ويطعمون الطعام

0 1453

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد
فإن من أعظم القربات وأفضل الطاعات التي ندب إليها ديننا الحنيف إطعام الطعام.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (متفق عليه). وقال صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تطرد عنه جوعا ، أو تقضي عنه دينا" (صحيح الجامع).

وقد بين الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم أن إطعام الطعام من صفات الأبرار حيث يقول الله سبحانه وتعالى:{إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا؛ عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا. يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا. فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا. وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا} (الإنسان:5-12).

إطعام الطعام من أسباب دخول الجنة:
بين لنا الشرع الحنيف أن إطعام الطعام من أسباب دخول الجنة وأخذ كتاب العبد بيمينه، قال الله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيما ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة. أولئك أصحاب الميمنة} [البلد:14-18].
وعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " (رواه الترمذي).
وحين جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: علمني عملا يدخلني الجنة كان مما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "...فأطعم الجائع واسق الظمآن..." (رواه أحمد).

من أسباب النجاة من النار:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".(رواه البخارى ومسلم).
واعلم يا رعاك الله أن إطعام الطعام يجعل صاحبه من خيار الناس عند الله تعالى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم من أطعم الطعام" (رواه أحمد).
والله تعالى قد أعد لمن يتصدق ويطعم الطعام الأجر العظيم فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله، حتى يكون مثل أحد".(رواه أحمد).

أجرك باق مدخرعند الله:
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول العبد مالي مالي إنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس".
وفي سنن الترمذى عن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بقي منها؟" قلت : ما بقي منها إلا كتفها . قال : "بقي كلها غير كتفها".

سقي الماء
ومن إطعام الطعام سقي الماء، فالماء من الطعام لقول الله تعالى: {فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده} (البقرة:249). وسقي الماء مما يترتب عليه الأجر العظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس صدقة أعظم أجرا من ماء". (رواه البيهقي).

وفي كل ذات كبد رطبة أجر
ورد فى القرآن الكريم:قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} (الحج:27-28).

تعاهد الجيران:
عند الطبراني عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسل قالم: "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به".
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك". (رواه مسلم).
ويعنى الإنسان بإكرام الضيف بتقديم أطيب ما عنده من الطعام، فهذا من الإيمان. واللقمة في في امرأتك لك بها أجر. وحضنا ديننا على إطعام المسكين. ومن أطعم صائما ففطره فله مثل أجره.

وبالجملة ففي كل كبد رطبة أجر، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أنزع في حوضي، حتى إذا ملأته لإبلي ورد علي البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في كل ذات كبد أجرا" (رواه أحمد، وصححه الألباني).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا، فنزل فيها، فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث؛ يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب؛ فشكر الله له؛ فغفر له".(البخاري).

إياك ومنع الطعام من يحتاجه
إذا كان الشرع قد حث على إطعام الطعام وجعله قربة من أعظم القربات التي ينال العبد بها أعلى الدرجات فإنه جعل منع الطعام من يحتاجه من الذنوب التي يتوعد صاحبها، {أرأيت الذي يكذب بالدين؛ فذلك الذي يدع اليتيم؛ ولا يحض على طعام المسكين} (الماعون: 1-3). فجعل امتناعه عن إطعام الطعام وتحريض غيره على الامتناع عن ذلك من صفات من يكذب بالدين.
وفي بيان صفات المعذبين في النار قال تعالى: { إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين} (الحاقة: 33-34).
وعند البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم... ورجل منع فضل ماء ، فيقول الله يوم القيامة : اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ".
نسأل الله أن يكفي المسلمين ويغنيهم عمن سواه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة