الإسلام يهدم ما قبله

0 650

 من رحمة الله بخلقه أن جعل دخولهم في الإسلام بعد الكفر والشرك، سببا لمحو وهدم جميع ما عملوه قبل ذلك، مهما كانت شناعة تلك الأعمال، وكذا المسلم العاصي إذا تاب توبة نصوحا محى الله عنه كل ذنب كان أصابه قبل ذلك، وجاء في ذلك أحاديث، ففي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدى، قال : ما لك يا عمرو! قال: قلت: أردت أن أشترط، قال : تشترط بماذا، قلت: أن يغفر لي، قال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله ).

وهذا الهدم والمحو مشروط بالإحسان بعد الإسلام، كما وضحه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( قلنا: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال : من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أوخذ بالأول والآخر) رواه البخاري ومسلم

وقوله ( يهدم ) أي : أنه يذهب أثر المعاصي التي قارفها حال كفره، وأما الطاعات التي أسلفها قبل إسلامه، فلا يهدمها لحديث حكيم بن حزام عند مسلم وغيره : ( أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت أمورا كنت أثخنت بها في الجاهلية هل لي فيها من شيء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أسلمت على ما أسلفت من خير

من فوائد هذا الحديث:  أن الإسلام يزيل ويمحو الكفر والذنوب من الرجل، سواء كانت الذنوب مظلمة إنسان من الدم والمال والقذف والغيبة وغير ذلك، أو كانت مما يكون بين العبد وبين الله تعالى من الزنى وشرب الخمر وغير ذلك من كبائر الذنوب، فمن أسلم رجع كيوم ولدته أمه فكما أنه لا ذنب لطفل صغير فكذلك لا ذنب لكافر وقت إسلامه.

وأما الهجرة من مكة إلى المدينة لله تعالى ورسوله قبل فتح مكة، والحج، فإنهما لا يزيلان ويمحوان حقوق العباد، بل تبقى المظلمة في ذمة الرجل وإن هاجر وحج حتى يؤديها إلى أصحابها، أو يستحل منهم.

وأما الذنوب التي تكون بين الرجل وبين الله تعالى، فما كان من الصغائر يزول ويعفى بالهجرة والحج قطعا، وما كان من الكبائر فهو تحت مشيئة الله تعالى، ولا يقطع بأنها تزول وتعفى بالهجرة والحج، بل يرجى أن تعفى بالهجرة والحج، ولكن لا يقطع بذلك .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة