الآثار الإيمانية والسلوكية لقانون الجذب والعلاج بالطاقة

0 278

 قد يظن البعض أن البحث في حكم العلاج بالطاقة من المسارعة إلى تحريم كل جديد، والهروب من المستجدات العلمية، والانغلاق نحو الثقافات والتجارب البشرية، وليس الأمر كذلك، بل الإسلام يحثنا على التقاط الحكمة من أين جاءت، والانفتاح على نتاج البشر ما دام نافعا بمفهوم الإسلام الواسع، ولكن كثيرا من المراقبين الشرعيين الذين بحثوا موضوع العلاج بالطاقة، وقرأوا أدبيات هذه التجربة، تمكنوا من الوصول لحقيقتها، واطلعوا على غاياتها، وتحققوا من جدواها؛ لأن الدعاوى العريضة التي يطلقها المروجون للعلاج بالطاقة لا تتوافق مع المنطق العقلي والشرعي.

ولا بد من القول ابتداء بأن موضع الإنكار في العلاج بالطاقة ليس متوجها إلى الرياضات البدنية التي يقومومن بها، ولا التأملات الفكرية التي يمارسونها، ولا العمل على التخلص من الطاقات السلبية للإنسان كالقلق والتوتر والاكتئاب، فهذا مشترك لا يمكن إنكاره، وإنما الحديث عما وراء ذلك من الجذور العقائدية والوثنية والتأثيرات السلوكية السلبية التي يقع فيها المتدربون.

أولا: هل الجذب يستقيم أن يكون قانونا بمنطق العلم؟

يدعي أصحاب العلاج بالطاقة أن ما يمارسونه من الرياضات والتأملات توصلهم إلى الحصول على ما يريدون من الخير والسعادة والرزق بما يصطلحون عليه بقانون الجذب، فجعلوه علميا فيزيائيا، والحقيقة عندما نعود إلى تعريف القانون نجده يعني: مفهوما لمجموعة من القواعد التي تفسر حدوث شيء ما، بدعم تجريبي، بحيث لا توجد تجربة واحدة تنقضها.
وحين نأتي إلى ما سموه قانون الجذب نتساءل أين التجارب العلمية التي تثبته؟ فهل كل من استعمل هذا القانون يتحصل على النتائج دون تخلف ولو لمرة واحدة؟ وهكذا نجد القانون لا يصمد أمام مفهوم القانون العلمي ليتحول إلى أوهام في صورة علمية، وعليه فلا يمكن بأي حال تسميته بالقانون، فضلا عن أن يقدم كفكرة علمية تقبل التطبيق.

ثانيا: الأثر الإيماني الذي يتركه العلاج بالطاقة
نجد أن فكرة الجذب تصنع في نفس المتعاطي معها تأليه الذات بحيث تكرس في نفسه القدرة على جذب أي خير مهما كان فوق القدرة البشرية، ففي حال الرغبة بحصول الشيء فإن مجرد الرغبة به ينجذب إليه، ولا يتطلب الأمر سوى تنظيف الباطن من الطاقة السلبية فتنجذب إليه الأشياء عن طريق الطاقة الموجبة الموجودة في داخله، وبالتالي فالكون مستجيب لهذا الانجذاب لا محالة، وخاصة إذا وصل لمرحلة الاتحاد بالمطلق، فيتحول إلى إله في صورة إنسان.

ومن الآثار الإيمانية:
فك الارتباط بين المسلم وبين الإيمان بالقدر، وتفسير ما يحدث في حياته بقانون الجذب حسب ما سبق بيانه، فعلى سبيل المثال فإنهم يكرسون في نفس المتلقي أن المرض والبلاءات والأقدار المؤلمة التي تحصل في حياته لا علاقة للقدر الإلهي في حصولها، وأنها مجرد ذبذبات سالبة في نفس الإنسان، وهي التي جذبت إليه هذه الأقدار، وهكذا الخير والسعادة حصلت بنفس الطريقة، وهذا يوهن التعلق بالله، ولا يجعل الإنسان مرتبطا بربه في كل أحواله، فيصبر في حال الضراء ويتضرع إلى الله في طلب الفرج بأسبابه التي شرعها له، ويشكر في حال السراء ويسند الفضل لله وحده، وليس إلى الذات والذبذبات والموجات.

ومن الآثار السلوكية لقانون الجذب والعلاج بالطاقة:
بث روح الكسل، وإهمال الأسباب المادية، فهو يؤدي بطريق غير مباشر لإهمال كلام الأطباء أهل الاختصاص على سبيل المثال في معالجة الأمراض، وينتقلون إلى العلاج بالطاقة، حيث يقوم المعالج بالطاقة بمجموعة من الحركات دون أن يلمس جسد المريض، ويوهم المريض بأنه يقوم بتحسس مكان الطاقة السلبية، ومن ثم القيام بتنظيف الذبذبات السلبية، وأن الألم مرتبط بالطاقة السلبية، فطالما يحس الجسد بالألم فالطاقة السلبية موجودة، فيكون الألم عبارة عن عقوبة لطرد الطاقة السلبية، وربما يتركون العمل والكسب وينصرفون إلى الأوهام والتأملات الروحية، وهذه صناعة للفشل بطريقة حديثة، وتسويق للخرافات بأساليب معاصرة. 
ونحن لا ننكر تأثير الحالة النفسية على سلوك الإنسان، وخاصة الذي يعاني من أمراض وآلام ومصائب، ولكن الإسلام بتعاليمه السامية كاف في علاج هذه الاعتلالات النفسية بما فيه من التوجيهات بضرورة التفاؤل وحسن الظن بالله، وحيوية الروح، ولكن هذا الاتجاه لا يغير حياة الإنسان بمفرده، بل لا بد من التعلق بالله، وبذل الأسباب والقيام بالواجبات الإنسانية نحو نفسه وأهله ومجتمعه.

ومن الآثار السلوكية للعلاج بالطاقة:
السلبية الاجتماعية، بحيث يتسرب إلى الشخص سلوك السلبية عن المشاركة في الحياة العملية، وهو لا يختلف كثيرا عما عليه الحال عند بعض الصوفية التي ترفض مظاهر الحياة بحجة الزهد في الدنيا، والتفرغ للآخرة، بينما طبيعة الإسلام لا تقبل بهذا الانفصام والمناقضة، بل تشجع على العمل للآخرة، مع ضرورة المشاركة في مشروع الاستخلاف في الأرض، كما قال تعالى: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"، فالمسلم يتعبد لله بالمفهوم الشامل لمباشرة الأسباب المادية مع الاحتفاظ بقوة الروح المستندة بالتوكل على الله، والاعتماد عليه في كل مصاعب الحياة ومتاعبها.

ومن الآثار السلوكية:
أنها تهيئ المتدرب للتصديق بالخرافة والشعوذة، لأنه يمارس بعض الطقوس التي يجزم العقل بعدم علاقتها المادية بالمرض الذي يحمله، وإنما لوقوعه تحت تأثير الدعاية المضللة من المدربين المحترفين في الترويج للفكرة، فينقاد دون تمييز بين ما هو علم وبين ما هو من قبيل الشعوذة والخرافة، وذلك من خلال مبدأ التسليم الذي يلتزم به المريض أو المتدرب، بحيث يكون مصدقا بكل التوجيهات كشرط أساسي في حصوله على الأثر. 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة