كتاب: التأليف المعاصر في قواعد التفسير

0 426

في إطار الاهتمام المعاصر بقواعد التفسير والتأصل لها تأتي دراسة بعنوان (التأليف المعاصر في قواعد التفسير: دراسة نقدية لمنهجية الحكم بالقاعدية) نخصص السطور التالية للتعريف بهذه الدراسة من حيث: إشكاليتها، وأهدافها، ومحدداتها، ومحتوياتها، ونتائجها.

إشكالية الدراسة

تتمثل إشكالية الدراسة في أن علم التفسير -كما يثبته تاريخه- لم يحظ بجهد متتابع في بناء قواعده، فلم تنتظم أصوله الكلية في سلك يجمعها، ولم تتركب قواعده الكلية الاستقرائية في مؤلفات تضبطها، وأن هذا الحال كان هو النسق السائد حتى ظهور التأليف المعاصر في قواعد التفسير، والذي كثرت عنايته بالقواعد، وتغازرت كتابته فيها، وصار لقواعد التفسير بعده شأن آخر، فقد ضبط مفهوم قواعد التفسير، وأرسى أصول الكتابة فيها، وخرج من رحمه عدد كبير جدا من القواعد التي نسبها للتفسير وأدخلها ساحته؛ ولذا كان هذا التأليف حريا بتسليط الضوء على حكمه بقاعدية القواعد التي أوردها ومسالكه في تقرير هذه القاعدية.

أهداف الدراسة

عملت الدراسة من خلال جملة أهداف تمثلت فيما يلي:

1- تبين المعالم المنهجية للتأليف المعاصر في بناء الحكم بقاعدية قواعد التفسير، وتسليط الضوء على تلك المنهجية بما يبرز ركائزها وأركانها التي تتشكل منها.

2- تقويم منهجية التأليف المعاصر في بناء الحكم بقاعدية قواعد التفسير، بما يبرز مواطن قوتها وضعفها.

3- بيان الموقف المنهجي من قواعد التفسير التي وضعها التأليف المعاصر، وتحرير مدى صحة الحكم بقاعديتها.

4- إذكاء الدراسات النقدية في هذا الباب الجليل من العلم، وتعبيد الطريق للمزيد منها.

5- استكشاف واقع الدراسات القرآنية في باب من أجل أبوابها.

6- إثراء ساحة الدراسات الشرعية بأعمال منهجية تفيد الباحثين بغض النظر عن تخصصاتهم والمجالات المعرفية التي ينتسبون إليها.

محددات الدراسة

عملت الدراسة من خلال جملة محددات، ففيما يتعلق بالفترة الزمنية التي عملت من خلالها، فقد تجسدت -لاعتبارات منهجية معينة- في التآليف في القواعد المندرجة في الفترة منذ العام (1997م) الموافق عام (1417هـ). وأما المحدد الموضوعي فقد التزمت الدراسة بالمؤلفات المعاصرة المسماة بـ (قواعد التفسير) سواء أكانت عنونتها بذلك بصورة مطلقة أم مقيدة.

وقد اختارت الدراسة -لجملة اعتبارات منهجية- التقيد ببعض المؤلفات، والتي بلغ عددها (15) مؤلفا، جاءت كلها رسائل أكاديمية، وقد راعت الدراسة في هذه المؤلفات أن تكون ممثلة لأقدم التآليف في القواعد، وأكثرها شهرة، وكذلك أن تكون ممثلة لنتاج أبرز المؤسسات البحثية في العالم العربي والإسلامي.

محتويات الدراسة

جاءت الدراسة في أربعة فصول، تسبقها مقدمة، وتتلوها خاتمة؛ أما المقدمة فكانت لبيان أهمية الدراسة وإشكاليتها، واستعراض الدراسات السابقة، ومحددات الدراسة وصعوباتها...إلخ.

أما الفصل الأول فقد عالج (التأليف المعاصر في قواعد التفسير؛ معالمه، ومنهجيته، وجذوره) وحوى ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: العرض الوصفي لمؤلفات قواعد التفسير.

المبحث الثاني: منهجية التأليف المعاصر في الحكم بالقاعدية؛ عرض وبيان.

المبحث الثالث: التأليف المعاصر في قواعد التفسير؛ الجذور والعلاقات.

وجاء الفصل الثاني حول (منهجية التأليف المعاصر في الحكم بالقاعدية؛ نقد وتقويم) وفيه مبحثان:

المبحث الأول: دعوى تقرر قواعد التفسير؛ نقد وتقويم.

المبحث الثاني: المؤلفات وتقرر القواعد؛ نقد وتقويم.

ودار الفصل الثالث حول (منطلقات التأليف المعاصر في الحكم بالقاعدية؛ النشأة والآثار) وجاء فيه مبحثان:

المبحث الأول: تقرر قواعد التفسير؛ النشأة والتشكل.

المبحث الثاني: تقرر قواعد التفسير؛ الآثار والانعكاسات.

وأما الفصل الرابع والأخير فجاء حول (إشكالات منهجية في مؤلفات قواعد التفسير).

وقد ذيلت الدراسة بملحق مطول حول (مفهوم قواعد التفسير بين السبق والوجود السابق) والذي استعرض التآليف فيما قبل التأليف المعاصر، وبين الموقف من مفهوم قواعد التفسير فيها.

نتائج الدراسة

خلصت الدراسة إلى نتيجة مركزية، تمثلت في أن التأليف المعاصر خطا خطوا جديدا، لم يسبق إليه في تاريخ قواعد التفسير، فادعى أن علم التفسير حظي بتركيب قواعده الكلية الاستقرائية، وتقريرها عبر الزمان، غير أنها بقيت متناثرة، فانتصب لجمعها وترتيبها، إلا أن هذا الخطو من التأليف المعاصر، لم يتأسس على منهج واضح المعالم مكتمل الأركان يمكن قبوله، أو التتابع عليه وإتمامه، بل كان خطوا مشكلا كله في مداخله ومنطلقاته، ومعاكسا تماما لواقع التفسير، وطرائق النظر اللازم لبناء قواعده، كما كان خطوا طابعه العام الاعتماد على الذوق الشخصي لكل مؤلف في اختيار المصادر، وفي استخلاص القواعد، وفي الحكم بقاعديتها، وفي نسبتها للتفسير، أو المفسرين؛ ولذا فلا يصح -وفق منطلقات المؤلفات نفسها- الحكم بقاعدية كافة القواعد الواردة في مؤلفات قواعد التفسير، ولا نسبتها للتفسير، ولا يصح الاعتداد بها في شيء من ذلك، ولا التأسيس عليها في القول بأن قواعد التفسير الكلية الاستقرائية تم تركيبها وبناؤها وتقريرها.

وأما النتائج التفصيلية للدراسة، فتمثلت في ثلاث عشرة نتيجة، وهي:

1- مغايرة التأليف المعاصر في قواعد التفسير للمؤلفات السابقة عليه في حركة التأصيل والتقعيد للتفسير، ومباينته لها مفهوما ومضمونا ومسلكا، وعدم وجود قاسم مشترك يجمعها.

2- كثر النشاط والتأليف تحت عنوان (قواعد التفسير) في القرن الخامس عشر الهجري بشكل غير مسبوق في بقية القرون.

3- لم يتحدد لمصطلح (قواعد التفسير) عبر التاريخ مفهوم واحد، يحصل التتابع والتوارد عليه من قبل من تصدى لها بالتأليف والتصنيف قبل التأليف المعاصر.

4- أول ظهور لتعريف (قواعد التفسير) كان في القرن الخامس عشر الهجري في بعض التآليف التي قارنت ظهور التأليف المعاصر، حيث ظهر في كتابي: (رسالة في قواعد التفسير) لـ شاكر البدري، و(فصول في أصول التفسير) لـ مساعد الطيار.

5- قام العمل في التأليف المعاصر على جمع (قواعد التفسير) وشرحها انطلاقا من اعتبار تقرر قواعد التفسير، وحصول الاستقراء لها عبر السابقين.

6- دعوى تقرر (قواعد التفسير) عبر السابقين من العلماء دعوى أطلقها التأليف المعاصر في القواعد، وهي دعوى غير صحيحة، بل واقع التاريخ والتفسير على عكسها.

7- خلا التأليف المعاصر من الاستدلال على دعوى التقرر، وتعامل معها كأنها مسلمة لا تحتاج لتبرير واستدلال.

8- قصد التأليف المعاصر لجمع القواعد الكلية الاستقرائية، هو قصد لما توهمت قاعديته، لا لما صحت قاعديته، فالجمع متأسس على دعوى التقرر التي لا دليل عليها، ولا وجود للتقرر ذاته.

9- الحكم بقاعدية النصوص الواردة في التأليف المعاصر، هو حكم خالص للمؤلفات المعاصرة في القواعد، وليس للمصادر ولا للأئمة السابقين حكم بالقاعدية -وفق مفهوم المؤلفات- على شيء من تلك النصوص.

10- أول من صرح بدعوى تقرر (قواعد التفسير) الكلية الدكتور خالد السبت، وقد تكونت صورة هذه الدعوى لديه بنوع تأثر من الكتابات السابقة عليه، التي يوحي صنيع بعضها بذلك، أو التي ظن هو أحيانا أنها تقرر ذلك.

11- أبرز الكتابات المؤثرة في تصور دعوى التقرر عند الدكتور خالد السبت: كتابا: (فصول في أصول التفسير) للدكتور مساعد الطيار، و(القواعد الحسان) للشيخ السعدي.

12- تتابعت المؤلفات على تبني القول بتقرر (قواعد التفسير) عبر السابقين، تقليدا لكتاب السبت.

13- كان لمنطلق تقرر (قواعد التفسير) -الذي تبناه التأليف المعاصر- عدد من الآثار والانعكاسات السلبية الكثيرة على هذا التأليف.

أخيرا، فقد أعد هذه الدراسة ثلاثة من الباحثين: (د/محمد صالح محمد سليمان، أ/خليل محمود اليماني، أ/محمود حمد السيد). كما حكمها ثلاثة من الأساتذة: (أ.د/عبد الرحمن الشهري، أ.د/مساعد الطيار، أ.د/عبد الحميد مدكور). وهي من إصدارات مركز تفسير للدراسات القرآنية.

* مادة المقال مستفادة من موقع (مركز تفسير للدراسات القرآنية).

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة