- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:مقاصد السور
سورة (المنافقون) هي السورة الثالثة والستون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي السورة الثانية بعد المائة بحسب نزول السور، نزلت بعد سورة الحج، وقبل سورة المجادلة. والصحيح أنها نزلت في غزوة بني المصطلق، وقبل سورة الأحزاب. وفي "جامع الترمذي" عن محمد بن كعب القرظي (أنها نزلت في غزوة تبوك) وفيه أيضا عن سفيان: أن ذلك في غزوة بني المصطلق، وغزوة بني المصطلق سنة خمس، وغزوة تبوك سنة تسع. ورجح أهل المغازي والسير، وابن العربي، وابن كثير أنها نزلت في غزوة بني المصطلق، قال ابن عاشور: "وهو الأظهر؛ لأن قول عبد الله بن أبي ابن سلول: {ليخرجن الأعز منها الأذل} (المنافقون:8) يناسب الوقت الذي لم يضعف فيه شأن المنافقين، وكان أمرهم كل يوم في ضعف، وكانت غزوة تبوك في آخر سني النبوة، وقد ضعف أمر المنافقين". والسورة مدنية بالاتفاق. وعدد آياتها إحدى عشرة آية.
تسميتها
سميت هذه السورة في كتب السنة، وكتب التفسير (سورة المنافقين) اعتبارا بذكر أحوالهم وصفاتهم فيها. ووقع هذا الاسم في حديث زيد بن أرقم عند الترمذي قوله: (فلما أصبحنا، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين).
وروى الطبراني في "المعجم الأوسط" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة، فيحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين، فيقرع بها المنافقين).
ووقع في "صحيح البخاري" وبعض كتب التفسير تسميتها (سورة المنافقون) على حكاية اللفظ الواقع في أولها {إذا جاءك المنافقون} (المنافقون:1) وكذلك ثبتت تسميتها في كثير من المصاحف المغربية والمشرقية.
سبب نزولها
سبب نزولها ما روي عن زيد بن أرقم أنه قال: كنا في غزاة، فكسع رجل - الكسع: ضرب الدبر باليد، أو الرجل- من المهاجرين رجلا جهنيا حليفا للأنصار، فقال الجهني: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين: فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما بال دعوى الجاهلية} قالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: (دعوها فإنها منتنة) أي: اتركوا دعوة الجاهلية: يا آل كذا، فسمع هذا الخبر عبد الله بن أبي، فقال: أقد فعلوها؟! أما والله {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} (المنافقون:8) وقال: {لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} (المنافقون:7) من حوله، قال زيد بن أرقم: فسمعت ذلك، فأخبرت به عمي، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني، فحدثته، فأرسل رسول الله إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله، فقال عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله، وفي رواية: إلى أن كذبك، فلما أصبحنا قرأ رسول الله سورة المنافقين، وقال لي: (إن الله قد صدقك).
صلتها بما قبلها
جاءت هذه السورة بعد سورة الجمعة التي ذكر فيها المؤمنون؛ لأنها تحكي أحوال المنافقين الذين هم أعداء المؤمنين، أخرج سعيد بن منصور، والطبراني في "المعجم الأوسط" بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة، فيحرض بها المؤمنين، وفي الثانية سورة المنافقون، فيقرع بها المنافقين).
وقال أبو حيان في مجيئها بعدها: لما كان سبب الانفضاض عن سماع الخطبة ربما كان حاصلا من المنافقين، واتبعهم ناس كثير من المؤمنين في ذلك؛ لسرورهم بالعير التي قدمت بالميرة، إذ كان الوقت وقت مجاعة، جاء ذكر المنافقين وما هم عليه من كراهة أهل الإيمان، وأتبع قبائح أفعالهم بقبائح أقوالهم.
مقاصد السورة
ثضمنت سورة (المنافقون) على جملة من المقاصد، نوضحها وفق التالي:
- تكذيب المنافقين في دعوى الإيمان، وفي أيمانهم التي أيدوا بها زعم إيمانهم، وما هم إلا كافرون في الحقيقة، صادون عن سبيل الله، وبينت أنهم آمنوا، ثم كفروا مصرين على كفرهم، فطبع الله على قلوبهم، وأغلقها عن قبول الحق.
- بينت أن ظاهرهم يخالف باطنهم، فإن رأيتهم أعجبتك أجسامهم، وحسبت أنهم أهل نجدة وهمة وصدق، ولكنهم في الحقيقة جبناء، يحسبون كل صيحة عليهم، فيجزعون لها.
- بينت السورة أنهم هم العدو، وحذرت الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، وبينت أنهم لا يهمهم ما يثار ضدهم من ربهم من النفاق، فهم إذا قيل لهم: {تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم} (المنافقون:5) واستكبروا.
- أوضحت السورة أن الله تعالى لن يغفر لهم نفاقهم، سواء استغفر لهم الرسول، أو لم يستغفر لهم، وبينت أنهم الذين يقولون: {لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} (المنافقون:7) وأنهم هم الذين يقولون: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} (المنافقون:8).
- ختمت السورة بنهي المؤمنين عن أن تلهيهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله، وتحريضهم على أن ينفقوا في سبيل الخير مما رزقهم الله، وأن يعجلوا بذلك قبل أن تأتيهم آجالهم، فيندموا على عدم العمل لأنفسهم قبل أن يجيء أجلهم.
وفي الجملة، فإن مقصود السورة التحذير مما يخرم الإيمان من الأعمال الباطنة، والترهيب مما يقدح في الإسلام من الأحوال الظاهرة، بمخالفة الفعل للقول؛ فإنه نفاق في الجملة، فيوشك أن يجر إلى كمال النفاق، فيخرج من الدين، ويدخل في الهاوية.