إنّ في الجنّة بابا يقال له: الرّيّان

0 1052

عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية عند البخاري: (في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون).

في رحاب الحديث

يتفضل الله عز وجل على عباده في رمضان بأفضال كثيرة، منها: أنه يفتح لهم أبواب الجنة كلها، وليس بابا واحدا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين) رواه مسلم، والحديث عن أبواب الجنة له معان ودلالات جليلة في كل حين، ولكنه في شهر الصيام يكون أضعاف ما في غيره.

ويصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم تلك الأبواب وسعتها، فيقول كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (والذي نفس محمد بيده، إن ما بين المصراعين -مصراعا الباب جانباه- من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر -أو- هجر ومكة)، وفي لفظ: (لكما بين مكة وبصرى) متفق عليه، وبرغم سعة هذه الأبواب، فسيأتي عليها يوم تزدحم فيه، فعن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه قال: "ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام" رواه مسلم.

يقول نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي معنا: (إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم): قال الزين بن المنير: "إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة، ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة في الجنة فيكون أبلغ في التشوق إليه"، و(الريان) من الري الذي هو ضد العطش، وهذا مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه، لأنه بنفسه ريان؛ لكثرة الأنهار الجارية إليه، أو لأن من وصل إليه يزول عنه عطش يوم القيامة، ويدوم له الطراوة في دار المقامة، أو لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، وقد اكتفى بذكر الري عن الشبع؛ لأنه يدل عليه، من حيث أنه يسلتزمه، وقيل: لأنه أشق على الصائم من الجوع؛ إذ كثيرا ما يصبر على الجوع دون العطش، وقد خص الله تعالى الصائمين بباب (الريان)، لمكانة الصوم ومنزلته عنده سبحانه وتعالى.

ثم يكمل عليه الصلاة والسلام فيقول: (يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) ينادى على الصائمين المخلصين يوم القيامة فيدخلون من باب "الريان" الذي خصهم الله عز وجل وأكرمهم به، فلا يدخل أحد غيرهم، حيث يغلق بعد اكتمال عددهم، وهكذا حال أبواب الجنة بعد دخول أهلها إليها، وعندها تتحق الفرحة الثانية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) متفق عليه.

وإذا كان المسلم سباقا لأعمال البر المتنوعة، فإنه يكون مؤهلا لأن يدعى من كل أبواب الجنة لدخولها، وهذا ما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة) فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم) متفق عليه.

فاحرص على الصيام الذي هو من أجل العبادات، وأعظم القربات، وهو دأب الصالحين وشعار المتقين، يزكي النفس ويهذب الخلق، وهو مدرسة التقوى ودار الهدى، من دخله بنية صادقة واتباع صحيح، خرج منه بشهادة الاستقامة، وكان من الناجين في الدنيا والفائزين في الآخرة.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة