- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:معالجات نبوية
من المفاهيم التي جرى عليها التحريف الآثم في هذا العصر مفهوم حقوق المرأة، حيث لم يزل خصوم الإسلام يستخدمون هذه القضية لتشويه صورة الإسلام المشرقة والتنفير منه، وتشويه تعاليمه، مستغلين فترة الضعف التي يمر بها المسلمون، فقاموا بحملات تشويهية ومضللة كبيرة، حتى أوهموا ضعاف المسلمين بأن تعاليم الإسلام تتضمن التمييز ضد المرأة، وأن على النخبة في المجتمعات المسلمة محاربة ذلك، والتصدي لأشكال العنف ضد المرأة، فكانوا كما قيل "رمتني بدائها وانسلت"، ولو سلطنا الضوء على المرأة في الجاهلية القديمة والمعاصرة لانكشفت الحقيقة، وتبين سمو الإسلام على كل الحضارات عموما وفي مسألة المرأة خصوصا.
وليس ضربا من المبالغة أن نقول إن حقوق المرأة لم تشهد أزهى ولا أرقى من العصر النبوي وما تلاه من القرون المفضلة كنموذج تطبيقي واقعي، ويكفي لإثبات ذلك أن نعقد مقارنة يسيرة كيف تعرضت حقوق المرأة للابتزاز في الجاهليتين القديمة والمعاصرة، وبضدها تتبين الأشياء.
فالمرأة في الجاهليتين عرضة للابتزاز والمطامع والاحتقار بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة، وفي الجاهلية الأولى بصورة أكثر وضوحا من خلال معاملات كثيرة متعلقة بشخصها، ووجودها، وميراثها، ومكانتها.
فقد أخبرنا القرآن أن المرأة في ذاكرة الرجل الجاهلي مصدر قلق وريبة، وبمجرد سماعه لولادتها ينتابه الحزن والأسى، ويصور القرآن مشهده كما في قوله تعالى: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به)، وهذا عنوان كاف لتوضيح مكانة المرأة في ذهن العربي قبل أن يكون مسلما.
أما بعد أن صبغ بصبغة الإسلام، فالمرأة خلق إنساني مكرم، وهي حجاب له من النار، ورعايتها والقيام على تربيتها قربة توصله للجنة، ورحم ينال بصلتها صلة الله، وبسط الرزق، وطول العمر، وطيب الذكر والأثر، فالأنثى في ذاكرة المسلم هبة الله له، (يهب لمن يشاء إناثا)، وبدأ بها تكريما لها، وإمعانا في إزالة رواسب الجاهلية الأولى.
ومن جانب آخر من جوانب الجاهلية القديمة يرون المرأة ليست كفؤا للرجل ولا شريكا في الحياة بحيث يشاورها ويأخذ رأيها، فجاء الإسلام لينقل العقل العربي تماما من النظرة الدونية للمرأة إلى أنها مكافأة للرجل، ومماثلة له، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد. قال الخطابي في معالم السنن: أي نظائرهم، وأمثالهم في الخلق، والطباع فكأنهن شققن من الرجال.
وقد انعكست النظرة الجاهلية للمرأة على كثير من الأحكام والتشريعات الجائرة عليها كحرمانها من الميراث، بل وجعلها من ضمن متاع الرجل الذي يورث، ويمارس عليها العضل في الزواج، وقصد الإضرار في الطلاق والرجعة، فجاء الإسلام بثورة تشريعية في وجه الجاهلية العمياء المستعبدة للمرأة، ورفع عن المرأة الأغلال والقيود الظالمة لينقلها إلى رحابه الواسعة، وأحكامه العادلة المعقولة.
وسأقتصر على ذكر صورة من صور التشريعات الجاهلية التي تنبئ عن المفهوم الخاطئ للمرأة فقد أخرج أبو داود عن أم سلمة قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول. قال حميد فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طائر فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.
والمعنى: أنها كانت تبقى سنة كاملة مبتعدة عن الزينة، لا تلبس إلا أردأ ثيابها، وتجلس في أسوأ مكان في البيت، فإذا انقضت سنة من وفاة زوجها ترصدت كلبا يمر بها، فرمت ببعرة -وهي مخلفات البهائم بعد أن تيبس وتجف-؛ لتعلن أن إحداد سنة على زوجها أهون عليها من رمي تلك البعرة، ثم تخرج من إحدادها.
فأين هذا من أحكام العدة العادلة في الإسلام التي تحمل رسالة التكريم والوفاء وحسن العهد وحفظ الأنساب، من غير إضرار بالمرأة أو مبالغة في حق الزوج؟ بينما العدة في الجاهلية بزمانها ومكانها تتضمن معاني الاحتقار والإهانة.
وعلى الطرف الآخر لو نظرنا نظرة إجمالية إلى المرأة في الجاهلية المعاصرة ستغرنا المظاهر والشكليات، وظهور المرأة في مظهر الزهو الفارغ، وتحولت تلك المظاهر الخادعة إلى حجاب مانع عن رؤية الحقيقة البائسة للمرأة في هذه الحضارة الزائفة التي وصفها أحد عقلاء الغرب حين قال: "هي عبارة عن غطاء جميل لحالة من البؤس والشقاء"، فالجاهلية اليوم تستعبد المرأة وتسترقها بأساليب مختلفة، وشعارات براقة، وإن شئت الحقيقة فاعكس تلك الكلمات والشعارات فذلك هو الواقع تماما.
فالمرأة التي تقع تحت الأضواء والاهتمامات الاعلامية هي الفتاة المرغوبة لشهوات الرجال، فقننوا لها ممارسة الجنس مقابل البقاء، وتطالعنا الأرقام الصادرة من مراكز الأبحاث عن أعداد من الفتيات اللاتي يتعرضن لتجارة الجنس (المصطلح المؤدب للدعارة)، والإجبار على الممارسة عبر شبكات من القوادين وسماسرة بيع الهوى، وقد كشفت عن هذه الجريمة المنظمات الحقوقية، ومراكز الأبحاث، ووسائل إعلام مختلفة، ولكن من غير أي فائدة، وتعد عمليات التهريب والاتجار بالجنس أحد أهم مصادر توفير العاملات -نساء وأطفالا- من أجل متعة السياح، ووفقا لريجان رالف، المدير التنفيذي لقسم حقوق النساء بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإنه من المستحيل أن نحدد عدد من يتم خطفهم وتهريبهم، ولكن التقديرات تتراوح بين مئات الآلاف إلى الملايين من الضحايا سنويا، منهم 100,000 طفل وامرأة يتم تهريبهم إلى الولايات المتحدة وحدها.
فالمرأة التي تقع تحت الأضواء والاهتمامات الاعلامية هي الفتاة المرغوبة لشهوات الرجال، فقننوا لها ممارسة الجنس مقابل البقاء، وتطالعنا الأرقام الصادرة من مراكز الأبحاث عن أعداد من الفتيات اللاتي يتعرضن لتجارة الجنس (المصطلح المؤدب للدعارة)، والإجبار على الممارسة عبر شبكات من القوادين وسماسرة بيع الهوى، وقد كشفت عن هذه الجريمة المنظمات الحقوقية، ومراكز الأبحاث، ووسائل إعلام مختلفة، ولكن من غير أي فائدة، وتعد عمليات التهريب والاتجار بالجنس أحد أهم مصادر توفير العاملات -نساء وأطفالا- من أجل متعة السياح، ووفقا لريجان رالف، المدير التنفيذي لقسم حقوق النساء بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإنه من المستحيل أن نحدد عدد من يتم خطفهم وتهريبهم، ولكن التقديرات تتراوح بين مئات الآلاف إلى الملايين من الضحايا سنويا، منهم 100,000 طفل وامرأة يتم تهريبهم إلى الولايات المتحدة وحدها.
وعلى سبيل المثال تعتبر اليابان من الدول الأكثر استقبالا لهذا النوع من النساء، ويفيد المتابعون أن أحد أهم أسباب انتشار العبودية الجنسية في اليابان هو العائد المادي الضخم من التجارة الجنسية حيث تنتج ما يفوق 30 مليار دولار سنويا! وهو رقم "يساوي مجموع ميزانية الأمن القومي الياباني..وهكذا لو جئنا نسرد بعض الحقائق والإحصائيات لتوسع بنا الأمر، وليس هذا غرض المقال.
فهذه صورة من وجه الجاهلية المعاصرة عالية البؤس للمرأة، وصور الامتهان للمرأة كثيرة، فالتي لا تصلح لشهواتهم مطحونة بين رحى الأعمال الشاقة في المصانع والمستودعات الضخمة تعمل ساعات طويلة بعيدة عن البيت وعن صغارها لتكافح مطالب الحياة الأساسية، محملة للمرأة أثقال البيت كأم، وأثقال العمل كالرجل تماما، والرجل لم يعد قيما على زوجته وبناته، بل أصبح كل فرد مسؤولا عن نفسه، وعن توفير احتياجاته، وهذا يعود إلى تعميق النزعة الفردية في النمط الغربي، وتعزيز الأنانية المفرطة في أسلوب الحياة المعاصرة لديهم، ويعملون على تنميط المجتمعات الأخرى بهذا النمط الموغل في البؤس، ويعتبرون ما سواه تخلفا وتمييزا ضد المرأة.
وإذا ما جئت تقارن هذا الواقع بمكانة المرأة في الإسلام ستجد من أول وهلة أنه لا وجه للمقارنة، بل إن المرأة في الذاكرة الإسلامية أعلى وأسمى من هذا التوظيف الساخر، والاستخدام المهين، فالمرأة محور اهتمام في كل المراحل والحالات، صغيرة وكبيرة، ومتزوجة وأرملة، ولها الحقوق المادية والمعنوية من الرعاية والحماية، فجعل لها وليا يحميها من المجرمين والبطالين، فهو محرمها وحرمها سفرا وحضرا، يتولى حماية حقوقها، والإشراف على خياراتها في الزواج، ومع أهمية الولي للمرأة يرفض الإسلام من الأولياء التعسف في ممارسة الولاية بأي شكل من الأشكال، فأمرهم بكل ما فيه مصلحة، ونهاهم عن العضل، وجعل لها حق التقاضي لإنصافها ورفع الظلم عنها، ومنحها حق التعليم وحق التملك، ولها ذمة مالية مستقلة، فهي نصف الجتمع بل وتزيد حسب الإحصائيات التي تشير إلى كثرة عدد الإناث في أكثر المجتمعات، فإذا فرطنا فيها فقد فرطنا بأغلبية المجتمع، وهي عنصر فاعل في تربية بقية أفراد المجتمع الآخر.
ونحن هنا نتحدث عن المرأة في نظر الإسلام الحنيف، فلا يشغب على مثل هذا بالسلبيات التي تظهر من حين لآخر من بعض المسلمين ضعاف العلم والديانة، وهي موضع إنكار من الشرع وأهله، ومع ذلك تبقى المرأة في كثير من المجتمعات المسلمة محط احترام وتقدير، وتتمتع بقدر كبير من الحقوق المادية والمعنوية، رغم كل التشويش والمغالطات التي تشوه بها مكانة المرأة عند المسلمين مما جعل البعض يصدق فعلا أن المسلمين يستعبدون نساءهم وأنهم بحاجة إلى تحرير المرأة من قيود القوامة والولاية والمحرم والحجاب والفصل بين الجنسين، وعمل معهم بعض المنافقين على محاربة ذلك عبر الإعلام المنفلت، والتشريعات الجائرة، وهاهي التجربة البائسة التي مرت عليها عقود متطاولة لم تثمر إلا التمرد على القيم، والتفكك الأسري، والخيانات، والفواحش، وهدم بنيان العائلة الممتدة، وضياع الجيل، وفقدان الهوية، والتيه في صحراء الشهوات، وبحار الملذات، فهل آن الأوان للمسلمين أن ينصفوا أنفسهم وتراثهم، ويقارنوا بين تعاليم الإسلام المتعلقة بالمرأة وتطبيقاتها في القرون المفضلة، وبين طيش الجاهلية وانفلاتها، وما أفرزته من نموذج للمرأة التي لا هم لها إلا إغراء غرائز الرجال بمفاتنها، حتى ولو كانت عاملة أو موظفة فلا بد أن تتمتع بمظهر جاذب للرجال كجزء من متطلبات قبولها في تلك الوظيفة، فإذا ترهل جمالها لم يعد لها أي قبول في ذلك المجتمع الباحث عن الجسد الفاتن، فأي احتقار وامتهان أعظم من ذلك!!