- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:معالجات نبوية
لم تكن الحلول النبوية حبيسة المجالات التعبدية، أو الاجتماعية فسحب، بل حتى المجالات السياسية والمالية، فقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم قيادة الدولة، وله توجيهات قولية وفعلية وتقريرية شكلت مرجعية ثابتة في المجال السياسي، ومن تلك الإشكالات التي عالجها النبي صلى الله عليه وسلم النفوذ السياسي، والتغول على الأموال العامة، وهي من المشاكل التي عانت منها الأمة قديما وحديثا.
روى الزهري أنه سمع عروة، قال: أخبرنا أبو حميد الساعدي، قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له : ابن اللتبية على صدقة فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : "ما بال أقوام نبعثه فيأتي فيقول : هذا لله وهذا لي ، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا، والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر " ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه فقال: " ألا هل بلغت " (ثلاثا). رواه البخاري ومسلم.
ومع كثرة القوانين التي وضعت للردع عن استغلال السلطة للتعدي على المال العام، إلا أن هذه المشكلة لا تزال حاضرة في المجتمعات والدول، وهذا يدعونا للتأمل في الحلول النبوية القائمة على مبدأ الرقابة الذاتية والمحاسبة القانونية، ولا غنى بأحد الأمرين عن الآخر، فزرع الرقابة الذاتية من خلال التذكير بعظيم جرم التخوض في المال العام، وخيانة أمانة الوظيفة واستغلال النفوذ، وبيان العقاب الأخروي المترتب على ذلك، وهو ما يشكل رادعا ذاتيا في نفس العامل، ويجعل منه مسؤولا عفيفا يخاف الله، ويراقب تصرفاته بميزان الحلال والحرام، وهذا ما تميزت به المعالجات النبوية، علاوة على مبدأ المحاسبة القانونية.