مقاصد سورة الأحقاف

0 1466

سورة الأحقاف هي السورة السادسة والأربعون بحسب ترتيب سور المصحف العثماني، وهي السورة الخامسة والستون بحسب ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة الجاثية، وقبل سورة الذاريات، وهي السورة السابعة من الحواميم السبع. وهي سورة مكية، قال القرطبي: "باتفاق جميعهم، وفي إطلاق كثير من المفسرين". وآياتها خمس وثلاثون آية. 

تسميتها

سميت هذه السورة (سورة الأحقاف) في جميع المصاحف، وكتب السنة، ووردت تسميتها بهذا الاسم في كلام عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، روى الإمام أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (أقرأني رسول الله سورة من آل حم، وهي الأحقاف) الحديث. وكذلك وردت تسميتها في كلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد أخرج الحاكم بسند صححه عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: (أقرأني رسول الله سورة الأحقاف) الحديث.

ووجه تسميتها (الأحقاف) ورود لفظ (الأحقاف) فيها، ولم يرد في غيرها من سور القرآن الكريم. و(الأحقاف) اسم للمكان الذي كانت فيه مساكن عاد قوم هود، وقد دمرهم الله بالريح الصرصر العاتية جزاء كبرهم وطغيانهم، قال تعالى: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف} (الأحقاف:21) إلى قوله تعالى: {تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين} (الأحقاف:25).

مقاصدها

هذه السورة المكية تعالج قضية العقيدة...قضية الإيمان بوحدانية الله وربوبيته المطلقة لهذا الوجود ومن فيه وما فيه، والإيمان بالوحي والرسالة، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول سبقته الرسل، أوحي إليه بالقرآن مصدقا لما بين يديه من الكتاب. والإيمان بالبعث وما وراءه من حساب وجزاء على ما كان في الحياة الدنيا من عمل وكسب ومن إحسان وإساءة.

تلك هي مقاصد السورة من حيث الجملة، أما من حيث التفصيل، فقد تضمنت السورة المقاصد التالية:

- أنها -كشأن السور المكية- تدعو إلى العقيدة الصحيحة من توحيد الله تعالى إلى تصديق رسالة الرسل عليهم السلام إلى الإيمان باليوم الآخر، وما فيه من ثواب وعقاب.

- أنها تؤكد صحة رسالة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وصدق ما جاء به عن ربه سبحانه.

- بيان أن استمرار نظام الحياة الدنيا للسماوات والأرض محدد بأجل مسمى، وأن الله خلق السماوات والأرض بالحق.

- بيان أن الذين كفروا معرضون غير عابئين بما أنذروا به من إنذارات.

- بيان الموقف الاستكباري، الذي وقفه أئمة الكفر والشرك في مكة إبان التنزيل من ضعفاء المؤمنين.

- أوضحت السورة ضلال الكفار وبهتانهم وخطأهم في عبادة الأوثان والأصنام، التي لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تغني من الحق شيئا.

- ردت على المشركين مزاعمهم، وسفهتهم في زعمهم أن القرآن سحر مبين، قال تعالى: {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم} (الأحقاف:10).

- أنها جاءت بمثالين: أحدهما: للولد الصالح البار بوالديه، وقد بلغ كمال عقله ورشده، قال سبحانه: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه} (الأحقاف:15). وثاني المثالين: جاءت به للولد الفاجر العاق لوالديه، الذي يقابل نصحهما له وحرصهما عليه بالسخرية والاستهزاء، وذلك عندما يدعوانه إلى الإيمان بالله، فيقول: {أف لكما أتعدانني أن أخرج} إلى أن يقول: {ما هذا إلا أساطير الأولين} (الأحقاف:17).

- تضمنت السورة إنذارا للمصرين على كفرهم من مشركي مكة، بأنهم إذا تماروا في غيهم، أهلكهم الله كما أهلك كفار أهل القرى من حولهم، فما نصرتهم آلهتهم التي كانوا اتخذوها من دون الله.

- تضمنت السورة بيانا إقناعيا موجها من الله سبحانه لمنكري البعث، مصحوبا بإنذار بعذاب النار يوم الدين.

- عرضت السورة لأولئك النفر من الجن الذين صرفهم الله ووجههم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن الكريم، فأنصتوا إليه عند سماعه، ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ومخوفين لهم من أن يخافوه؛ لأن القرآن مصدق لما جاء به موسى عليه السلام؛ ولأنه يهدي إلى الحق الثابت والصراط المستقيم، وآمرين لهم باتباع ما جاء فيه ليغفر الله لهم ذنوبهم وينجيهم من عذاب أليم، وذلك تنبيه وتوبيخ للمشركين، حيث آمن به الجن، وكفر به المشركون وعاندوا.

- بينت السورة أن الله الذي خلق السماوات والأرض، ولم يصبه إعياء، أو ضعف، أو تعب، هو سبحانه وحده القادر على إحيائهم بعد موتهم، وحسابهم على ما اقترفوا من كفر ومعاص في الدنيا، وهذا تهديد لهم.

- عرضت السورة صورة من مصرع قوم هود وفي مصارع القرى حول مكة. وتجعل من السماوات والأرض كتابا ينطق بالحق كما ينطق هذا القرآن بالحق على السواء.

- الثناء على الذين آمنوا بالقرآن، وذكر بعض خصالهم الحميدة، وما يضادها من خصال أهل الكفر، وحسدهم الذي بعثهم على تكذيبه.

- بيان أن الله أخذ أهل الضلال بكفرهم، وأهلك أمما أخرى، فجعلهم عظة للمكذبين، وأن جميعهم لم تغن عنهم أربابهم المكذوبة، التي كانوا يدعون من دون الله من شيء.

- ختمت السورة بتثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر من الله لرسوله أن يصبر على تكذيب قومه، وإيذائهم له كما صبر أصحاب العزائم العالية من الرسل عليهم السلام، ونهاه جل شأنه أن يستعجل لهم العذاب؛ فإنه آتيهم لا محالة، {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} (الأحقاف:30).

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة