- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:ألفاظ قرآنية
مادة (حفظ) تدل على مراعاة الشيء، يقال: حفظ الشيء حفظا -بالكسر- أي: حرسه. وحفظه أيضا: استظهره. والتحفظ: التيقظ، وقلة الغفلة. والحفيظة: الغضب الذي تحمل عليه المحافظة، أي: ما يجب عليه أن يحفظه ويحميه. ثم استعمل في الغضب المجرد، فقيل: أحفظني فلان، أي: أغضبني. و(الحفظة) الملائكة الذين يكتبون أعمال بنى آدم، وجمع الرجل الحافظ: الحافظون، والحفاظ، والحفظة. و(الحفيظ) الموكل بالشيء يحفظه. والحفيظ من صفات الله تعالى: الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وقد حفظ على عباده ما يعملون من خير وشر. و(الحفاظ) المحافظة على العهد، والوفاء بالعقد، والتمسك بالود، والآنفة. و(الحفاظ) أيضا أن يحفظ كل واحد الآخر. و(الحفاظ) المحافظة على الأمور.
قال الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن": "الحفظ يقال تارة لهيئة النفس، التي بها يثبت ما يؤدي إليه الفهم. وتارة لضبط الشيء في النفس، ويضاده النسيان. وتارة لاستعمال تلك القوة، فيقال: حفظت كذا حفظا، ثم يستعمل في كل تفقد وتعهد ورعاية".
ولفظ (حفظ) ورد في القرآن الكريم في أربع وأربعين موضعا (44) جاء في اثنين وثلاثين منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر:9) وجاء في اثني عشر موضعا بصيغة الفعل، من ذلك قوله سبحانه: {والذين هم على صلواتهم يحافظون} (المؤمنون:9). وأول ورود للفظ (الحفظ) في القرآن قوله عز وجل: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} (البقرة:238).
ولفظ (حفظ) ورد في القرآن الكريم على أربعة معان، هي:
* (الحفظ) بمعنى (العلم) من ذلك قوله عز وجل: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله} (المائدة:44) قال الطبري: "بما استودعوا علمه من كتاب الله الذي هو التوراة". ومثله قوله تعالى: {وربك على كل شيء حفيظ} (سبأ:21) أي: أنه عالم بكل شيء. ومنه أيضا قوله عز وجل: {إن ربي على كل شيء حفيظ} (هود:57) أي: إن ربي على جميع خلقه ذو حفظ وعلم.
* (الحفظ) بمعنى (العفة والصيانة) من ذلك قوله سبحانه: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} (النساء:34) يعني: حافظات لأنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن، في فروجهن وأموالهم، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره. ومنه أيضا قوله عز وجل: {والذين هم لفروجهم حافظون} (المؤمنون:5) أي: يصونون فروجهم ويعفونها عن كل ما لا يحل لهم.
* (الحفظ) بمعنى (القيام على الشي حفظا ورعاية) وأكثر ما جاء هذا اللفظ بحسب هذا المعنى، من ذلك قوله عز وجل: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون} (يوسف:12) أي: حافظوه من أن يناله شيء يكرهه، أو يؤذيه. ونحوه أيضا قوله عز وجل: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر:9) أي: إنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه. ونظيره كذلك قول الحق تبارك وتعالى: {وحفظا من كل شيطان مارد} (الصافات:7) قال ابن عاشور: "جعل سبحانه في الكواكب حفظا من تلقي الشياطين للسمع فيما قضى الله أمره في العالم العلوي؛ لقطع سبيل اطلاع الكهان على بعض ما سيحدث في الأرض، فلا يفتنوا الناس في الإسلام، كما فتنوهم في الجاهلية".
* (الحفظ) بمعنى (المراقبة والشهادة) من ذلك قوله عز وجل: {وإن عليكم لحافظين} (الانفطار:10) أي: إن عليكم رقباء حافظين، يحفظون أعمالكم، ويحصونها عليكم. ومثله قوله سبحانه: {والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل} (الشورى:6) أي: يحصي عليهم أفعالهم، ويحفظ أعمالهم، ليجازيهم بها يوم القيامة جزاءهم.
أما قوله عز وجل: {فما أرسلناك عليهم حفيظا} (الشورى:48)، أي: حافظا.
وقوله سبحانه: {وعندنا كتاب حفيظ} (ق:4) أي: حافظ لأعمال العباد، فيكون حفيظ بمعنى حافظ، نحو قوله تعالى: {الله حفيظ عليهم} (الشورى:6)، أو معناه: محفوظ لا يضيع.
وقوله عز وجل: {والذين هم على صلاتهم يحافظون} (المؤمنون:9) فيه تنبيه أن من هذه صفتهم، يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ومراعاة أركانها، والقيام بها غاية وسعهم، وأن الصلاة تحفظهم الحفظ الذي نبه عليه قوله سبحانه: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} (العنكبوت:45).
وحاصل ما تقدم، أن لفظ (الحفظ) أكثر ما ورد في القرآن الكريم بمعنى حفظ الشيء والقيام بأمره ورعايته، وبمعنى العفة والصيانة، وبمعنى العلم، وبمعنى المراقبة والشهادة.