حدث في مثل هذا الأسبوع (11 - 17 ربيع الآخر)

0 273

وفاة الشيخ محمد محمود الصواف في 12 ربيع الآخر 1413هـ(1992م): 
الشيخ الصواف عالم عراقي كبير داعية مجاهد، وخطيب مؤثر، استنهض الهمم لإنقاذ فلسطين وتحريرها قاطبة من اليهود وأعوانهم، له جولات دعوية وإصلاحية، كان يتفاعل مع الأحداث التي تواجه الأمة وبذل قصارى جهده لحلها وعلاجها، كان مبعوثا للملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز رحمه الله من أجل الدعوة الإسلامية والتضامن الإسلامي فكان نعم السفير.

نشأته :
ولد الشيخ ـ رحمه الله ـ في مدينة الموصل شمال العراق في أوائل شوال عام 1333هـ "حوالي عام 1915م".
نشأ في كنف والديه، في أسرة معروفة تعمل في الزراعة والتجارة وكانت بدايته في المدرسة الابتدائية الأهلية بالجامع الكبير بالموصل ثم تنقل إلى مدارس المساجد التي يدرس بها العلماء فختم القرآن الكريم ثم شرع في التحصيل العلمي الشرعي فحفظ المتون وأخذ من جميع العلوم ثم التحق بالمدرسة الفيصلية وتخرج منها عام 1355هـ .
عين معلما في الابتدائية ثم في الثانوية الأهلية بالموصل. 
ثم استقال من عمله ورحل إلى القاهرة عام 1943م ليلتحق بكلية الشريعة في جامعة الأزهر فنال العالمية في القضاء في ثلاث سنوات، حتى قال له  شيخ الجامع الأزهر حينها (لقد فعلت يا بني ما يشبه المعجزة وسننت سنة في الأزهر لم تكن) لأنه كان من المفروض أن يدرس ست سنوات وليس ثلاثة.

العودة إلى العراق
عاد الشيخ الصواف إلى بغداد عام 1946م ليعمل مدرسا بكلية الشريعة الحديثة ببغداد.
عاد إلى بلده مزودا بالعلم الذي تلقاه في قاعات الجامعة الأزهرية العتيدة، وبفكر جديد وقدرة على الحركة بين الناس والتأثير فيهم.
وما أن استقر في الموصل حتى اشتغل بالعمل الشعبي والتوجيه الإسلامي في المساجد والجمعيات، فانضم إلى جمعية الشبان المسلمين، وأنشأ جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كانت قضية فلسطين قد بدأت تظهر كقضية عالمية ساخنة وقضية العرب الأولى، وعندما صدر قرار تقسيم فلسطين في عام 1947م أنشأ الأستاذ الصواف برعاية علامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي ـ رحمه الله ـ "جمعية إنقاذ فلسطين" وصار يجوب مدن العراق الواحدة بعد الأخرى يعد كتائب المجاهدين لقتال عصابات اليهود ويجمع الأموال للجهاد، وكان ـ رحمه الله ـ ذا صوت جهوري وخطيبا مفوها، فلم يكن أحد يستمع إليه إلا وشده إليه، وقاد الشيخ المظاهرات في بغداد مرفوعا على أكتاف مؤيديه يهتف لنصرة أرض الإسراء والمعراج.
كما أسس مع شيخ علماء العراق أمجد الزهاوي رحمه الله تعالى جمعية الأخوة الإسلامية التي قامت بدور فعال في مقاومة الاحتلال الإنكليزي
وأصدر مجلة لواء الأخوة الإسلامية؛ لتكون وسيلة لبث الوعي الإسلامي الصحيح.

لما قامت ثورة 1958م في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم، بدأوا يضيقون الخناق على دعوة الشيخ الصواف، ويقاومون حركته، وانتهى بهم الحال إلى تلفيق التهم له، ونشر الشائعات ضده، ثم قاموا بإغلاق المجلة التي كان يصدرها باسم "لواء الأخوة الإسلامية" والقبض عليه، وسجنه مع عدد من رجالات العراق الكرام مثل اللواء محمود شيث خطاب، وبعد خروجه من السجن لم يكف خصومه عن ملاحقته ومحاولة اغتياله، فاضطر إلى مغادرة بغداد في سنة (1379هـ = 1959م) في مغامرة جريئة محفوفة بالمخاطر حتى بلغ الحدود السورية، واستقبل في حلب ودمشق استقبالا حافلا، ثم اتجه إلى المملكة العربية السعودية، واستقر بمكة حيث عمل مدرسا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وعرف القائمون على الأمور فضله وعلمه، فاختير عضوا بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وفي المجلس الأعلى للمساجد، والمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي.

مبعوث الملك فيصل
ولم يقف نشاط الشيخ الصواف على القيام بالتدريس، بل انتدبه الملك فيصل بن عبد العزيز للعمل معه، مبعوثا من قبله إلى ملوك المسلمين ورؤسائهم؛ للتذكير والتبليغ وجمع كلمة المسلمين، وكان الملك فيصل له قدرة على اختيار الرجال الأكفاء الذين يحسبون ما يعملون، وقد نهض الشيخ الجليل بهذه المهمة على خير وجه، وزار أكثر من خمس وثلاثين دولة وطاف أكثر من خمس سنوات، وقد أثمرت هذه الجهود المباركة عن تكوين منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد سجل الشيخ الصواف هذه الرحلات في كتاب كبير تحت اسم "رحلاتي إلى الديار الإسلامية".

رحلاته :
1- إلى مصر ( القاهرة ) عام 1355هـ للتحصيل وطلب العلم الشرعي ومكث بها ثلاث أعوام.
2- إلى الشام فارا من بلده ومكث بها أربعة أشهر عام 1379هـ.
3- رحل إلى المدينة المنورة ثم إلى مكة المكرمة من عام 1382هـ إلى وفاته.
4- إلى أكثر من خمس وثلاثين دولة في افريقيا للدعوة بأمر الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله.
5- إلى باكستان وإيران أيضا بأمر الملك فيصل بن عبد العزيز رحمهما الله ومن ثمرات هذه الرحلات المباركة تكوين (منظمة المؤتمر الإسلامي).
6- إلى تركيا وقرر إحداث جائزة سنوية بمقدار مليون ليرة تركية، توزع على المدارس القرآنية وقد أوصى باستمرار الجائزة بعد وفاته.
7- إلى أفغانستان وقد قرر رصد أربعين ألف ريال سنويا للجهاد الأفغاني ما دام الجهاد قائما.

مع المجاهدين الأفغان
وفي السنوات العشر الأخيرة من عمره أنفق معظم وقته في خدمة الجهاد الأفغاني الذي ملك عليه نفسه، وصار قضيته الأولى، وسخر لها كل طاقاته، داعيا الأمة الإسلامية إلى مؤازرة المجاهدين والوقوف إلى جانبهم ومعاونتهم.
وحين ظهرت بذرة الخلاف بين فئات المجاهدين وقاداتهم بادر الشيخ الحكيم إلى وأد الفتنة قبل أن تستفحل، وكانت مواعظه وكلماته المؤثرة العامرة بالإيمان تنزع السخائم من الصدور، وتعين على نماء علاقات الود والصفاء بين المتخاصمين من زعماء الجهاد.

مؤلفات الشيخ
لم تشغل أعمال الشيخ ورحلاته عن الإمساك بالقلم ووضع المؤلفات النافعة، فترك مؤلفات كثيرة، منها:
ـ أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب، وطبعته دار الاعتصام بالقاهرة سنة 1402هـ.
ـ المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، وطبع بمكة المكرمة سنة 1384هـ.
ـ معركة الإسلام، أو وقائعنا في فلسطين بين الأمس واليوم، وطبع بمكة سنة 1389هـ.
ـ من سجل ذكرياتي. وطبع بدار الخلافة بالقاهرة سنة 1407 هـ.

ـ نداء الإسلام. وطبع بعمان سنة 1382م.
ـ بين الرعاة والدعاة، وطبع بالقاهرة في دار الاعتصام سنة 1399هـ.
ـ صفحات من تاريخ الدعوة الإسلامية في العراق، وطبع بالقاهرة في دار الاعتصام 1401هـ.
ـ تعليم الصلاة. وطبع في بيروت والقاهرة مرات كثيرة.
ـ العلامة المجاهد أمجد الزهاوي شيخ علماء العراق المعاصرين، وطبع بالقاهرة في دار الاعتصام سنة 1408هـ.
ـ عدة المسلمين في معاني الفاتحة وقصار السور من كتاب رب العالمين، وطبع بجدة سنة (1388هـ).
- نظرات في سورة الحجرات.

- رحلاتي إلى الديار الإسلامية، طبع منه  المجلد الأول (أفريقية المسلمة).
- صوت الإسلام.
- القرآن، آثاره، أنواره، فضائله.
- المسلمون وعلم الفلك.
- الصيام في الإسلام.
- زوجات النبي الطاهرات وحكمة تعددهن.
- القيامة رأي العين.
- دعاء السحر.
- صرخة مؤمنة إلى الشباب والشابات.
- لا إشتراكية في الإسلام.
- أم القرآن وخير ثلاث سور أنزلت.

وفاته :
توفي رحمه الله عن عمر ناهز ثمانين عاما ، و ذلك يوم  12 ربيع الآخر 1413م،  بينما كان في انتظار إقلاع الطائرة من استانبول إلى جدة في طريق عودته إلى مكة المكرمة، وصلي عليه بالمسجد الحرام ودفن بمقابر المعلاة بمكة المكرمة.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة