شخصية الإعلامي اللغوية

0 591
  • اسم الكاتب:ا.د.جابر قميحة

  • التصنيف:الإعلام

أقصد بالإعلامي هنا: الصحفي والمذيع في الراديو أو التلفاز، والمذيع - بصفة خاصة - يعد أهم معلم من معالم الإصلاح اللغوي، والنهوض بالفصحى؛ يقول أستاذنا الدكتور إبراهيم أنيس - رحمه الله -: "إننا لو نشأنا المذيعين والممثلين تنشئة خاصة، راعينا فيها العناية بنطقهم، وجعلنا منهم أداة نافعة لنشر ذلك النطق النموذجي بين الناس، يسمعونهم فيحاولون تقليدهم، استطعنا بهذا أن نقطع شوطا بعيدا فيما نهدف إليه من تقريب بين أبناء الأمم الشقيقة، ولا مناص من جعل أداة القول - في كل هذا - تلك اللغة الفصيحة التي نقرؤها في تراثنا الأدبي القديم، وفي صحفنا ومجلاتنا الحديثة؛ ففيها قدر مشترك كبير من جميع الأمم العربية"[في اللهجات العربية ص: 29].

لذلك يجب ألا يوضع في الموقع الإعلامي إلا من يتوسم فيه القدرة والجدارة بهذا الموقع، وإذا كان تعيين المذيعين بخاصة يتم بناء على مقابلات هامشية شكلية لا تكشف عن شخصية المتقدم لشغل هذا المنصب فإن هذا سبب أساسي من أسباب تفاقم المشكلة، ومساهمة في الإساءة إلى اللغة العربية والعمل على تخريبها وهدمها.

لذلك أرى أن المتخرج في الجامعة يجب ألا يختار مذيعا إلا إذا اجتاز بنجاح امتحانا، بل عدة امتحانات جادة، في فروع اللغة العربية، أو أهم هذه الفروع.

وتصوري المبني لهذه الاختبارات هو الآتي:
أولا - الامتحان التحريري:
1- في النحو العربي الوظيفي التطبيقي، ويكون بطلب الضبط الكامل لبنى الكلمات في عبارات كاملة متعددة متنوعة (أدبية - تجارية - علمية - سياسية).

2- في الإبداع الإنشائي، ويشمل:

أ‌- كتابة مقال أو خاطرة أو أكثر عن عدد من الموضوعات؛ مثل: السلام العالمي، مشكلة التفرقة العنصرية، عالمية اللغة العربية، التخلف اللغوي؛ ظواهره وأسبابه، الطفولة؛ مشكلاتها وحلولها، القراءة الحرة، بعض المشكلات الاجتماعية، مستقبل الديمقراطية في إفريقيا، الإصلاح التعليمي: كيف يكون؟... إلخ.

ب‌- حوار (متخيل طبعا) بين طالب الوظيفة وشخصية عامة (وزير - مدير - رئيس ناد... إلخ).

ت‌- الثقافة العامة المتعلقة بأدبيات اللغة العربية وتاريخها وأعلامها.

ثانيا - الامتحان الشفوي:
1- بالصورة السابقة التي عرضناها آنفا للامتحان التحريري، على أن يتم ذلك بطريقة التسجيل الصوتي للمذيع، حتى يمكن تقييمه في تأن تقييما سليما.

2- في حفظ ثلاثة أجزاء على الأقل من القرآن الكريم، وعدد من قصائد الشعر العربي؛ بحيث لا يقل المحفوظ عن مائتي بيت، وما لا يقل عن مائة سطر من روائع النثر.

فكل أولئك يقوم ألسنة المذيعين - من جهة - ويزيد من ثروتهم اللغوية التراثية من جهة ثانية، فهم من أحوج الناس إليها.

3- في نطق الأعلام الأجنبية الأدبية والسياسية والعلمية والقانونية، وأسماء البلدان والمناطق، وكذلك الأعلام العربية والإسلامية.

وأرى أن الترقيات المادية والأدبية يجب ألا تتم بالأقدمية المطلقة - كما هو واقع الآن - بل يجب ألا يرقى المذيع إلا بعد اجتياز امتحان أرفع مستوى من الامتحان الذي قدمت آنفا تصورا مبدئيا له.

ومن ناحية أخرى تتواصل برامج التدريبات الجادة للمذيعين؛ لأن برامج التدريب في صورتها الحالية لا تفي بالغرض على وجهه المنشود.

وبالاستقراء رأيت أن مستوى الأداء عند كثير من المذيعات هابط للغاية؛ فمن أخطائهن الملحوظة نطق الأصوات المطبقة (القاف - والطاء - والضاد - والصاد) بلا إطباق كأنها: كاف وتاء ودال وسين؛ فتقول إحداهن:
سدك الكول: بدلا من: صدق القول.
تاه حسين: بدلا من: طه حسين.
أعداء النادي: بدلا من: أعضاء النادي.
فدل الأمهات: بدلا من: فضل الأمهات.

[وقد لاحظ الدكتور محمود فهمي حجازي أن هذه الظاهرة النطقية قد انتشرت بين طالبات جامعة القاهرة، ويحذر من هذه الظاهرة التي يمكن أن تتفاقم وتزيد إذا استمرت وسائل الإعلام - في نطقها - على ما هي عليه].

ولذلك يجب مضاعفة التدريبات النطقية للمذيعات بصفة خاصة، ولا يسمح لهن بمزاولة هذه المهنة الحساسة إلا بعد وصولهن إلى درجة الإتقان والنضوج.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة