- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:مقدمات في السيرة النبوية
السنة الثالثة من الهجرة النبوية ـ كغيرها من سنوات حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته ـ وقع فيها الكثير من الأحداث الهامة، ومن ذلك:
1 ـ غزوة ذي أمر:
في المحرم من السنة الثالثة للهجرة النبوية: وقعت غزوة ذي أمر بعد غزوة بدر، وسميت أيضا غزوة غطفان أو غزوة أنمار، وهي أكبر حملة عسكرية قادها النبي صلى الله عليه وسلم قبل معركة أحد، وسببها أن الأخبار وصلت إلى المدينة المنورة أن جمعا كبيرا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة، فسار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في في أربعمائة وخمسين مقاتلا ما بين راكب وراجل، ليشعرهم ويشعر الأعراب بقوة المسلمين، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه.. وفي أثناء السير في الطريق أمسكوا برجل يقال له: جبار من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الإسلام فأسلم، وصار دليلا لجيش المسلمين إلى أرض العدو، وقد علم المشركون من بني ثعلبة ومحارب بمسير المسلمين إليهم فتفرقوا وفروا إلى رؤوس الجبال، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد وصل بجيشه إلى مكان تجمعهم، وهو الماء المسمي بذي أمر، وبقي في نجد مدة تقارب الشهر دون أن يلقى كيدا من أحد، وعاد بعدها إلى المدينة المنورة.
2 ـ مقتل كعب بن الأشرف اليهودي:
في ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة: قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وكان كعب قد قام بحملة عدائية ضد المسلمين، وأخذ يحرض قريشا على الأخذ بثأرها ـ من هزيمتها في بدر ـ، وأخذ يبكى بشعره قتلى بدر من المشركين، ويتغزل في أشعاره بذكر محاسن نساء الصحابة، ويؤذيهن ببذاءة لسانه أشد الإيذاء، وكثيرا ما كان يهجو في شعره النبي صلى الله عليه وسلم ويسبه، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتله، لأنه بعد هجرته إلى المدينة المنورة عاهد اليهود بميثاق، وكان من بين بنود ذلك الميثاق: "أن للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم"، والتزم النبي صلى الله عليه وسلم ووفى بهذا العهد والميثاق، لأنه أوفى الناس بالعهد، وأبعدهم عن الغدر، ولكن اليهود ومنهم كعب بن الأشرف ـ كعادتهم ـ نقضوا العهد، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (من لكعب بن الأشرف؟ فإنه آذى الله ورسوله)، فقال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: أنا يا رسول الله، وذهب إليه فقتله.
3 ـ زواج عثمان بن عفان أم كلثوم:
في ربيع الأول أيضا من هذه السنة: تزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أختها رقية، قال النووي: "وكان له صلى الله عليه وسلم أربع بنات: زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد. وفاطمة تزوجها على بن أبى طالب رضي الله عنه. ورقية وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه، تزوج رقية ثم أم كلثوم وتوفيتا عنده، ولهذا سمى ذا النورين".
4 ـ غزوة الفرع من بحران:
في ربيع الآخر: وقعت غزوة الفرع من بحران. قال ابن هشام في السيرة النبوية: "وفي ربيع الآخر من السنة الثالثة غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قريشا، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، حتى بلغ بحران من ناحية الفرع، فأقام بها شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا".
5 ـ سرية زيد بن حارثة إلى القردة:
في جمادى الآخرة من السنة الثالثة للهجرة: كانت سرية زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى القردة، وهي أول سرية خرج فيها زيد أميرا، وآخر وأنجح دورية للقتال قام بها المسلمون قبل أحد، وغنم المسلمون فيها عيرا ومالا لقريش.
6ـ زواج النبي صلى الله عليه وسلم بحفصة:
في شعبان من السنة الثالثة للهجرة النبوية: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر رضي الله عنهما، وكانت حفصة زوجة لخنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه الذي أصابته جراح في غزوة أحد توفي على أثرها، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.
7 ـ زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت خزيمة:
في رمضان من هذه السنة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة رضي الله عنها، وكانت زوجة لعبد الله بن جحش رضي الله عنه الذي استشهد يوم أحد، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تسمى أم المساكين لكثرة إطعامها المساكين، وعاشت ثمانية أشهر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم توفيت، وقد صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع.
8 ـ مولد الحسن بن علي:
في النصف من شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة النبوية ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بوزن شعره فضة، وقال عنه: (إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) رواه البخاري.
9 ـ غزوة أحد:
في شوال من السنة الثالثة للهجرة: وقعت غزوة أحد التي لها أهمية كبيرة في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، ومع ما فيها من آلام وجراح، إلا أنها لا تعتبر هزيمة للمسلمين بالمعنى العسكري، وفي أحداثها الكثير من الدروس النافعة التي تتوارثها الأجيال بعد الأجيال، وقد تعلم منها الصحابة رضوان الله عليهم أسباب النصر وأسباب الهزيمة.
10 ـ غزوة حمراء الأسد:
لم تكن حمراء الأسد غزوة مستقلة، وإنما هي جزء من غزوة أحد، وصفحة من صفحاتها الهامة، فقد وقعت في اليوم التالي لغزوة أحد، وقد أظهرت قدرة المسلمين وهم في أحلك الظروف على التصدي لخصومهم وأعدائهم، لأنهم إذا كانوا قادرين ـ بعد مصابهم في غزوة أحد ـ على متابعة التحرك العسكري خارج المدينة المنورة، فإنهم لا شك أقدر على مواجهة أعدائهم داخل المدينة من اليهود والمنافقين وبقايا المشركين.
11 ـ زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش:
في ذي القعدة من السنة الثالثة من الهجرة: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها بأمر من الله تعالى، وقيل سنة أربع، وقيل سنة خمس، فقد جاء في تاريخ الإسلام للذهبي: "زينب بنت جحش بن رئاب الأسدي، أم المؤمنين، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة أربع، وهو أصح". وفي إمتاع الأسماع للمقريزي: "وفي ذي القعدة من هذه السنة - يعني السنة الرابعة - تزوج ابنة عمته زينب بنت جحش. وقيل: تزوجها سنة ثلاث، ويقال: سنة خمس، وقيل: تزوجها سنة ثلاث، مع زينب أم المساكين. ونزلت آية الحجاب" . والحكمة الإلهية من هذا الزواج هي قطع تحريم أزواج الأدعياء أي المتبنين بعد إبطال التبني نفسه، وهذا صريح في قوله تعالى: {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا}(الأحزاب:37). ومع ما تحقق في هذا الزواج من حكم ومقاصد شرعية، فقد شكل أحد الشبهات التي وجهها المستشرقون والمنافقون للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من قلبهم للأمور وتزييفهم للحقائق.
وفي صبيحة عرس زينب رضي الله عنها كان بداية نزول الآيات الخاصة بأمر وفرض الحجاب على المرأة المسلمة، وذلك في قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}(الأحزاب:53).. قال أنس بن مالك: (أنا أحدث الناس عهدا بهذه الآيات، وحجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم.
12 ـ تحريم الخمر:
تدرج الإسلام في تحريمه للخمر، حتى حرمت تحريما نهائيا في المدينة المنورة سنة ثلاث من الهجرة النبوية، قالابن تيمية: "فإن الخمر حرمت سنة ثلاث بعد أحد باتفاق الناس"، وقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن": "وكان تحريم الخمر سنة ثلاث بعد وقعة أحد". وذلك في قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}(المائدة:91:90).