- اسم الكاتب:الأستاذ / محمد مروان
- التصنيف:تاريخ و حضارة
من لا تاريخ له لا حاضر له، هذه مقولة نؤمن بها أشد الإيمان، فالتاريخ دوما هو الحافز الدافع للإنسان أن يتقدم ويحرز شيئا، ولا أدل على ذلك من قصة الإسلام التي ما زال المسلمون حتى اليوم يطمحون للأعالي وللقمة ، لأن لهم تاريخا يدفعهم نحو المجد الذي تربعوا على عرشه يوما ما، حيث كانت لهم الدنيا طائعة والملوك صاغرة، والتاريخ البشري بشكل عام هو علم تخصص به الدارسون وأفردوا له جانبا عظيما من الاهتمام، وسنقف في هذا المقال على أبرز وجوه هذا العلم والأهمية التي يضطلع بها علم التاريخ.
علم التاريخ
لا شك أن علم التاريخ كباقي العلوم يستند على حقائق علمية ثابتة من خلال الأدلة المروية عن المكان والإنسان، ومن خلال الأدلة المشاهدة الماثلة للعيان والتي أخرجها للضوء علم الآثار بتنقيباته وحفرياته، وعلم التاريخ يقوم بتأصيل الأحداث والوقائع الهامة التي مرت على الأرض سواء قبل الحياة البشرية، وكذلك الأحداث التي جرت بسبب الإنسان وهو ما يعرف بالتاريخ البشري أو التاريخ الإنساني.
أهمية علم التاريخ
• يعطي علم التاريخ تصورا دقيقا وواضحا عن العالم القديم، والتجارب التي مر بها الإنسان، وبالتالي تكون هذه الدراسة بابا من تجنب ما وقع به الأقدمون من الأخطاء والتي جرت عليهم الويلات والدمار.
• علم التاريخ هو دروس ماضية تفيدنا للتخطيط المستقبلي، فعند معرفة سيرة الحضارات السابقة وكيف قامت وما هي عوامل ازدهارها ونهضتها وما هي أسباب دمارها وزوالها فإننا بلا شك نختصر على أنفسنا العديد من التجارب ونتحاشى الخطأ السابق ونمضي قدما نحو ما أراه التاريخ لنا مناسبا.
• علم التاريخ يجعل الإنسان متصلا بأجداده وأصوله التي هو امتداد لها، والتاريخ الإسلامي مثال على ذلك، فنقف عند دراسته على سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام التي هي جزء عظيم من دراسة التاريخ الإسلامي وهي السيرة النبوية، حيث يكون في تدوين هذا التاريخ معرفة لحياة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة الأحداث والغزوات التي وقعت على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك من خلال تأريخ الحقبة النبوية الشريفة نقف من ذلك على مصدر أساسي من مصادر التشريع الإسلامي، وهي الحديث النبوي الشريف الذي هو عبارة عن الأقوال والأفعال التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أقر غيره عليها.
• علم التاريخ ينصف الأمم، ويحفظ التراث للأمم فكثيرمن التراث الذي تتميز به الدول هو بسبب حفظ التاريخ له وإبرازه بالشكل المميز لتلك الدولة.
• يساعد على معرفة ما كان من شأن الأمم البائدة بشكل عام؛ حيث يفيد هذا الأمر في معرفة الطريقة التي تقدم بها الإنسان، والذي نتج أساسا عن تقدم العقل البشري وما صاحبه من تقدم في النظريات، والفلسفات، والعلوم، والأفكار المختلفة، إلى أن وصلت كلها إلى ما وصلت إليه اليوم من تطور كبير، فأفكار اليوم ليست كالأفكار في القرون الوسطى.
• يؤدي التعمق فيه إلى إدراك الكيفية التي تنهض بها الأمم والحضارات المختلفة، وإلى إدراك العوامل التي تسرع من أفول هذه الحضارات، وربما تكون أهم أسباب الأفول الحضاري الابتعاد عن الأفكار المؤسسة لحضارة معينة، ففي بداية نشأة الحضارة يكون التمركز كبيرا جدا حول أفكارها المؤسسة، أو حول الشخص المؤسس، وبعد مضي فترة عليها يبدأ الأفراد بالتمرد شيئا فشيئا، وتبدأ الأطماع البشرية بالتسلل إلى النفوس، إلى أن تدب النزاعات، وتسيطر الخلافات، ويصبح كل امرئ معنيا بنفسه ومطامعه فقط، فتأتي حضارة أخرى فتحل محلها، وهكذا في المجمل.
• يعلم الناس في الزمن الراهن ما ينفعهم من أجل استدامة نوعهم، وأفكارهم، وعلومهم، وحضاراتهم؛ فالناس مرتبطون بشكل أو بآخر بالتاريخ، وإن حاولنا التعمق في بعض الحضارات نجد أن التاريخ له أهمية عظيمة في راهن أبنائها، ذلك أنهم يعتمدون على القدماء بكل صغيرة وكبيرة كما يحصل في الحضارات ذات النزعة الدينية وعلى وجه التحديد الحضارات المبنية على الأديان التوحيدية، فالنصوص الدينية تبدأ بالكتاب السماوية، وتأخذ بالتطور شيئا فشيئا إلى أن يصير تراثا كاملا متكاملا يتضمن العديد من المجلدات والمؤلفات الضخمة والكبيرة.
• قدم التاريخ نماذج حية للناجحين، فالتاريخ طافح بالنماذج الإيجابية التي يمكن أن يرى الإنسان بها نفسه في أي زمان ومكان، فالتاريخ فيه معلومات عن الأنبياء، والرسل، وأتباع الدين الحق، ومن أحاطوا بالرسل، والعلماء، والمفكرين، والمبدعين من الفنانين وغيرهم، والفلاسفة، والحكماء، وغيرهم، فكل هؤلاء استطاعوا إضافة الشيء الكثير للتاريخ، والإنسانية.