الإعلام حين يغزو البيوت

0 680

في دراسة قامت بها إحدى المؤسسات العالمية ipsos على ما يعرض على قمر نيل سات وعرب سات تبين ألآتي:
. عدد القنوات الفضائية العربية حوالى 696 قناة .
. تشكل القنوات الغنائية منها حوالى 23%
. هناك ما يزيد عن 200 قناة متنوعة
. حوالى 100 قناة ترفيهية و80 قناة للرقص.

. نسبة المشاهدة الدائمة للفضائيات قد بلغت 43,2% .
. ونسبة المشاهدة المتقطعة 56,8%.
. نسبة الشباب الذين يفضلون الفضائيات العربية على الأجنبية حوالى 71%.

مجرد قراءة هذه النسب، والاطلاع على نتائج مثل هذه الدراسات يؤكد لنا مدى التأثير الهائل الذي تؤثر به الفضائيات والإعلام على المشاهد والمتابع، والتالي أثره على الأسرة والمجتمع..
ويزيد هذا التأثير مع التطور الهائل والمرعب في تقنيات وآليات التقاط وبث الإرسال عبر الأقمار الصناعية التي ملأت فضاء المنطقة العربية، ومع تنوع اللواقط أو (الدشوش).. فإذا زدنا على ذلك ما حدث بعد انتشار النت والهواتف الذكية التي تتيح استقبال ما لذ وطاب وأفسد وعاب، يمكننا أن نتخيل عواقب ذلك على ثقافات المنطقة وتوجهات وأفكار ذويها.

من ناحية أخرى أكدت دراسات متعددة أن لوسائل الإعلام المختلفة أثرا بالغا الأهمية في السيطرة ـ على الأسرة عامة وعلى النشء بوجه خاص.

لقد عشنا زمانا كان التلفاز يعد فيه أكثر الوسائل تأثيرا، وظهرت دراسات كثيرة تحذر من الأثر السلبي لهذا الجهاز على الأسرة وأبنائها، ولكن هذا الأثر تضاءل بصورة كبيرة جدا مع ظهور عصر المعلومات والحاسبات الآلية وما طرأ عليها من تطور وبعد ظهور الإنترنت وما تخفيه من مواقع..

إننا لا ننكر المنافع والفوائد الكبيرة والكثيرة والهائلة التي جلبها ظهور هذه التقنيات، وما كان له من آثار على التواصل الاجتماعي ومنافع اقتصادية وغيرها، إلى جانب ما توفره من إيجابيات التثقيف والترفيه والترويح عن النفس..

غير أن لها سلبيات متعددة إذا ما أهملت فهي تساعد على إفساد الذوق والأخلاق والحث على العنف والخطأ وغير ذلك مما حذر منه الباحثون في العلوم الاجتماعية والإنسانية نتيجة تأثر النشء وتفاعله واكتسابه للتصورات والقيم والمعتقدات من خلال ما يشاهدونه من برامج، خصوصا إذا علمنا أن النسبة الأكبر من المشاهدين هي من فئة الشباب.

الأطفال:أما بالنسبة للأطفال فإن الأمر بالنسبة لهم أشد خطورة، وقد بينت الدراسات والإحصائيات أن نسبة كبيرة جدا من عينات الدراسة من الأسر والأبناء من سن 3-18 سنة يشاهدون الفيديو كليب باستمرار، ونسبة قليلة فقط لا يحرصون على المتابعة.
كما وجد أن 39% من الأبناء تعجبهم كلمات الأغاني، 31% يشاهدونها لجمال المطرب أو المطربة أو الرقص، 26% يجذبهم إخراج الأغاني وأسلوب تجاذب الرجل والمرأة في مشاهدها، 25% يتابعونها بسبب ما تحتويه من إثارة وتشويق.

فإذا زدنا على ذلك ما استحدث مع النت والحسابات المخلة والمواقع الفاسدة التي يتزايد عددها يوما بعد يوم حتى تخطت مئات الآلاف وهي في ازدياد مطرد، وعلمنا أن أكثر من يدخل هذه المواقع هم سكان الخليج وبلاد العرب، أدركنا ما نحن مقبلون عليه من مصائب وبلايا، ومستقبل يهدد المنطقة نتيجة للأثر السلبي لهذه المشاهد على أصحابها وعلى مجتمعاتهم.

لقد انتقل عرض الأغاني والطرب واللقطات الساخنة من قنوات الطرب والإعلانات الخادشة إلى القنوات والرسمية ولم تعد تختص بالقنوات سالفة الذكر، أضف إلى ذلك الانفلات والانفتاح في الرقابة على الإعلانات التجارية ـ التي لم تعد إباحيتها وخدش حياء مشاهدها قاصرة على القنوات الفضائية الأجنبية أو التي تبثها بعض الدول العربية الصديقة فحسب ـ بل إن بعضا من القنوات المحسوبة على مجتمعاتنا صارت تبث إعلانات لا تليق من الناحية الشرعية ولا من حيث قواعد السلوك والآداب والقيم العامة الأمر الذي حدا بالكثيرين من الملتزمين إلى حرمان أبنائهم وبناتهم من مشاهدة القنوات، وقد كان هذا إجراء وقائيا فيما مضى ولكنه لم يعد مجديا في وقتنا الحاضر، فأصبح يقودهم إلى الهواتف والنت والعزلة والانقطاع عن المجتمع والعالم وربما عن أقرانهم، وهذا أسوأ بكثير من الحال القديم حيث يمكن المراقبة والتوجيه.

الدراما المسفة
مما تكثر شكوى المصلحين والآباء منه اليوم زحف دراما المسلسلات التركية والأفلام الهندية المدبلجة بالعربية.. ومعها المسلسلات المكسيكية.. وكلها برامج موجهة تسيء للنشء وتضر بالسلوك العام إذ أن أكثر المسلسلات والأفلام تروج للحب اللا أخلاقي (المحرم) الذي يرتكز على التلاقي بين الفتى والفتاة بعيدا عن الأسرة والأطر الشرعية، في الوقت الذي تصور فيه تلك المسلسلات وكذلك المقابلات الحوارية بعض الراقصات وكأنهن بطلات، وقد أكد علماء الاتصال أن هناك علاقة سببية بينة بين وسائل الاتصال أو الإعلام وبين التصرف أو السلوك البشري رغم التفاوت في التأثير على الأفراد وفقا للمواقف والمتغيرات المركبة التي تتحكم في آثار وسائل الإعلام..

لقد أصبحت هذه الوسائل مصدرا للتربية والتلقي والتوجيه، ومصدرا لبناء السلوك مما يؤكد العلاقة السيئة بينها وبين السلوكيات عند الأفراد عامة والأطفال على وجه الخصوص.

فهل نعي بعد ذلك ما نتجه إليه بالناس في خضم هذا التزاحم والتنافس التجاري المحموم بين الفضائيات لتقديم الهابط الجاذب من البرامج والأغاني والرقصات والإعلانات جريا من رجال الأعمال خلف الكسب السريع والاستثمار الذي لا يراعي الدين ولا يحسب للقيم والأخلاق؟!

أم أنه يمكن أن تصحو ضمائرهم ليتقوا الله في النشء وفي مجتمعاتهم الإسلامية المحافظة..
هذا ما نرجوه. فالأمر جد خطير وقد أحدث تغييرا جذريا في المجتمعات الإسلامية المحافظة. ولابد من تداركه، فإن لم يكن ثمة رقيب موجود، فإن الله مطلع شهيد. 
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة