- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:محاسن الأخلاق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه ، وبعد:
فإن من الفتن العظيمة التي يتعرض لها المسلم في هذه الدنيا: فتنة النساء ، فهو إن سلم منها في مكان عمله فإنها تواجهه في الطرقات وفي الأسواق ، في الجرائد والمجلات ووسائل الإعلام.
ولقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن هذه الشهوة مما زين للناس فقال: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب (14)} (آل عمران).
إن هذه الفتنة كانت أول الفتن التي أصابت بني إسرائيل كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن الدنيا حلوة خضرة . وإن الله مستخلفكم فيها ؛ فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".
ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الفتنة حين قال" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء".
والصبر على هذه الفتنة والبعد عن مظانها من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله تعالى ويترتب عليها الخير العظيم والثواب الجزيل، ومن ذلك:
النجاة من الشدائد وتفريج الكربات:
ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر . فأووا إلى غار في جبل . فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل . فانطبقت عليهم . فقال بعضهم لبعض : انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله ، فادعوا الله تعالى بها ، لعل الله يفرجها عنكم... فقال أحدهم : اللهم ! إنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال من النساء . وطلبت إليها نفسها . فأبت حتى آتيها بمائة دينار . فتعبت حتى جمعت مائة دينار . فجئتها بها . فلما وقعت بين رجليها . قالت يا عبدالله ! اتق الله . ولا تفتح الخاتم إلا بحقه . فقمت عنها . فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ، فافرج لنا منها فرجة . ففرج لهم ".
التشبه بالصالحين:
فإن من عف عن الحرام فقد تأسى في ذلك بني الله يوسف عليه السلام حين راودته امرأة الزيز عن نفسه فعف وامتنع واعتصم بالله تعالى وناجاه، وقد أخبر ربنا تبارك وتعالى عما تعرض له نبيه يوسف: { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون (23)}( يوسف). فآثر رضا الله وإن سجن على الحرية مع العيش في معصية الله تعالى: { قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين (32) قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين(33) فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم (34)}(يوسف).
الأمن في ظل عرش الرحمن:
فإن من صبر على هذه الفتنة ولم يتلوث بالحرام فيها كان من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما في الحديث الصحيح الذي عد فيه هؤلاء السبعة ومنهم: " ...رجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله".
ونلاحظ هنا أنه خص ذات المنصب والجمال التي جمعت بين الحسب والنسب والجمال ، وهي فوق ذلك داعية إلى نفسها كما ذكر القاضي عياض: قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها؛ فالصبر عنها لخوف الله تعالى من أكمل المراتب وأعظم الطاعات ، فرتب عليه أن يظله الله في ظله.
الفوز بالجنة:
قال الله تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40) فإن الجنة هي المأوى (41)}(النازعات).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة".
ومن أهم أسباب دفع هذه الفتنة بعد اللجوء إلى الله تعالى والإكثار من دعائه:
غض البصر
ولهذا أمر الله به في كتابه { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30)}(النور).
قال الشاعر:
كـل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك الســهام بلا قوس ولا وتر
والعبــد ما دام ذا عين يقلبها *** في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسـر مقلته ما ضـر مهجـته *** لا مـرحبا بسرور عاد بالضـرر
البعد عن مواطن الاختلاط والريب
فإن السلامة لا يعدلها شيء ، وانظر إلى ترتيب صفوف الرجال والنساء في الصلاة التي هي أعظم الفرائض قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها"؛ وما ذلك إلا من أجل بعد المرأة عن الرجال، فكلما بعدت فهو خير وأفضل. فإذا كان هذا في الصلاة فكيف بغيرها؟!.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد، ولكنهن لا يختلطن مع الرجال؛ بل يكون لهن موضع خاص، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب الرجال وانتهى من خطبتهم، نزل فذهب إلى النساء فوعظهن وذكرهن؛ وهذا يدل على أن النساء كن في مكان بعيد عن مكان الرجال.
تجنب الخلوة بالمرأة بغير محرم:
الخلوة بالمرأة الأجنبية من غير محرم من أعظم الأسباب في الوقوع فيما حرم الله، وهياج الغريزة، وضياع الشرف والعفة، وكم من الجرائم تأتي من هذا الباب! وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك في كثير من الأحاديث، ومنها:
قوله: "لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: "اذهب فحج مع امرأتك".
وقوله "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان".
الزواج الشرعي
فإنه من اعظم أسباب الوقاية من هذه الفتنة ، وهذا العلاج النبوي جاء ذكره في حديث: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء".
وهنا يجدر تنبيه المرأة إلى ضرورة التزين لزوجها بالعناية بنظافتها وتسريح شعرها واستعمال الطيب ووسائل الزينة المباحة ؛ لتعين زوجها على العفاف والاستغناء بالحلال الطيب عن الحرام الخبيث ، فإن الرجل قد تقع عينه على نساء متبرجات كاسيات عاريات، يختلط بهن في الشارع والعمل وما أشبه ذلك، وربما تتعمد بعضهن إثارته وإغراءه، وإهمال الزوجة التزين لزوجها وإرضاءه قد يجعله يفتتن بهن، وقد يقع فيما حرم الله تعالى ولو بالنظر والإعجاب. نسأل الله تعالى أن يحفظنا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله رب العالمين