لامية ابن الوردي في الأخلاق والحكم

0 982

اعتزل ذكر الغواني والغزل       وقل الفصل وجانب من هزل
ودع الـذكـر لأيـام الـصــبــا       فــلأيــام الصـبــا نـجـم أفــل
إن أهــنـا عـيشـة قضيتهـا          ذهـبـت لـذاتـها والإثــم حــل
واتـرك الغـادة لا تحـفل بها        تمس في عـز وتـرفـع وتجل
وانه عـن آلـة لهـو أطـربت        وعـن الأمـرد مـرتــج الـكفـل
وافتكر في منتهى حسن الذي      أنت تـهـواه تـجـد أمــرا جلل
واهجر الخمرة إن كنت فتى       كيف يسعى في جنون من عقل
واتـق الله فـتــقوى الله مـا          جـاورت قـلب امـرئ إلا وصـل
ليس من يقطع طرقا بطـلا        إنـمـا مـن يـتـقي الله البـطـل
صدق الشرع ولا تركن إلى       رجـل يـرصـد في اللـيل زحـل
حارت الأفكار في قدرة من       قـد هـدانـا سـبلـنـا عـز وجـل
أي بني اسمع وصايا جمعت      حـكمـا خـصت بها خير الملل
اطلب العـلـم ولا تكسل فما        أبعد الخير على أهـل الكسل
واحتفل للفقه في الدين ولا         تـشـتـغل عـنه بـمـال وخـول
واهـجر الـنوم وحصـله فمن       يعرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تـقـل قـد ذهـبـت أربـابـه        كل من سار على الدرب وصل
في ازدياد العلم إرغام العدا       وجـمـال الـعلـم إصلاح العمل
جمـل الـمـنطق بالنحو فمن        يحرم الإعراب بالنطق اختبـل
مات أهل الفضل لم يبق سوى     مقرف أو من على الأصل اتكل
أنـا لا أخــتـار تــقـبـيــل يـــد       قـطعـهـا أجـمل من تلك القبل
إن جزتني عن مديحي صرت في  رقـها أو لا فيـكفيني الخجل
ملك كسرى تغني عنه كسرة        وعن البحر اجتزاء بالوشل
أعـذب الألـفاظ قولي لك خــذ       وأمــر اللـفـظ نطـقي بلعل
اعـتـبر نـحـن قسـمـنـا بينهـم        تلقــه حـقـا وبـالـحـق نـزل
ليس ما يحوي الفتى من عزمه     لا ولا ما فات يوما بالكسـل
اطـرح الـدنـيا فـمـن عـاداتـهـا      تخفض العالي وتعلي من سفل
عـيشة الراغب في تحصيلـها       عيشة الجاهد فيها أو أقل
كـم جـهـول وهــو مـثر مـكـثر     وعلـيـم مــات مـنها بالعلل
كم شجاع لم ينل فيها المنى         وجـبــان نـال غـايات الأمل
أي كـف لـم تـفـد مـمـا تــفــد        فــرمــاهـا الله منه بالشلل
لا تـقـل أصـلي وفصـلي أبـدا       إنما أصل الفتى ما قد حصل
قـد يسـود الـمـرء مـن غير أب      وبحسن السبك قد ينفى الزغل
وكذا الـورد مـن الشـوك ومــا       يطلـع النـرجـس إلا من بصل
قيـمـة الإنسـان مـا يـحسـنـه          أكـثـر الإنـسـان مـنـه أو أقـل
اكـتـم الأمـريـن فـقـرا وغـنى        واكسب الفلس وحاسب من بطل
وادرع جــدا وكــدا واجــتـنـب       صحبة الحمقى وأرباب الخلل
بـيـن تـبـذيـر وبــخـل رتـبــة..       وكـــلا هـذيـن إن دام قــتــل
لا تخض في سب سادات مضوا     إنـهــم لــيـسـوا بأهل للزلل
وتــغــافــل عــن أمــــور إنه         لـم يـفـز بالحمد إلا مـن غفل
ليس يخلو المرء من ضد وإن        حـاول العزلة في رأس جـبل
مـل عن النـمـام وازجره فما         بـلــغ الــمكــروه إلا مـن نقل
دار جــار السـوء بالـصبر وإن      لم تجد صبرا فما أحلى النقل
جانب السلطان واحذر بطشه        لا تـعـانـد مـن إذا قال فعل
لا تل الحكــم وإن هـم سـألوا        رغبة فيك وخالف من عذل
إن نصــف النــاس أعـداء لمن      ولي الأحـكام هذا إن عـدل
فـهـو كالمـحبــوس عـن لذاته       وكلا كفيه في الحـشر تغل
إن للنـقص والاسـتـثـقال في لفظة   القاضي لوعظا ومثل
لا تـوازي لـذة الـحــكـم بــمـا        ذاقه الشخص إذا الشخص انعزل
فـالـولايـات وإن طــابـت لمن        ذاقها فالسم في ذاك العسل
نصب المنصب أوهى جـلدي         وعنائي مـن مداراة السفل
قصر الآمــال في الــدنيـا تفز        فـدلـيـل العقل تقصير الأمل
غـب وزر غـبـا تـزد حـبا فمـن      أكـثـر التـرداد أقـصـاه المـلل
خذ بحد السيف واترك غمده         واعتبر فضل الفتى دون الحلل
لا يــضـر الفضــل إقـلال كما       لا يضر الشمس إطباق الطفل
حبــك الأوطــان عجـز ظاهر        فاغـترب تلق عن الأهـل بـدل
فبمكث الـمـاء يبــقى آسـنا            وسـرى البـدر به البدر اكتمـل
لا يــغرنـك لـيـن مــن فـتـى         إن للــحــيات لــيــنــا يــعـتزل
أنا مـثـــل الماء سهل سائغ          ومـتى ســـخــن آذى وقــتـل
أنا كالخـيـزور صــعب كسره       وهــو لين كيفما شـئت انفتل
غير أني في زمــان من يكن        فيه ذا مال هو المولى الأجل
واجـب عـند الـورى إكـرامــه      وقـلـيـل الـمـال فيهـم يستقل
كل أهــل العـصـر غـمـر وأنا      مـنـهـم فاترك تفاصيل الجـمل

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة