حدث في مثل هذا الأسبوع ( 23 - 29 رمضان)

0 444

وفاة علامة قطر وقاضيها الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود 28 رمضان سنة 1417 هـ (1997 م): 
الشيخ عبد الله بن زيد علامة قطر، وقاضي قضاتها، وخطيب مسجدها الأكبر، وأول رئيس لمحاكمها الشرعية، وشئونها الدينية. 
فقيه مجتهد وعالم محقق وداعية رائد في تحبيب الناس للخير ودلالتهم عليه ،أدى الشيخ دورا مهمـا وفاعـلا في الحياة العلمية و الدينية والاجتماعية في قطر لمدة زمنية طويلة.
كان رحمه الله قاضيا ومفتيا، وكان يلقي الدروس، ويتولى مهمة الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان يشرف على المساجد والأوقاف وما يتعلق بها من موظفين وخدمات، وكان يلقي خطبة الجمعة والأعياد، ويشرف على أموال اليتامى والقاصرين، ويتولى تنميتها، ويقسم التركات، ويزور القرى البعيدة لتفقد أحوالها، ويكتب للحاكم أو الأجهزة المختصة للمطالبة بخدمة أو إنصاف مستحق أو مساعدة محتاج، ويستقبل الوفود والضيوف، ويساعد المحتاجين من داخل البلاد وخارجها، وقد سماه الناس "أبو المساكين"، و"أبو اليتامى" لما يرون له من أياد بيضاء في مساعدتهم.
اهتم الشيخ رحمه الله بالعلم، دراسة وتعليما وتأليفا وقضاء، وكانت أولى رسائله حول إصلاح التعليم، وهي: "إدخال التعديل على مناهج الدين ومدارس التعليم" التي طبعت أكثر من طبعة، وقد رأى أن هناك حاجة لإنشاء معهد ديني لتدريس الشباب الذين تحتاجهم البلاد وبعض البلدان المجاورة، فاقترح على الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني ـ حاكم البلاد في ذلك الحين- إنشاء معهد ديني في الدوحة لخدمة طلبة العلم، فوافق على ذلك، وكلف الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود بالإشراف على المعهد وتولي شؤونه.
وكان دؤوبا على الاستزادة من العلم، ولم يمنعه القضاء من العكوف على أمهات الكتب والمراجع، كما كان له مجلس علم يحضره الكثير من طلبة العلم الذين يدرسون على يديه التفسير والحديث والفقه وكتب السير والتاريخ والتراجم، كما تميز رحمه الله بسعة الفقه، والتيسير على الناس في العبادات، مع الحرص الشديد على سلامة العقيدة، والبعد عن البدع والخرافات.
يعتبر الشيخ عبد الله بن زيد بحق مؤسس القضاء الشرعي في قطر، فقد وضع نظام تسجيل الأحكام والقضايا، وتطورت المحاكم، وزاد عددها إلى ثلاث محاكم شرعية، كما أسس دائرة الأوقاف والتركات عام 1380 هـ (1960 م) التي عنيت بإنشاء المساجد وصيانتها، وحفظ الأوقاف، ورعاية أموال اليتامى، واستثمارها، كما كان يتلقى الاستفسارات في القضايا الدينية والفقهية من داخل قطر وخارجها وقد اشتهر في قضائه بتحري العدل والنزاهة، وكان لا يفرق في قضائه بين كبير وصغير فالجميع أمام الحق سواء، ويتناقل الناس كثيرا من المواقف التي حكم فيها لصالح أشخاص ضعاف ضد شيوخ ووجهاء.

