- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:كتب قرآنية معاصرة
اعتنى أهل العلم بقضية توثيق نقل القرآن، وبالرغم من كثرة ما كتب حول النقل الخطي، فقد قل تناول قضية النقل الشفهي وعلاقته بوثاقة نقل النص، ويعد كتاب (وثاقة نقل النص القرآني من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته) للأستاذ الدكتور/ محمد حسن حسن جبل، من الكتب المهمة التي تناولت هذه القضية بشمولها، وهذه المقالة تتناول التعريف بهذا الكتاب، فتستعرض محتوياته، وتبين أهدافه وإشكالته، وتذكر أهم مزاياه.
لا يخفى على أحد مدى عناية علماء المسلمين بتوثيق وقوع النقل الصحيح للنص القرآني الشريف من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة نقلا مباشرا ودقيقا.
والناظر الفطن يلحظ حضور هذه القضية في كثير من الدراسات القرآنية: كتاريخ المصحف، وعلم الرسم المصحفي، وتاريخ علم القراءات...إلخ؛ وذلك لأهميتها وتشعبها.
بيد أن هذه العناية كانت منصبة بشكل رئيس على بيان سبيل النقل الخطي والكتابي للنص الكريم، ولم ينتبه لسبيل النقل الشفهي وأهمية توظيفه في خدمة هذه الإشكالية إلا بعض ممن عرضوا لفكرة الطبقات؛ كابن الجزري، والذهبي.
وبالرغم من هذا الحضور الكبير، إلا أن المتأمل في المكتبة القرآنية يلحظ ندرة الظفر ببحث يبرز سبيل وثاقة نقل النص الكريم، ولا سيما النقل الشفهي؛ فيؤصل له، ويفصل صوره، ويوثق جزئياته، ويبين مدى أثره، ويجمع بين رافدي (النقل الكتابي، والنقل الشفاهي) في آن واحد.
وتأتي أهمية هذا الكتاب بأنه سد هذه الثغرة؛ حيث عرض لفكرة الجمع الشفهي بصورة موسعة، ومزجها بجانب التواتر الخطي؛ لإثبات انتقال النص القرآني بين الأجيال دون تحريف، أو تبديل.
ومن ثم فالكتاب محاولة جديدة وشديدة الندرة في إثبات سلامة وصول النص القرآني إلينا من خلال فكرة النقل الشفهي للقرآن الكريم، وهو ما يجعل من قراءته والنظر في طرحه أمرا له وجاهته وأهميته.
والناظر للكتاب يرى أنه لم يعالج الوثاقة من جانب الشفاهة فحسب، وإنما تناول التدوين الكتابي كذلك.
محتويات الكتاب
اشتمل الكتاب على مقدمة وبابين، وخاتمة:
أما المقدمة فقد احتوت على هدف الكتاب، والأسباب الداعية لتأليه، وإشكاليته، ومنهج معالجته لموضوعه.
الباب الأول احتوى على عشرة فصول، بحث المؤلف فيها سبل النقل الشفاهي للقرآن الكريم؛ فتعرض لتعريف التلقي، والإقراء، والعرض، وذكر أسماء العارضين على النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، والمستدركين منهم، وجمع صور تبليغ النص القرآني شفاهيا بغير عرض، وتناول أسماء الذين استظهروا القرآن في حياته صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر طبقة مقرئي العامة، وتناول استفاضة القرآن في الأمة، وذكر الأئمة العشرة وأسانيدهم، ومعنى نسبة القراءة إليهم، وختم بتساؤلات عن سر تعدد القراءات ومداه.
واحتوى الباب الثاني على أربعة فصول، درس المؤلف فيها وثاقة القرآن الكريم بالتدوين الخطي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جمعه في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ثم نسخه في عهد عثمان رضي الله عنه، وختم الباب بمسائل متعلقة بالمصاحف.
أما الخاتمة فقد ذكر فيها المؤلف ما أفرزه البحث من سبيلين علميين لتواتر نقل النص القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمته.
هدف الكتاب
ذكر المؤلف في مقدمة كتابه أن هدفه من الكتاب تزويد المسلم بحجة علمية راسخة توثق وقوع النقل الصحيح للنص القرآني من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة نقلا مباشرا، ودقيقا، وتفصيل صور هذا النقل، وتوثيقها؛ ليكون الباحث المسلم مسلحا بالأداة العلمية في مواجهة الذي يطعنون في القرآن من هذا الجانب.
إشكالية الكتاب
تتمحور إشكالية الكتاب حول قضية وثاقة النص القرآني، ووصوله من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته. والإشكالية بهذه الصورة جعلت المؤلف يتناول موضوع كتابه من جانبين أساسيين، هما: سبيل التوثيق الشفاهي، والتوثيق الخطي الكتابي.
وسبل النقل الخطي تناوله كثير من المؤلفين، بيد أن سبيل النقل الشفاهي فهو الجديد الذي لم يتناوله غيره بالكيفية التي تناولها.
أبرز مزايا الكتاب
تتجلى مزايا الكتاب في النقاط التالية:
- يعد الباب الأول أبرز مزايا الكتاب؛ لأن المؤلف تعرض فيه لطرق انتقال النص الشفهي بطريقة فريدة ونادرة.
- عمق تناوله للمسائل التي تناولها وتحريرها، وظهور شخصية الكاتب، وضح ذلك في أكثر من موطن، كاستدراكه على الذهبي بعض الأسماء في الطبقتين: الأولى والثانية.
- بعض الإضافات العلمية القيمة التي لم يسبق إليها؛ كذكره صور تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن إسماعا بلا عرض، ومحاولة حصر أسماء مقرئي العامة، وترتيبها حسب التفوق في هذا النوع من الإقراء.
- التركيز الشديد، والبعد عن الاستطراد، وسهولة اللغة، وحسن توظيف النصوص، وتسلسل الفصول.
- تقديم سبل النقل الشفاهي على النقل الخطي، كل ذلك ساعد على إيصال هدف الكتاب إلى القارئ.
ملاحظات على الكتاب
مما يلاحظ على الكتاب التالي:
- عدم اطراد منهجية التعريفات عند الكاتب؛ فعند تعريفه لمصطلح (العرض) ذكر التعريف اللغوي والاصطلاحي، وحلل وناقش. لكنه عند تعريفه لمصطلح (التلقي) تتبع اللفظ في القرآن فحسب، وكان الأجدر أن ينطلق من التعريف اللغوي أولا، وعند تعريفه لمصطلح (الإقراء) لم يذكر تعريفا لغويا ولا اصطلاحيا، إنما ذكر المراد من هذا المصطلح.
- خلو الكتاب من ذكر قائمة بأسماء المراجع والمصادر، علما بأن الكتاب زاخر بمصادر كثيرة، ومراجع متنوعة.
وعلى الجملة، فالكتاب حقق هدفه، وفتح آفاقا جديدة للولوج إلى إعادة دراسة طبقات القراء من زوايا أخرى.
صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عن دار الصحابة بمحافظة طنطا بمصر سنة (2001م) وبلغت عدد صفحاته (256) صفحة.
* مادة المقال مستفادة من موقع (مركز تفسير للدراسات القرآنية).