خلق التواضع

0 889

 يعتبر التواضع من أعظم أخلاق الإسلام التي أمر الله بها نبيه أن يتحلى به في نفسه، ومع أصحابه، قال تعالى : ( واخفض جناحك للمؤمنين ) (الحجر:88 ). أي ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم، وقال أيضا: ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) ( الشعراء:215 )، وحين خير صلى الله عليه وسلم بين أن يكون ملكا أو عبدا رسولا، قال له جبريل: تواضع لربك يا محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا بل عبدا رسولا) رواه أحمد، وذكر الله هذا الخلق في صفات عباد الرحمن الذي امتدحهم بقوله:( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) ( الفرقان:63 )

وقد وردت نصوص من السنة النبوية تدل على فضل هذا الخلق العظيم وأهميته، ومن هذه النصوص :
ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وصلم: ( ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)، وهذا الرفعة تشمل: أن يرفع شأنه، وذكره، وقدره، وكلها تدخل في معنى الرفع في الدنيا والآخرة، والله أعلم.
ومنها ما رواه مسلم أيضا عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد )، ويعني هذا أن يتواضع كل واحد للآخر، ولا يترفع عليه، بل يجعله مثله أو يكرمه أكثر.
ومنها ما رواه الترمذي عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ترك اللباس تواضعا لله، وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها ).
ومنها ما رواه البخاري عن حارثة بن وهب رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلى. قال صلى الله عليه وسلم: كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره ).
قال القاضي عياض: وقوله في أهل الجنة: (كل ضعيف متضعف)... هو صفة نفي الكبرياء والجبروت التي هي صفة أهل النار، ومدح التواضع والخمول، والتذلل لله عز وجل، وحض عليه.

شواهد وصور للتواضع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم :
ـ من تواضعه إردافه لأسامة معه على الحمار : عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف عليه قطيفة وأردف أسامة وراءه) رواه البخاري.
ـ من تواضعه عدم تميزه عن أصحابه في مجلسه : عن أنس بن مالك يقول: ( بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم أيكم محمد والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم فقلنا هذا الرجل الأبيض المتكئ) رواه البخاري.
ـ من تواضعه وقوفه مع امرأة في عقلها شيء تعترض طريقه لحاجة لها : عن أنس رضي الله عنه ( أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضى لك حاجتك . فخلا معها فى بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها) رواه مسلم.
ـ ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه إذا مر على الصبيان، سلم عليهم، عن أنس رضي الله عنه: ( أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ) متفق عليه.
ـ ومن تواضعه في بيته أن يكون في مهنة أهله فعن الأسود قال: (سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله -، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة) رواه البخاري.

وحياته صلى الله عليه وسلم حافلة بمثل هذه الصور والمواقف التي تجسد تواضعه في بيته أو خارجه، كل ذلك امتثالا لأمر ربه، وتخلقا بأخلاق القرآن التي وصفه الله بها، وعلى المسلم التحلي بذلك تأسيا به صلى الله عليه وسلم.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة