتي على 10 أس 130 بديل آخر، أحدها فقط هو القادر على التشفير لهذا البروتين ومن هنا يأتي التعقيد المتفردSC.
إن شريط الDNA يمتاز أيضا إلى جانب التعقيد المتفرد بالثراء المعلوماتي والقانونية-ينظم عمل قانون معين داخل الكائن الحي- كما وضحنا بالتفصيل في مقال سابق.
كذلك لا يمكن أن تكون هناك آلية بلا حياة ولا عقل –عشوائية الحساء البدئي للأرض الذي تشكلت من خلاله الحياة كما يزعم التطوريون- تولد معلومات تحمل الحياة والعقل!
فما هو مصدر الكم المعلوماتي الهائل التي تحمله أول شفرة وراثية؟
بل إن أبسط إنزيم يتعامل مع شريط الDNA يتكون من أكثر من عشر جزيئات من البروتين، لو تعطل بروتين واحد أو اختفى أو حدث خلل في سلسلته يتوقف عمل الإنزيم الذي يتوقف تبعا له عمل شريط الDNA، وبالتالي لن يكون للكائن الحي وجود.
والأغرب من ذلك أن شفرة هذا الإنزيم توجد أيضا داخل شريط الDNA فالقضية تعقيد غير قابل لأقل قدر من الاختزال أو التدرج إما أن تظهر كل المنظومات فجأة أو لا يظهر.
يقول[ ويليام ستوكس] William Stokes العالم الدارويني: " لو أحضرنا مليارات الكواكب مثل كوكب الأرض، وامتلأت كل هذه الكواكب عن آخرها بالأحماض الأمينية، وانتظرنا عليها مليارات السنين، فلن نحصل على بروتين واحد. " -11-
فكيف وأبسط كائن حي على الإطلاق –الميكوبلازما Mycoplasma -يحتوي على آلاف البروتينات المتخصصة؟
فالقضية عقلية ورصدية؛ والتكاسل عن إعمال العقل مصدر رئيس لكل كفر {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} (١٠) سورة الملك.
هوامش المقال
--------------------
1- عبارة "الصنع المتقن" أولى من عبارة "التصميم الذكي" لأن أصلها قرآني وفيها استغناء عن الإيحاءات المشكلة للتعبير الأجنبي، وما يترتب عليها من ضرورة التحوط والتحرز ( عبد الله الشهري من مقدمة كتاب تصميم الحياة، دار الكاتب، ص12).
2- أي نظرية تقبل الخطأ تصبح نظرية علمية، ينظر " مفهوم القابلية للخطأ Falsifiabilityعند فيلسوف العلوم الأشهر كارل بوبر Karl Popper "
http://en.wikipedia.org/wiki/Falsifiability
3- http://www.evolutionnews.org/2012/02/intelligent_des056221.html
4- http://www.nature.com/nature/journal/v431/n7005/full/431114a.html
5- www.biologicinstitute.org
6- www.evoinfo.org
7- http://en.wikipedia.org/wiki/Intelligent_Design_and_Evolution_Awareness_Center
8- Jon. A. Buell جون بيل رئيس مركز الفكر والأخلاق ) دالاس- تكساس) تصميم الحياة، دار الكاتب، ص16
9- https://www.youtube.com/watch?v=a_5FToP_mMY
10- Cosmos, Video Source
11- W. R. Bird, the Origin of Species, p.305