- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:الحديث الشريف
التشدد والتعمق والغلو في الدين بالانهماك في العبادات والطاعات مع حرمان البدن حقه من الراحة والاستجمام والتنعم بالطيبات التي امتن الله تعالى بها على عباده – أمر يرفضه الإسلام ولا يرتضيه؛ فإن الإسلام دين العدل والوسطية.
والمتأمل في أحكام الإسلام وتشريعاته يجد أنها تغطي كافة جوانب الحياة ومتطلباتها بتوازن واعتدال، دون أن يطغى جانب على آخر، ولا يحيف حق على حق.
والذي ينظر في نصوص الكتاب والسنة يجد التحذير الشديد والوعيد الأكيد لمن خالف وتشدد وتعمق وتنطع، ومن ذلك قول الله تعالى ذاما النصارى: ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) [الحديد/ 27]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) رواه أحمد، وقوله: ( هلك المتنطعون) قالها ثلاثا، يعنى : المتعمقين المجاوزين الحدود في أقوالهم أفعالهم، والحديث رواه مسلم، وقوله: ( لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديار) رواه أبو داود، وقوله: ( إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) رواه البخاري، وقوله: ( اكلفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله عز وجل لا يمل حتى تملوا) رواه أحمد.
وبين أيدينا حديث لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيه التأكيد على هذا المعنى، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ( جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبروا كأنهم تقالوها [أي: عدوها قليلة]، فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا [أي: دائما دون انقطاع]، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر [أي: أواصل الصيام يوما بعد يوم]، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).
قصة الحديث:
لقد كان الصحابة أحرص الناس على الخير، وكانوا يلتزمون هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدون به، وكانوا يرون توسطه واعتداله في العبادات.
ومما نلمحه من فوائد هذا الحديث أن مخالفة هدي محمد صلى الله عليه وسلم والتشدد والتعمق والمغالاة في التعبد يؤدي إلى الإخلال بباقي الحقوق والالتزامات التي أمر الله تعالى بمراعاتها، والتي منها حقوق الزوجات والأبناء.