اسمه ونسبه:
" عبد الله بن زيد بن عبد الله بن محمد بن راشد بن إبراهيم بن محمود " ينتهي نسبه إلى الأشراف من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. 
مولده ونشأته: 
ولد الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود بحوطة بني تميم في نجد عام 1329هـ، وقد نشأ بها في كنف والديه، وقد توفى أبوه ولم يبلغ الشيخ عبد الله سن الرشد، فتولى رعايته خاله حسن بن صالح الشثري، وقد سمت همته لطلب العلم منذ الصغر، فتلقى العلم على عدد من مشايخ الحوطة، وكان قد بدأ بالقرآن الكريم فحفظه وهو صغير، وبدأ بدراسة العلم مع ما موهبه الله من استيعاب ذهني؛ حيث فاق زملاءه في الطلب ، وتقدم إمامـا على جماعته في الصلاة والتراويح، ولم يتجاوز سنه الخامسة عشرة.
وقد وفق لطلب العلم على عدد من أئمة الدعوة السلفية فأخذ عنهم العلم الشرعي، ومنهم :
1- مفتي الديار السعودية العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ المتوفي سنة 1389هـ. 
2- العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع المتوفي سنة 1385هـ. 
3- الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المتوفي سنة 1387هـ وهو الشهير بأبي حبيب. 
4- الشيخ عبد الملك بن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك بن حسين آل الشيخ.

أعماله:

تولى الوعظ والتدريس بالمسجد الحرام بتكليف من مفتي المملكة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وقد مكث ما يقرب من سنة في مكة، ثم رحل إلى قطر لتولي القضاء فيها بعد أن رشحه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع بمباركة من الملك عبد العزيز آل سعود ، والشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني. 
وقد باشر عمله بالقضاء والخطابة والتدريس منذ وصوله إلى قطر، وحتى وفاته رحمه الله. 
مؤلفاته:
كتب الشيخ ما لا يقل عن ثمانين مؤلفا في مختلف المواضيع، تم جمع أغلبها في كتاب " مجموعة رسائل وخطب الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود" الذي طبع عدة مرات، آخرها طبعة وزارة الأوقاف القطرية في ثمانية مجلدات، وقدم لها مفتي المملكة الشـيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشـيخ.
وكانت أول مؤلفاته صدورا هي رسالة "إدخال الإصلاح والتعديل على معاهد الدين ومدارس التعليم"، ثم تلتها رسالة ’يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام‘ التي أفتى فيها برمي الجمار قبل الزوال وفي الليل والتي أثارت ضجة كبيرة في حينها.
ألف ـ رحمه الله ـ الكثير من الرسائل والكتب المهمة، تناول بعضها اجتهاداته في الأمور الشرعية، ومن أهم هذه المؤلفات:
- الحكم الجامعة لشتى العلوم النافعة.
- أحكام عقود التأمين.
- الإيمان بالقضاء والقدر.
- عقيدة الإسلام والمسلمين.
- الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الأضحية.
- الإصلاح والتعديل لما وقع في اسم اليهود والنصارى من التبديل.
- وجوب الإيمان بكل ما أخبر به القرآن من معجزات الأنبياء.
- يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام.
- تحقيق البعث بعد الوفاة.
- الرسالة الموجهة إلى علماء الرياض في تحقيق القول بجواز رمي الجمار قبل الزوال.
- التحذير من انحراف الشباب.
- لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر.
- واجب المتعلمين والمسؤولين في المحافظة على أمور الدين.
- حكم اللحوم المستوردة وذبائح أهل الكتاب.
- حكم الطلاق السني والبدعي.
- قضية تحديد الصداق.
- الحكم الشرعي في إثبات رؤية الهلال.
- كتاب الصيام.
- بدعة الاحتفال بالمولد.
- الجهاد المشروع في الإسلام.
- أحكام مناسك حج بيت الله الحرام.
وغيرها من الكتب.
وفاته :

انتقل الشيخ إلى جوار ربه - بعد فترة تزيد على سنة من لزومه الفراش- في حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس، وذلك في اليوم الثامن والعشرين من رمضان من عام 1417هـ، الموافق للسادس من فبراير لعام 1997م عن عمر ناهز التسعين عاما، وتم غسله وتجهيزه في بيته، والصلاة عليه بعد عصر ذلك اليوم في جامع الدوحة الكبير، الذي طالما شهد صولاته وجولاته على منبره، وقد أم المصلين للصلاة عليه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي وقد حضـر الصـلاة عليه جمع غفير من المشيعين، على رأسهم أمير البلاد حينذاك سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وشيوخ آل ثاني الكرام، والوزراء، والوجهاء، وأبناء البلاد، والمقيمون والمحبون لفضيلته، ثم شيعت جنازته إلى مقبرة مسيمير في جنوب الدوحة.
رحم الله الشيخ وغفر له، وكتبه في المحسنين، وحشره مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة