ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة التشيكية

0 877

رغم حداثة اللغة التشيكية، وقلة عدد الناطقين بها حاليا (حوالي عشرة ملايين)، أتاحت ترجمة معاني القرآن لبعضهم الفهم الحقيقي للإسلام, وهو ما دفع المئات منهم لاعتناق الإسلام، بعد تمعنهم في آياته.

وتشير الأبحاث التاريخية إلى أن تصفح هذا التاريخ الإسلامي يعود إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، ليبين أن التشيك مستشرقين، وعلماء تاريخ، ومهتمين بالعلوم الدينية، معنيون بهذا المنهل الذي لا ينضب من المعرفة.

ويعود ظهور ترجمة معاني أول سورة في القرآن الكريم للتشيكية إلى العام (960م)، حيث قام بها البروفيسور فاتسلاف بودوفيتس، لكن ليس بغرض دفع الناس إلى الاهتداء إلى الإسلام، بل في إطار حملة كان هدفها محاربة الدين الحنيف، وإدخال الرهبة منه إلى قلوب التشيك، إلى أن جاءت الترجمة الكاملة لمعاني كتاب الله عز وجل على يد إغناس فيسلي، التي صدرت عام (1912م) في مدينة برنو ثاني أكبر المدن التشيكية، المعروف عنها طيب أهلها، وتقربهم من الدين بشكل عام.

وتشير المصادر الموثقة إلى أنه حتى هذه الترجمة، لم تكن تخلو من النواقص؛ لقلة المعرفة، ونقل الكلمات بشكل حرفي ليضيع المعنى، وهو ما دفع بالبروفيسور التشيكي ريخارد نيكل إلى إعادة ترجمة معاني القران في عام (1934م) مع نسخة أخرى معدلة منه عام (1938م)، كان لها طابع مختلف، حيث ساعد نيكل في الترجمة إتقانه اللغة العربية بامتياز، وضلوعه في الشؤون الإسلامية؛ لتكون تلك النسخة قريبة إلى النص، بعد انتقائه مفردات تشيكية قريبة من المعنى.

بيد أن تلك الترجمة لم تقدم المعنى الصحيح لما تعنيه الآيات من شروحات وقعت في حقبة لها دلالاتها، ولها حكمة في المعنى، الأمر الذي عده النقاد وقوعا في مطبات لغوية، خاصة أنه فقد الصلة مع لغته التشيكية.

ويقول رئيس الوقف الإسلامي في العاصمة براغ فلادمير سانكا الذي استبدل اسمه بعد إسلامه، ليكون عمر سانكا: إن الترجمة التي قدمها البروفيسور التشيكي المستشرق والمستعرب آفان هربك عام (1961م) وأعاد تنقيحها بشكل أدق عام (1972م) وعام (1991م) هي الأفضل والأدق بين كل الترجمات. وأضاف: "إن هربك كان بارعا في البحث العلمي التاريخي، وكان أستاذا محاضرا في الجامعات العربية وعلى اطلاع واسع بالشؤون الإسلامية".

وقال سانكا في حديث لموقع الجزيرة نت: "إن هربك الذي توفي عام (1993م) أحدث خطوة جذرية للغاية، عندما أدرج سور القرآن حسب تسلسلها الزمني، ليلغي بذلك نظام تتابع السور حسب عدد جملها، معللا ذلك بأنها "تعطي القارئ فكرة عن كل سورة، ارتباطا بالوقائع التاريخية التي أوجدت ضروراتها".

ويلفت سانكا إلى أن هربك قدم شروحات وتفسيرات واقعية لجميع المشكلات في فهم النص القرآني أيضا؛ لتكون أفضل ترجمة كان لها الفضل في اعتناق المئات من التشيك الإسلام، حيث يبلغ اليوم عدد المسلمين حوالي (12) ألف مسلم، في حين لم يتجاوز العدد عام (1990م) ألفي مسلم.

والجدير ذكره في هذا السياق، أن رينيه جرايس يعد أول تشيكي اعتنق الإسلام في عام (1912م)، وقد تعلم اللغة العربية حتى أتقنها، وحفظ القرآن كاملا عن ظهر قلب، وطاف في شمال أفريقيا، حيث شارك المسلمين في حروبهم ضد المستعمرين الإسبان والفرنسيين في المغرب، حتى وقع أسيرا في إحدى المعارك، وحكم عليه بالإعدام، لكن عفوا صدر عنه فيما بعد، ليعود إلى وطنه، ويمنع من مغادرته؛ بسبب مواقفه في نصرة أشقائه المسلمين في أنحاء العالم.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة