- اسم الكاتب:بسام الصفدي
- التصنيف:خواطـر دعوية
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فهـذه عشر نصائح مختصرة لنفسي ولإخواني الخطباء اسأل الله أن ينفع بها ويكتب لها القبول:
1- أهم ما ينبغي لطالب العلم أن يعتني بتحقيقه، والحذر من نقيضه: الإخلاص، فإنه أصل التوحيد، ورأس الأعمال، وعليه تدور رحى القبول، والحديث أمام الناس، والتصدر للخطابة والوعظ والتذكير مظنة الفتنة، والإعجاب بالنفس، والنفوس بطبعها تميل إلى هذا وتحبه، فمجاهدة النفس في هذا الباب أول معارج التوفيق والقبول
2- اللحن في الخطبة معيب شائن، قبيح مستهجن، يزري بصاحبه، ويذهب برونق الخطبة وجمالها، فأقم لسانك، وجود بيانك، وتعلم العربية، فإنها مادة خطبتك وعمادها.
3- الخطبة أمانة، والخطيب مؤتمن، والناس يغشون المساجد في هذا اليوم لسماع ما ينفعهم ويصلحهم ويرقق قلوبهم، فبالله لا تخيب رجاءهم، أعد خطبتك، وتهيأ لها، وتدرب عليها، فما عادت الخطب المرتجلة تقيم حقا، أو تزهق باطلا، أو تصلح واقعا، أو تبني جيلا.
4- الخطابة شأنها كغيرها من الفنون، لا يبلغ المرء فيها شأوا حتى يأخذ نفسه بالجد والاجتهاد، والتدريب والممارسة، ومهما حصل الخطيب من علوم الخطابة وفنونها وضروبها وأساليبها فإنه لن يكون في مصاف الخطباء المــصاقع حتى يقلب لسانه ويروضه ويركض به في ميادين البيان.
5- أول ما يطرق أسماع الناس وقلوبهم في الخطبة مقدمتها وفاتحتها التي يدلف بها الخطيب إلى أصل الخطبة، فإن جودها وأتقنها ملك قلوب الناس، وصرف أنظارهم إليه، وإلا تركوه وخطبته، فإياك أن تهمل أمر الفاتحة هذا، وترتجل الكلام كيفما اتفق.
6- مقصود الخطبة الأعظم وعظ الناس، وتزكية نفوسهم، وتذكيرهم بالله واليوم الآخر، فكن من هذا على ذكر، وليكن قطب رحى خطبك، وإن اختلفت موضوعاتها.
7- أخي الخطيب: لن يقبل الناس قولك مهما زخرفته وزينته حتى يصاحبه العمل، "والمطابقة بين القول والفعل، وبين العقيدة والسلوك، ليست أمرا هينا، ولا طريقا معبدا، إنها في حاجة إلى رياضة وجهد ومحاولة، وإلى صلة بالله، واستمداد منه، واستعانة بهديه..". الظلال (1/86-87).
8- الخطيب الناجح هو الذي يقصد موضوعا بعينه فيتناوله بما يفيد المخاطبين، ولا يشتت نفسه ومستمعيه في موضوعات لا يتمم واحدا منها، ولا يفيه حقه، والنتيجة: أن يخرج المستمع بعمومات لا تشفي عليلا، ولا تروي غليلا.
9- الخطيب الذي ينشد الإبداع، ويطمح في تغيير واقع الناس حري به أن ينأى بنفسه عن سطحية الثقافة، وضحالة الاطلاع، وضبابية الفهم؛ وذلك أنه يواجه واقعا مؤلما، ضربت أطناب الانحراف في كل جانب من جوانبه، فتسلح أخي الخطيب بسلاح العلم والمعرفة، وكن جادا في بحثك واطلاعك، وإن استطعت أن تقرأ كتابا أو بحثا في موضوع خطبتك فافعل.
10- يقبح بالخطيب أن يشرق في الكلام ويغرب، ولا يعرج على آية من كتاب الله، أو حديث من أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الخطبة العرية من نصوص الوحيين لا روح فيها ولا حياة.
وإني موصيك بوصية عسى أن ينفعك الله بها:
احرص عند إيراد الشواهد والنصوص أن لا تكرر ما يقوله غيرك من الخطباء -ما أمكن-، فأكثرهم حين يخطبون في موضوع معين يتفقون على إيراد نفس الشواهد - مع أن في الباب ما هو ألصق بالموضوع منها، ولم يألف الناس سماعه -، والسبب في ذلك: قلة الاطلاع، وضعف الاستعداد، ونقل بعضهم عن بعض. فغص في الأعماق، واستخرج الدرر، فذلك أقوى في التأثير، وأطرد للملل، والله يتولانا وإياك.