- اسم الكاتب:عبد الولي محمد يوسف
- التصنيف:الإعلام
يمكن النظر إلى وسائل الإعلام من خلال تأثيرها على الجماهير باعتبارها وسائط تربوية ذات أثر فعال في تكوين الرأي العام، فعن طريقها تنتشر شتى المعارف والمفاهيم والمعاني لكثير من مجالات العلم والمعرفة المتصلة بجوانب الحياة من خلال وسائل مشوقة ومحببة للجمهور.
فلولا الإعلام لما وصلت الحضارات البشرية إلى ما وصلت إليه من الرقي، فأهمية الإعلام تكمن في أنه يعتبر أداة رئيسة لنقل الثقافات إلى مختلف قطاعات المجتمع، فالأمي مثلا يستطيع أن يتابع وسائل الإعلام، وخاصة المسموعة منها والمرئية، ويجد فيها بغيته، في حين يعجز عن متابعة أحداث العالم في حالة غياب تلك الوسائل الإعلامية؛ فهي تهبه القدرة على إدراك مواقف جديدة وأساليب معيشية مختلفة عن الأساليب التي يمارسها بالفعل.
وبهذا أصبح الإعلام سلاحا خطيرا في حلبات الصراع الدولي، ولا سيما بعد أن توفرت له وسائل متطورة، منحته القدرة على الوصول إلى أي مكان بسهولة وبساطة.. فحظي باهتمام كبير من جانب الدول والمجتمعات والهيئات في عالمنا المعاصر، وأصبحت الرسالة الإعلامية تحمل فكر مرسلها وتعمل في كافة مجالات النشاط الإنساني، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فكان الإعلام بذلك قوة تتنافس على السيطرة عليها قوى الخير وقوى الشر.. إلا أن قوى الشر نجحت في السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ مما أتاح لهذه القوى الشريرة نشر باطلها، وانحرافاتها، على جميع المستويات والطبقات”، وأصبحت المجتمعات الإسلامية تعاني من التسلط البشري ـ والغربي خصوصا ـ في الصحافة وسائر وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، وتعاني في البيت وفي الشارع وفي أمور كثيرة.
وكان من نتائج سيطرة الغرب على وسائل الاتصال أن نشطت تلك الوسائل في الترويج لنمط العيش الغربي”بما فيه من ثقافة وممارسات دينية، لا تخلو منها المصطلحات والأمثال، والسلوكيات حتى أفلام الصور المتحركة (الكرتون) الموجهة للأطفال تصبغ بهذه الصبغة، التي تشعر المتابع كثيرا بأنها مقصودة ومتعمدة وتعمد إلى تأليف المشاهدين والمستمعين والقراء على الثقافة الغربية، التي لم تستطع التخلص من التأثير الديني عليها في معظم سلوكياتها، ومثلها أو مبادئها، بل ربما لا تريد التخلص من هذا التأثير وتسعى إلى تعميقه وترسيخه ما دام سيحقق تبعية ثقافية تقود إلى تبعيات أخرى.
وقد نجحت الولايات المتحدة والغرب بتطوير ما يعرف باسم صناعة المعرفة والإعلام، التي مكنتهم من فرض مزيد من السيطرة على العالم، فهم الذين يوجهون الرأي العام العالمي، في الوقت الذي أصبح غيرهم عالة على مؤسساتهم الإعلامية، ذلك أن نسبة كبيرة جدا من الأخبار والمعلومات التي يتم تداولها في العالم بشكل أو بآخر يرد من الولايات المتحدة؛ وهذا ما يؤكد من وجه آخر عظم الدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام بشكل عام ـ والإعلام الغربي بشكل خاص ـ في تحقيق التفاعل الحضاري.
إن وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة وتلفزيون وسينما ومسرح وإنترنت وأقمار اصطناعية وبث فضائي، وصحافة دولية ومؤسسات نشر، كلها تساهم في التفاعل الحضاري، إيجابا وسلبا، فهي تستخدم في أغلب الأحيان لنشر الإلحاد والانحرافات السلوكية والثقافة الغربية، وإن كانت مستخدمة لنشر الإسلام عالميا، ولكن بشكل محدود جدا، لا يكاد يقارن مع استعمالاتها الكبيرة في المجالات الأخرى.
ولهذا فقد آن الأوان لاستغلال وسائل الإعلام في التعريف بالإسلام وإظهاره في صورة مشرقة، ودعوة الناس إليه ورد الاتهامات والطعون الموجهة إليه.
والخلاصة أن الإعلام بشكل عام قد ساهم كثيرا في عملية التفاعل بين الأمم والحضارات، وزاحم المؤسسات التربوية التقليدية في توجيه النشء، وخلق الاتجاهات، والتأثير على المتربين بصورة مباشرة وغير مباشرة، إلا أن هذه المساهمة تنصب على الجانب السلبي أكثر من الجانب الإيجابي، وهذا بدوره يؤكد لنا عظم المسؤولية الملقاة على عاتق المصلحين والمربين والتي تتمثل في أن يقوموا بواجبهم تجاه وسائل الإعلام، وتوجيهه الوجهة الصحيحة.