الإعجاز الطبي في العلاج النبوي لعرق النسا

0 1880


تتسابق مراكز الدراسات الصحية العالمية في اكتشاف الأدوية وتطوير الأداء الطبي للتغلب على كثير من الأمراض والمشاكل الصحية، وفي ظل هذا التنافس العالمي رجع البعض للتنقيب في الطب البديل، فوجدوا في بعضها الدواء المتطابق مع نظرياتهم العلمية، وقد كانوا معرضين عن هذا النوع من التداوي فترة من الزمن، ويظنونه نوعا من التلفيق والخرافة، غير أنهم تفاجأوا بالانسجام بين بعض تلك الأدوية الطبيعية وبين المعايير البحثية الدقيقة.

الأحاديث الواردة في السنة عن عرق النسا:
مرض من الأمراض القديمة يسمى "عرق النسا" وله دواء في السنة النبوية، بناء على قاعدة  ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء كما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شفاء عرق النسا شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم تشرب في كل يوم جزء قال أنس: وقد وصفت ذلك لثلاث مائة نفس كلهم يعافيه الله رواه ابن ماجة. قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي رواية للطبري بإسناد حسن: إلية كبش.

التعريف بعرق النسا:
عرق النسا علو وزن "العصا"، ويسمى العصب الوركي (sciatic nerve)، وهو: عصب يمتد من الورك إلى الكعب.
ويعتبر العصب الأكبر والأطول في الجسم يبلغ سمكه بسمك الإصبع حيث يسير العصب الوركي من الجزء السفلي للنخاع الشوكي إلى الظهر نزولا إلى الساق والقدم.
والمرض الذي يصيب عرق النسا هو: ألم حارق حاد يمتد من أسفل الظهر إلى أسفل القدم على طول مسار العصب الوركي، ولشدة الألم الذي يصيب المريض به سمي مرض عرق النسا؛ لأنه ينسيه ما سواه.
ولهذا المرض أسباب يذكرها الأطباء منها على سبيل المثال: الانزلاق الغضروفي، انضغاط العصب، ورم أو وجود التهاب العظم...وغيرها من الأسباب.

علاج عرق النسا:
تتعدد الوصفات الطبية لهذا المرض، ما بين الأدوية، والحقن، والتدليك، وربما التدخل الجراحي في بعض الأحيان، ومن خلال تصفحي لبعض الموسوعات والمواقع المهتمة بالجانب الطبي لم أجدهم يذكرون الوصفة النبوية التي سبقت في الحديث، مع أن العلاج بها أثبت فاعليته في القديم والحديث، ففي المستدرك قال أنس بن سيرين: فلقد أمرت بذلك ناسا ذكر عددا كثيرا كلهم يبرأ بإذن الله تعالى، وهذا ما جعل بعض الباحثين يعده إحدى المعجزات الطبية النبوية.

ومع هذا لا بد من التنويه إلى أن العلاج النبوي لهذا المرض قد لا يتطابق مع بعض الحالات، فليس كل من يعاني من عرق النسا ينفعه هذا العلاج ، فهناك من الحالات ما لا ينفع فيها مثل هذا العلاج، إما لاختلاف حدة الحالة، أو مزاج الشخص، أو غير ذلك، فلا بد في هذه الحالة أن تعرض على الخبير بمثل هذا المرض، ودوائه، ولا يعتبر هذا تخلفا عن النص النبوي بل لا بد من التحقق من كون المرض هو المطابق لما ذكر في الحديث، وكون العلاج أيضا موافقا للهيئة المنصوصة في الحديث.

 

وجوه الإعجاز في الوصفة النبوية الواردة في الحديث:
إذا تأملنا العلاج النبوي الوارد في الرواية نجده مقيدا بعدة أوصاف وطرق وعند تأملها نجد أنها ليست حشوا ولا تعبدا محضا، بل لكل وصف مقصد طبي، وسر نبوي معجز:
 
فالشاة لا بد أن تكون أعرابية، واختصاصه بالشاة العربية؛ لقلة فضولها، ولطف جوهرها، وطيب مرعاها، فالشاة العربية هي التي ترعى في الطبيعة وتعيش على النباتات الطبيعية والحشائش الغنية بمادة أميغا 3 مثل نبات الشيح والقيصوم فالشاة الأعرابية بالغريزة ترعى الأعشاب المفيدة، وتبتعد عن الأعشاب السامة، ولقد أكتشف العلم الحديث أكثر من 700 دواء من الأعشاب البرية، فالشاة الأعرابية ترعى على النباتات البرية المفيدة وتهضمها وتحول زيوتها المفيدة إلى دهون تتركز في الألية.

ويتحدث ابن القيم عن اختصاص الإلية فيقول: لأن هذا المرض يحدث من يبس، وقد يحدث من مادة غليظة لزجة، فعلاجها بالإسهال والإلية فيها الخاصيتان: الإنضاج، والتليين، ففيها الإنضاج، والإخراج، وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الأمرين.

ومن  الطرق الواردة في الحديث: تذويب الإلية كما في قوله: تذاب، وفائدة ذلك: التعقيم بحيث يتم القضاء على البكتيريا والجراثيم التي قد تكون موجودة في الإلية، إضافة لتذويب الدهون الغير مشبعة، لكن دون الإفراط في غليها حتى لا تتحول إلى زيوت ضارة.

ومن الطرق الواردة في الحديث أيضا: أن هذه الإلية تقسم على ثلاث جرعات، فلا تزيد على ثلاث حتى لا تتغير بطول البقاء، فربما تحولت إلى مادة مؤكسدة، ولا إلى أقل من ثلاث حتى لا يزيد مقدار الجرعة من الزيوت فيكون ضارا بالبدن أيضا، بل جعلها النبي صلى الله عليه وسلم وسطا لتتوافق مع ما يحتمله البدن من غير ضرر ولا فساد.

وأما اختيار وقت تناول العلاج بكونه "على الريق"؛ لكونه يوافق عدم وجود دهن آخر يمكن أن ينافس دهن الإلية ويعرقل استئثارها بالعديد من السوائل والأنزيمات المهمة، مثل سوائل المرارة والبنكرياس التي تعمل على تسهيل مرور الدهون عن طريق جدار القناة الهضمية إلى داخل الجسم، ومثل الأنزيمات التي تعمل ضمن الجدار الخلوي كي تحول دهون الإلية من نوع أوميغا ثلاثة إلى البرستجلندينات النافعة من الصنف الثالث والتي تخفف الالتهابات والآلام النتيجة عن مرض عرق النسا.


 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة