- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:الحديث الموضوعي
الإنسان من حيث هو إنسان هو محور الدعوة الإسلامية، ومرتكز اهتمامها، بغض النظر عن الفوارق الخلقية التي تتعلق باللون، واللغة، والعرق، والبلد، فالإسلام ليس خاصا بالعرب وحدهم وإن كان القرآن قد نزل بلغتهم والنبي يرجع نسبه إليهم، بل الدعوة الإسلامية عالمية للكافة إنسهم وجنهم، وحاضرهم وباديهم، وعربهم وعجمهم، فهي رسالة عابرة للزمان والمكان.
الأدلة على عالمية الدعوة الإسلامية من السنة النبوية:
أولا: الإخبار بعموم الرسالة:
في مسند الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعثت إلى الأحمر والأسود، وكان النبي إنما يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم زعيما سياسيا أو وطنيا ينافس الفرس والروم تحت راية عدنانية أو قرشية، بل بعث برسالة ربانية عالمية مقصودها إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
في مسند الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعثت إلى الأحمر والأسود، وكان النبي إنما يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم زعيما سياسيا أو وطنيا ينافس الفرس والروم تحت راية عدنانية أو قرشية، بل بعث برسالة ربانية عالمية مقصودها إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
ولذلك لم يكن في هذه الرسالة خصوصية قومية أو عائلية، فما شرعه الله للناس يسري على أهل بيته دون تمييز أو اختصاص، ففي صحيح مسلم عن أبي الطفيل قال: سئل علي : أخصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟، فقال: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعم به الناس كافة إلا ما كان في قراب سيفي هذا، قال: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثا.
ومن الدلائل أيضا: الإخبار بانتشار هذه الرسالة في ربوع الأرض كلها، فقد تكفل الله بذلك، كما في صحيح مسلم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها . والمقصود بالملك بلوغ الرسالة.
وفي البخاري عن خباب بن الأرت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون.
ثانيا: الإخبار عن الفتوح والملاحم:
ومما يدل على عالمية هذه الدعوة الإسلامية ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن فتح فارس والروم، وملاحم آخر الزمان من المعركة الفاصلة بين اليهود والمسلمين، وإخباره عن نزول عيسى واقتدائه في الصلاة برجل من هذه الأمة، وغيرها من الأخبار التي تدل على أن هذه الدعوة عالمية وخاتمة.
ففي مسند الإمام أحمد عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، قال: وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق، لا تأخذ فيها المعاول، قال: فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عوف: وأحسبه قال: وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال: " بسم الله " فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ". ثم قال: "بسم الله " وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال: " الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا " ثم قال: " بسم الله " وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا".
وفي صحيح الجامع عن أبي سعيد الخري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" "منا الذي يصلي عيسى ابن مريم خلفه".
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله.
وغيرها من الأحاديث التي تدل على أن هذه الرسالة حاكمة خالدة، وذلك يقتضي عالميتها وظهورها في الأرض.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله.
وغيرها من الأحاديث التي تدل على أن هذه الرسالة حاكمة خالدة، وذلك يقتضي عالميتها وظهورها في الأرض.
ثالثا: مخاطبة جميع الأمم والحضارات والقبائل بالدعوة الإسلامية:
ومما يدل على عالمية الدعوة إلى الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كتب بالدعوة إلى أمراء وملوك الأمم، وزعامات القبائل وشيوخها، يدعوهم إلى الإسلام، ويبلغهم بأنهم معنيون بهذه الدعوة، ويتوجب عليهم تحديد موقفهم منها، فكتب إلى هرقل عظيم الروم، وإلى كسرى ملك الفرس، وإلى النجاشي ملك الحبشة، وإلى جيفر وعبد الله ابني الجلندى الأزديين، ملكي عمان، وإلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة، وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء، وإلى الحارث ومسروح ونعيم بني عبد كلال زعماء من حمير، وإلى المقوقس صاحب الإسكندرية.
وقد شكلت تلك المراسلات النبوية خطة سير واضحة للخلفاء الراشدين ومن بعدهم من صلحاء الأمة وخيارها، فعملوا على توسيع دائرة الدعوة، وإيصال الرسالة التي حملوها إلى أطراف الأرض.
رابعا: شمول الدعوة للجن والإنس:
ومما يدل على عالمية الدعوة الإسلامية بعثته صلى الله عليه وسلم إلى الجن أيضا، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه، عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة، عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم وقالوا: يا قومنا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: {قل أوحي إلي} وإنما أوحي إليه قول الجن.
وفي البخاري عن علقمة قال: سألت ابن مسعود، هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل!! قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء قال: فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: "أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن"، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد فقال: "لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما. وكل بعرة علف لدوابكم"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم".
وأخيرا: مقتضى عالمية الرسالة العمل على إيصالها للعالم:
وإذا ثبت بهذه الأدلة المتنوعة عالمية هذه الدعوة فإنه يتوجب على المسلمين اليوم مواصلة نشرها، وتحمل مسؤولية إبلاغها إلى العالم، فهذا هو مقتضى عالمية رسالتهم، ومقتضى استخلافهم في الأرض.
وإذا ثبت بهذه الأدلة المتنوعة عالمية هذه الدعوة فإنه يتوجب على المسلمين اليوم مواصلة نشرها، وتحمل مسؤولية إبلاغها إلى العالم، فهذا هو مقتضى عالمية رسالتهم، ومقتضى استخلافهم في الأرض.
وينبغي عليهم الاستفادة من الوسائل التي يسرت التواصل مع العالم، والتخاطب بكافة اللغات، عبر الدعوة المباشرة، أو ترجمة الكتب والمقاطع، فهذه فريضة المسلمين بحسب مواقعهم وقدراتهم المتنوعة.
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : "وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم"
وفي سنن أبي داود عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على غلام من اليهود وهو مريض فقال له: أسلم فنظر إلى أبيه فقال له أبوه: أطع رسول الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار.
فالتذكير بهذه العالمية التي تتمتع بها الدعوة الإسلامية، وإظهارها للعالم من أسباب الدخول في ظلالها، لا سيما في زمن سادت فيه العنصرية والطائفية والطبقية، وهي أيضا تذكير للمسلمين بمهمتهم المتعينة عليهم بأن يكونوا حملة رسالة، وأن لا ينسوا وظيفتهم، أو يخجلوا من ممارستها، فهذا قدرهم الذي شرفهم الله به، فليس بين بعض البشر وبين اعتناقه لهذا الدين إلا مجرد كلمات صادقة، أو تعامل بالحسنى للوصول إلى قلوبهم، كما سبق ذلك في الأساليب النبوية الكريمة.