- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالأخلاق اهماما كبيرا، ورغب في حسن الخلق، وجعل من يتحلى به أحب الناس إليه، وأقربهم مجلسا منه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) رواه الترمذي. وكما اهتم نبينا صلى الله عليه وسلم بحسن وجمال الخلق ودعا إليه وحث عليه، فقد اهتم كذلك بحسن المنظر والهيئة، فالمسلم جميل الظاهر والباطن، حسن الأخلاق وحسن المنظر.
الاهتمام بحسن المنظر والهيئة سنة نبوية، وقد أمر الله تعالى أمر عباده المؤمنين بأن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد فقال: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين * قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون}(الأعراف: 32:31). قال ابن كثير: "ولهذه الآية، وما ورد في معناها من السنة، يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك لأنه من تمام ذلك، ومن أفضل الثياب البياض". وقال السعدي: " ويحتمل أن المراد بالزينة هنا ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن".
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن حسن وجمال مظهر المسلم من الأمور التي يحبها الله عز وجل، وليس ذلك من الكبر، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة!! قال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق (رفض ورد الحق) وغمط الناس (احتقارهم)) رواه مسلم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب اللباس الطيب، ويحب لبس الأبيض ويحث عليه، وصح في الأحاديث أنه لبس غيره، فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالبياض من الثياب، فليلبسها أحياؤكم، وكفنوا فيها موتاكم ، فإنها خير ثيابكم) رواه النسائي وصححه الألباني. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان (مضيئة مقمرة) وعليه حلة حمراء (ثوب به خطوط حمراء)، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر) رواه الترمذي وصححه الألباني. وفي سير أعلام النبلاء للذهبي أن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: "مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بيض نقية".
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على تخصيص ملابس لأيام المناسبات والالتقاء بالآخرين كالجمعة والأعياد وغير ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وكان صلى الله عليه وسلم يلبس في العيد أحسن ثيابه، وكانت له حلة يلبسها في العيدين، والجمعة، قال ابن القيم: "وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه، فكان له حلة يلبسها للعيدين، والجمعة، ومرة كان يلبس بردين أخضرين، ومرة بردا أحمر، وليس هو أحمر مصمتا، كما يظنه بعض الناس، فإنه لو كان كذلك لم يكن بردا، وإنما فيه خطوط حمر، كالبرود اليمنية، فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك".
وكان صلوات الله وسلامه عليه يحب الطيب والرائحة الطيبة، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يحب الطيب، ويأمر به). وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل، وتطهر فأحسن الطهور، ولبس من أحسن ثيابه، ومس ما كتب الله له من طيب أو دهن أهله ثم أتى المسجد فلم يلغ ولم يفرق بين اثنين، غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التساهل أو الغفلة عن حسن المظهر، لئلا يتأذى الناس من ذلك، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا في منزلنا، فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره، فقال: أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره، ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه) رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الشعر والاهتمام به، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له شعر فليكرمه) رواه أبو داود وصححه الألباني. ونهى صلى الله عليه وسلم عن القزع وهو حلق بعض الرأس دون بعض، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: احلقوه كله أو اتركوه كله) رواه أبو داود وصححه الألباني. قال النووي: "وأجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضع متفرقة، إلا أن يكون لمداواة ونحوها"، والحكم في هذا شامل للصغير والكبير على السواء.
إن حسن المظهر والاهتمام به يكون قربة إذا كان على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وإظهارا وشكرا لنعمة الله تعالى علينا، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن لنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده) رواه الطبراني وصححه الألباني. أي: إذا أعطى الله عبدا من عباده نعمة من نعم الدنيا، فليظهرها في نفسه، بأن يلبس لباسا يليق بحاله، لإظهار نعم الله عليه، وليس للإسراف ولا المخيلة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (كلوا، واشربوا، وتصدقوا، والبسوا، ما لم يخالط إسراف ولا مخيلة (غرور وتكبر)) رواه النسائي وحسنه الألباني.
وقد جاء في السنة النبوية النهي عن لبس الشهرة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة) رواه أحمد. قال ابن تيمية: "يحرم لبس الشهرة، وهو ما قصد به الارتفاع، وإظهار الترفع، أو إظهار التواضع والزهد، لكراهة السلف لذلك"، والحكم على لباس معين بأنه لباس شهرة يرجع فيه إلى عرف البلد، قال ابن عثيمين: "ثوب الشهرة ليس له كيفية معينة أو صفة معينة، وإنما يراد بثوب الشهرة ما يشتهر به الإنسان، أو يشار إليه بسببه، فيكون متحدث الناس في المجالس، فلان لبس كذا، فلان لبس كذا، وبناء على ذلك قد يكون الثوب الواحد شهرة في حق إنسان، وليس شهرة في حق الآخر".
الاهتمام بحسن المظهر ـ من ملبس وهيئة ـ سنة نبوية، ولا يكون بأمر نهى الشرع عنه، كلبس الحرير والذهب للرجال، أو تشبه الرجال بالنساء، أو النساء بالرجال.. وبالنسبة للمرأة فإنها مثل الرجل إلا فيما خصها الشرع به من مواصفات اللباس الشرعي، وعدم الخروج متعطرة وغير ذلك.. والمسلم الذي يخرج من بيته بمظهر حسن وهيئة طيبة فإنه مأجور من الله تعالى، وهو مقتد في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم.