حدث في مثل هذا الأسبوع (9- 15 رمضان)

0 497

وفاة الشيخ العلامة أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي 9 رمضان 1434هـ (2013م)
الشيخ أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي عالم موسوعي من موريتانيا، تشرف بالتدريس في الحرم المكي والمسجد النبوي خلال رحلته الطويلة في خدمة العلم والدين.
عالم جليل القدر، إمام في الزهد والورع وحسن الديانة، أعرض عن الدنيا واشتغل بنشر العلم في الحرمين حتى وفاته.
كان رحمه الله موسوعة علم وأدب وتاريخ، وله يد طولى في الفقه والأصول واللغة والأنساب والسيرة، وكان له أسلوب بديع في سرد أحداث السيرة يندر وجوده عند غيره، يجذب المسامع ويأسر القلوب حتى كأنك تحضر الوقائع.
قدم للحج عام 1374هـ ولزم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وسافر معه للرياض وصار من أخص تلاميذه وأكثرهم انتفاعا بعلمه وحصل على الجنسية السعودية.

اسمه و نشأته

أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار الجكني الشنقيطي، الشهير بـ أحمد بن أحمد.
ولد حوالي عام 1344هـ في منطقة "الركيبه" في الجنوب الموريتاني، وعاش بين أبويه إلى أن بلغ سن التعليم، وكان والده إذ ذاك رئيس قبيلته، ورئيس المحاكم الشرعية، وكان الاستعمار الفرنسي يشدد وطأته على الرؤساء لأخذ أبنائهم للتعليم؛ فبسبب ذلك دفعه والده لتعليم اللغة الفرنسية، وذهب إلى محلة تسمى أبا تيلميت؛ حيث مقر الدراسة هناك، واستمر في تلك الدراسة حتى أنهى المرحلة الابتدائية.
توفي والده -عليه رحمة الله-، وبقي يتيما، ولكن كانت له همة عالية حملته على النبوغ المبكر.

ولما بلغ وأدرك أنه من أسرة ذات علم أقبل على التعليم وانقطع له، فذهب إلى محضرة مشهورة هناك تسمى: محضرة أسرة أهل ديدي؛ فلازم بها الفقيه سيدي جعفر بن سيدي محمد بن سيدي جعفر بن سيدي علي المشهور بـ "ديدي" الإدريسي، ولم يزل في تلك المحضرة حتى قرأ مختصر خليل، وأعاده ثانيا، وقرأ القواعد المعروفة عند المالكية بقواعد الفقه وهي:المنهج للإمام الزقاق، وتكميله لـ: مياره؛ كلاهما مالكي.
ولما انتهى من الدراسة بدأ يحاول التجارة فلم تصلح له، وسافر سنة 1374هـ الموافق 1954م إلى الحجاز، وأدى فريضة الحج، ثم لزم الشيخ محمد الأمين صاحب تفسير أضواء البيان مدة طويلة، وسافر معه إلى الرياض فأحسن صحبته، وصار من أخص تلاميذه وأكثرهم انتفاعا بعلمه وأخذ عنه العلوم الشرعية والعربية.

حياته العملية
ظل في المملكة العربية السعودية وعمل في وزارة الإعلام بجدة في قسم الاستماع لنشرات الأخبار العالمية، وكان متخصصا في كتابة التقارير عن النشرات الفرنسية في براعة وإتقان.
ثم بعد أن استقلت موريتانيا من تحت يد المحتل الفرنسي، تاقت نفسه إلى رؤية مسقط رأسه بعد تحرره من المحتل الغاشم، فذهب إلى موريتانيا وشغل فيها عدة وظائف في وزارة الخارجية، ثم بدا له أن يترك ذلك ويرجع إلى الوطن الثاني، فعاد إلى الحجاز.

وفي سنة 1389 هــ نقل للحرم المكي مدرسا فيه، ثم عــين مدرسا بالمعهد في الحرم المكي، ومن أهم ما أسند إلى الشيخ تدريسه: أصول الفقه، وأصول التفسير، وألفية ابن مالك، وكان ممتلئا علما، ولم يزل بالحرم مدرسا إلى سنة 1408 هـ؛ حيث تقاعد.
ثم قام بعد ذلك بالتفرغ الكامل للتدريس والتعليم في المسجد النبوي على مدى سنوات طويلة، لقد بذل حياته ــ يرحمه الله ــ للعلم والعطاء وعمل الخير كان مجلس تدريسه عند مكتبة الحرم النبوي (القديمة) وعينته رئاسة الحرمين مفتيا للزوار والحجيج والمعتمرين بالحرم وكان -رحمه الله- ملازما للمسجد النبوي الشريف طوال حياته التي قضاها بالمدينة المنورة.
وكثير من أئمة الحرم المكي والمدني هم من تلامذة الشيخ في فرع علم أو فن من فنونه.

مؤلفاته
وللشيخ عدة مؤلفات منها:
1- مواهب الجليل من أدلة خليل في أربعة مجلدات وهو كتاب خدم فيه الشيخ فقه المالكية بالتدليل لمختصر خليل، وهو من مطبوعات دولة قطر إدارة إحياء التراث الإسلامي بعناية الشيخ الأنصاري رحمه الله عام 1403 هـ ،1983م.

2- التعليق والتحقيق وتكملة شرح نظم عمود النسب، يذكر أن نظم عمود النسب الشريف ونسب الأنصار وأنساب العرب وأخبارها في أيام الجاهلية والإسلام هو للعالم أحمد البدوي بن محمدا المجلسي الموريتاني وهو يتكون من 1200 بيت.
وقام بشرح هذا النظم الشيخ حماد بن الأمين المجلسي الموريتاني وهو ابن أخي الناظم وسمى شرحه "تحفة الألباب شرح الأنساب" وتولى الشيخ أحمد المختار الجكني الشنقيطي التحقيق والتعليق على هذا الشرح وسمى تعليقه "التعليق الصواب على تحفة الألباب" ولأن الشرح لم يكتمل فأكمل شرح المنظومة بالمجلد الثالث وسماه "إكمال تحفة الألباب شرح الأنساب"،والكتاب بمجلداته الثلاثة من مطبوعات إدارة إحياء التراث بدولة قطر1405هـ، 1985م.

3- قطوف الريحان من زهر الأفنان شرح حديقة ابن الونان، ومن طالعه عرف علم الشيخ بالأدب.

4- إعداد المهج للاستفادة من المنهج في قواعد الفقه المالكي، وهو ترتيب لشرح الشيخ محمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني الشنقيطي على نظم علي بن قاسم الزقاق التجيبي المعروف بـالمنهج المنتخب الى قواعد المذهب، طبع إدارة إحياء التراث قطر بعناية الشيخ الأنصاري عام 1403هـ، 1983م.

5- وسائل القبول ونيل المأمون بشرح نظم أم الخيرات لخصائص الرسول صلى الله عليه وسلم وهو شرح لمنظومة عمته أم الخيرات بنت أحمد المختار الشنقيطي في خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم، طبع قطر إدارة إحياء التراث الإسلامي 1409هـ،1989م.

6- شرح مراقي السعود للعلامة محمد الأمين الشنقيطي المطبوع باسم "نثر الورود" استملاه وجمعه تلميذه: أحمد بن محمد الأمين بن أحمد الشنقيطي.

7- "الدعوة إلى الله، على ضوء الوحي" طبع دار غراس.

8- ومن آخر مؤلفاته وأوسعها انتشارا كتابه "مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي" رحمهما الله، طبع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
9- نظم يبلغ ثمانمائة بيت في البلاغة.
10- نظم في أمهات النبي - صلى الله عليه وسلم –.
11- شرح على لامية الأفعال

وفاته:

توفي الشيخ - رحمه الله- بمدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجمعة 9 رمضان 1434هـ،عن عمر ناهز 90 عاما، وصلي عليه فجر الجمعة في المسجد النبوي الشريف ودفن في مقبرة البقيع وسط مشاركة الآلاف من أهالي المدينة المنورة والمقيمين يتقدمهم عدد كبير من العلماء المشايخ وطلاب العلم، وقد كان يتمنى أن يدفن في البقيع، فنال ما تمنى شرف الموت ليلة الجمعة في شهر رمضان ودفن بجوار النبي عليه الصلاة والسلام بالبقيع رحمه الله وأحسن إليه.
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة