لفظ (الحسنى) في القرآن الكريم

0 689

لفظ {الحسنى} على وزن (فعلى) مأخوذ من مادة (الحسن) الذي هو ضد القبح، والمحاسن من الإنسان وغيره ضد المساوئ. 

ولفظ {الحسنى} ورد في القرآن الكريم في سبعة عشر موضعا، وجاء في مواضعه تلك بمعان مختلفة، نقف عليها تاليا: 

* (الحسنى) بمعنى الجنة، جاء على هذا المعنى قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى} (يونس:26) أي: الجنة، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء وفاقا. ومن هذا القبيل قوله سبحانه: {للذين استجابوا لربهم الحسنى} (الرعد:18) وقوله عز من قائل: {وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى} (الكهف:88) أي: أن لهم الجنة جزاء على إيمانهم وعملهم الصالح. ومنه أيضا قوله عز وجل: {ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى} (النجم:31) أي: ليجزي الذين أطاعوه فأحسنوا بطاعتهم إياه في الدنيا {بالحسنى} وهي الجنة، فيثيبهم بها. ومنه كذلك قوله تعالى: {وكلا وعد الله الحسنى} (النساء:95) أي: وعد الله الكل من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم، والقاعدين من أهل الضرر الجنة.

* {الحسنى} بمعنى السعادة، جاء وفق ذلك قوله عز وجل: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} (الأنبياء:101) عني بها السعادة السابقة من الله لهم. قال ابن زيد: {الحسنى} السعادة، قال: سبقت السعادة لأهلها من الله، وسبق الشقاء لأهله من الله.

* {الحسنى} بمعنى البنون والذكور من الأولاد، جاء وفق هذا المعنى قوله سبحانه: {ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى} (النحل:62) قال الطبري: {الحسنى} التي جعلوها لأنفسهم الذكور من الأولاد، وذلك أنهم كانوا يئدون الإناث من أولادهم، ويستبقون الذكور منهم، ويقولون: لنا الذكور ولله البنات.

* {الحسنى} بمعنى الخير للمسلمين، جاء بحسب هذا المعنى قول الحق تعالى: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى} (التوبة:107) قال المنافقون: لم نرد ببناء المسجد إلا الرفق بالمسلمين، والمنفعة والتوسعة على أهل الضعف والعلة ومن عجز عن المصير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه.

* {الحسنى} بمعنى التصديق بالخلف من الله على ما ينفقه الإنسان على الوجه الذي يرضاه سبحانه؛ جاء على هذا قوله تعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى} (الليل:5-6) أي: صدق المنفق في سبيل الله أن الله سيخلف عليه ما أنفقه في سبيله وابتغاء مرضاته. ووفق هذا المعنى أيضا قوله سبحانه: {وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى} (الليل:8-9) أي: كذب بوعد الله بالخلف على ما أنفق في سبيله، وابتغاء رضوانه. وذكر بعض أهل التفسير أن المراد بـ {الحسنى} في هاتين الآيتين: الجنة، لكن ما ذكرناه أولا هو اختيار الطبري.

* {الحسنى} بمعنى صفة الحسن التي هي ضد القبح، جاء على هذا قوله عز وجل: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} (الأعراف:180) سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى؛ لأنها حسنة في الأسماع والقلوب، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله. و{الحسنى} مصدر وصف به. ونحو هذا قوله سبحانه: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} (الإسراء:110) ومنه كذلك قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} (طه:8).

* {الحسنى} بمعنى وعد الله بالنصر والتمكين لعباده المؤمنين، جاء على هذا المعنى قول الحق سبحانه: {وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} (الأعراف:137) فـ (كلمته الحسنى) هنا المراد به النصر للمؤمنين والتمكين لهم في الأرض؛ بدليل قوله جل ثناؤه: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} (القصص:5-6).

* {الحسنى} بمعنى الغنى والمال، جاء بحسب هذا المعنى قوله عز وجل على لسان الكافر بأنعم الله وقد أصابته السراء بعد الضراء: {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} (فصلت:50) قال الطبري: وإن قامت القيامة، ورد هذا الكافر إلى الله حيا بعد مماته، يقول: إن لي عنده غنى ومالا. روي عن السدي في قوله تعالى: {إن لي عنده للحسنى} قال: غنى.

وبما تقدم يعلم أن لفظ {الحسنى} جاء أكثر ما جاء في القرآن الكريم بمعنى الجنة، وجاء بمعان أخر مستفادة من السياق الذي ورد فيه هذا اللفظ.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة