ذم العُجْب عند الصالحين والحكماء والأدباء

0 547

عن مسروق- رحمه الله - قال: (كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعلمه).

ومر بالحسن البصري شاب عليه بزة له حسنة فدعاه فقال له: ابن آدم معجب بشبابه محب لشمائله. كأن القبر قد وارى بدنك وكأنك قد لاقيت عملك. ويحك، داو قلبك فإن مراد الله من العباد صلاح قلوبهم.

قال ابن المقفع: (العجب آفة العقل، واللجاجة قعود الهوى، والبخل لقاح الحرص، والمراء فساد اللسان، والحمية سبب الجهل، والأنف توأم السفه، والمنافسة أخت العداوة).

 وقال أيضا: (واعلم أن خفض الصوت، وسكون الريح، ومشي القصد، من دواعي المودة، إذا لم يخالط ذلك عجب. فأما العجب فهو من دواعي المقت والشنآن).

تكلم ربيعة الرأي يوما بكلام في العلم فأكثر، فكأن العجب داخله، فالتفت إلى أعرابي إلى جنبه، فقال: ما تعدون البلاغة يا أعرابي؟ قال: قلة الكلام، وإيجاز الصواب؛ قال: فما تعدون العي؟ قال: ما كنت فيه منذ اليوم. فكأنما ألقمه حجرا.

قيل لبزرجمهر: (ما النعمة التي لا يحسد عليها صاحبها؟ قال: التواضع، قيل له: فما البلاء الذي لا يرحم عليه صاحبه؟ قال: العجب).

عن مطرف بن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه- أنه رأى المهلب- وهو يتبختر في جبة خز فقال: يا عبد الله، هذه مشية يبغضها الله ورسوله فقال له المهلب: أما تعرفني؟ فقال بلى أعرفك، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة. فمضى المهلب وترك مشيته تلك.

وقال أبو عمرو بن العلاء: (الأخلاق المانعة للسؤدد: الكذب، والكبر، والسخف، والتعرض للعيب، وفرط العجب).

وكان يقال: (المعجب لحوح، والعاقل منه في مؤونة، وأما العجب فإنه الجهل والكبر).

وقيل: (ما أسلب العجب للمحاسن!).

وقيل: (العجب أكذب، ومعرفة الرجل نفسه أصوب).

وقيل: (ثمرة العجب المقت).

وقيل: (سوء العادة كمين لا يؤمن. وأحسن من العجب بالقول ألا تقول. وكفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة).

قال ابن عوف- رحمه الله -:
عجبت من معجب بصورته ... وكان بالأمس نطفة مذره
وفي غد بعد حسن صورته ... يصير في اللحد جيفة قذره
وهو على تيهه ونخوته ...      ما بين ثوبيه يحمل العذره

وسئل أنيس بن جندل: (ما أجلب الأشياء للمقت؟ فقال: العجب والخرق).

وقيل: (إعجاب المرء بنفسه، دليل على ضعف عقله).

قال الماوردي- رحمه الله -: الكبر والإعجاب يسلبان الفضائل، ويكسبان الرذائل وليس لمن استوليا عليه إصغاء لنصح، ولا قبول لتأديب، لأن الكبر يكون بالمنزلة، والعجب يكون بالفضيلة، فالمتكبر يجل نفسه عن رتبة المتعلمين، والمعجب يستكثر فضله عن استزادة المتأدبين.

وقالوا: (من أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن خالط الأنذال حقر، ومن جالس العلماء وقر).
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة