- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:محاسن الأخلاق
إن الله تعالى يحب من عباده أن يدعوه ويسألوه، ورضاه سبحانه في سؤاله وطاعته، قال ابن القيم :
( إن الله لا يتبرم بإلحاح الملحين، بل يحب الملحين في الدعاء، ويحب أن يسأل، ويغضب إذا لم يسأل ).
وقال أيضا :
( وأحب خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالا، وهو يحب الملحين في الدعاء، وكلما ألح العبد عليه في السؤال أحبه وقربه وأعطاه ).
فللدعاء فضل عظيم، دل على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل العبادة الدعاء".(الحاكم، وصححه).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء".(رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني).
وقال أيضا - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حيى كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين".( رواه أحمد، وغيره، وصححه الألباني).
وهناك آداب للدعاء يرجى لمن حافظ عليه إجابة دعائه، ومنها:
الأول: أن يفتتح الدعاء بذكر الله والثناء عليه وأن يختمه بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
فعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. قال: فقال: "والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى".(رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -" (رواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن أنس، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن علي موقوفا، وحسنه الألباني).
قال أبو سلمان الداراني رحمه الله: من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسأله حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.
الثاني: أن يترصد لدعائه الأوقات والأحوال الشريفة كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، ويوم الجمعة من الأسبوع ووقت السحر من ساعات الليل.
ومن هذه الأوقات والأحوال التي فيها يستجاب الدعاء:
1- وقت التنزل الإلهي:
قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى فيها خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك في كل ليلة" (مسلم) .
وروى ابن خزيمة في التوحيد عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا كل ليلة فيقول : هل من داع فأستجيب له ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له؟".
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن".(الترمذي وغيره وصححه الألباني).
2- في السجود:
قال - صلى الله عليه وسلم -: "وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن (أي جدير) أن يستجاب لكم". (مسلم).
3- أن يبيت طاهرا على ذكر فيتعار من الليل فيدعو:
قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يبيت على ذكر طاهرا فيتعار من الليل(أي يتقلب ويستيقظ) فيسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه" (أحمد وغيره) .
4- عند الأذان:
قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء" (صححه الألباني في صحيح الجامع) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء" (صححه الألباني
).
5-بين الأذان والإقامة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب فادعوا" (صححه الألباني) .
6، 7، 8- عند نزول المطر، وعند التقاء الجيوش، وعند إقامة الصلاة:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر" (الحاكم وحسنه الألباني) .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث" (صححه الألباني) .
9- آخر ساعة من نهار الجمعة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئا إلا آتاه الله إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" (صححه الألباني) .
10- دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لايرد".(صححه الألباني).
(الثالث): عدم العجلة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي"(البخاري ومسلم).
(الرابع): التضرع والخشوع والرغبة والرهبة:
قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية}(الأعراف:55).
وقال تعالى: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا...) (الأنبياء:90).
(الخامس) أن يجزم بالدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيه:
قال - صلى الله عليه وسلم -: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" (رواه الترمذي، وصححه الألباني) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، وليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يعظم عليه شيء أعطاه" (مسلم) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقل أحدكم إذا دعا اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت فليعزم المسألة فإنه لا مكره له" (البخاري وسلم) .
قال سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين} (الحجر: 36-37).
(السادس): أن يلح في الدعاء ويعظم المسألة ويكرر الدعاء ثلاثا:
قال ابن مسعود: "كان عليه السلام إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا".
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه" (الطبراني وصححه الألباني).
قال المناوي: "إذا تمنى أحدكم خيرا من خير الدارين فليكثر الأماني فإنما يسأل ربه الذي رباه وأنعم عليه وأحسن إليه، فيعظم الرغبة ويوسع المسألة، ويسأله الكثير والقليل حتى شسع النعل فإنه إن لم ييسره لا يتيسر، فينبغي للسائل إكثار المسألة ولا يختصر ولا يقتصر فإن خزائن الجود سحاء الليل والنهار ولا يفنيها عطاء وإن جل وعظم فعطاؤه بين الكاف والنون، وليس ذا بمناقض لقوله سبحانه: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) فإن ذلك نهى عن تمنى ما لأخيه بغيا وحسدا، وهذا تمنى على الله سبحانه خيرا في دينه ودنياه وطلب من خزائنه فهو نظير (واسألوا الله من فضله) .
(السابع): استقبال القبلة ورفع اليدين:
روى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه : "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه . . . الحديث .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : فيه استحباب استقبال القبلة في الدعاء ، ورفع اليدين فيه.
(الثامن): إطابة المأكل والملبس:
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } ، وقال : {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ".
قال ابن رجب رحمه الله : فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجب لإجابة الدعاء ا.هـ .