تابعوا بين الحج والعمرة

0 360

شرع الله تعالى الحج على العباد وجعله ركنا من أركان الإسلام، وفرضه على كل مسلم في العمر مرة واحدة كما جاء في الخبر، وجعل من مغانم هذه العبادة العظيمة أن الحاج إذا أدى هذه الفريضة بشروطها، وأركانها، وواجباتها، وآدابها، عاد منها وقد غفرت ذنوبه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من حج هذا البيت فلم يرفث ، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) رواه البخاري.

وزاد على فريضة الحج عبادة أخرى لا تقل أهمية عنها وهي العمرة، وأمر بإتمامهما كما في قوله تعالى: ( وأتموا الحج والعمرة لله) ( البقرة/196)، ثم جعل الأداء والتكرار لها مكفر لما بينهما كما في الحديث ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) رواه البخاري ومسلم، وهذا ظاهر في فضيلة العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين.

وإذا اجتمع الحج والعمرة معا، أوتتابعا بأن يكون الحج ثم العمرة، أو العمرة ثم الحج كان ذلك أعظم أجرا، ولهذا مثل النبي صلى الله عليه وسلم أن من تابع بينهما كان ذلك سببا في نفي الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكثير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا في الجنة ) رواه الترمذي وغيره.

معنى الحديث:
يحث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على أداء فريضة الحج والاعتمار والتتابع بينهما، وذلك بأن يقاربوا بينهما إما بالقران، أو بفعل أحدهما بعد الآخر، لما فيهما من فضل وثواب، وهو نفي عن صاحبهما الفقر الظاهر بحصول غنى اليد، والفقر الباطن بحصول غنى القلب، ومحو الذنوب والمعاصي، كما ينفي الكير (وهو ما ينفخ فيه الحداد لاشتعال النار)  خبث الحديد أي: وسخه.

ومن فوائد هذا الحديث:
فيه حث لمن كان لديه قدرة وطاقة أن يكثر من الحج والعمرة، ويتابع بينهما.
أن العمرة تجوز في أي وقت من أوقات السنة، ولا تكره في شيء منها، ويجوز أن يعتمر في السنة أكثر من عمرة، ويستحب الإكثار منها.
فيه بيان أن التتابع بين الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد.
فيه بيان أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والمبرور أن يجتنب في حجه الرفث والفسوق والمراء، وأن لا يقصد بحجه رياء، ولا سمعة، وأن يطيب نفقته في الحج، وأن لا تكون من كسب حرام، فبذلك يتم بر حجه، ويتحقق له الثواب الجزيل وهو الجنة.
فيه جواز استعمال المثل والتشبيه لما فيه من وقع في الأسماع، وتأثير في القلوب.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة