- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:مقدمات عامة
العقيدة الإسلامية إذا أطلقت فهي عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي العقيدة النقية الصحيحة، عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، قال الله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}(التوبة:100). قال ابن كثير: "أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان". وعن عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار، قيل يا رسول الله، من هم؟ قال: الجماعة) رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وفي رواية للترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: (قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).. وأهل السنة والجماعة هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم المتمسكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم من التابعين الذين استقاموا على الاتباع وابتعدوا عن الابتداع في أي مكان وفي أي زمان. قال الشيخ ابن عثيمين: "وسموا بذلك (أهل السنة والجماعة) لانتسابهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، واجتماعهم على الأخذ بها: ظاهرا وباطنا، في القول، والعمل، والاعتقاد".
والخصائص جمع خصيصه، والخصيصة هي الصفة الحسنة البارزة المميزة التي يتميز بها الشيء ولا يشاركه فيها غيره، والمقصود بخصائص العقيدة الإسلامية صفاتها البارزة التي تميزها عن بقية العقائد.. وخصائص العقيدة الإسلامية وصفاتها البارزة التي تنفرد بها، وتميزها عن بقية العقائد، وتظهر حسنها، وتبرز كمالها وجمالها كثيرة، ومن هذه الخصائص: الربانية، أي أنها مأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية.. فمن أصول ومنهج أهل السنة أنهم يأخذون عقيدتهم من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، لا من عقل ولا من هوى، قال الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}(المائدة:3). قال ابن كثير: "هذه أكبر نعم الله عز وجل على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف". وقال السعدي: "{اليوم أكملت لكم دينكم} بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه. فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله". وقال ابن تيمية: "قال الخطابي: وكان الذي أنزل عليه - أي النبي صلى الله عليه وسلم - من الوحي وأمر بتبليغه هو كمال الدين وتمامه، لقوله تعالى:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}{المائدة:3)، فلم يترك شيئا من أمور الدين، قواعده وأصوله، وشرائعه وفصوله، إلا بينه وبلغه، على كماله وتمامه، ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لا خلاف بين فرق الأمة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال، ومعلوم أن أمر التوحيد وإثبات الصانع لا تزال الحاجة ماسة إليه أبدا في كل وقت وزمان، ولو أخر عنه البيان لكان التكليف واقعا بما لا سبيل للناس إليه، وذلك فاسد غير جائز".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري. قال أهل اللغة: الرد هنا بمعنى المردود ومعناه فهو باطل غير معتد به. وهذا الحديث قاعدة من قواعد الدين، وأصل من أصول العقيدة، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم.
قال الصنعاني في شرحه لحديث: (إنما الأعمال بالنيات): "واتفق ابن مهدي والشافعي وابن المديني وأحمد وأبو داود والدارقطني على أنه: ثلث الإسلام، ومن الناس من قال: ربعه.. وقال أحمد بن حنبل: بل لأنه ثلث القواعد الثلاث التي ترد إليها الأحكام، والثلثان الآخران حديث: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)".
وقال البيضاوي: "والمعنى: أن من أحدث في الإسلام ما لم يكن له من الكتاب أو السنة سند ظاهر أو خفي، ملفوظ أو مستنبط، فهو رد عليه، أي: مردود". وقال الطيبي: "والمعنى أن من أحدث في الإسلام رأيا لم يكن له من الكتاب والسنة سند ظاهر أو خفي، ملفوظ أو مستنبط - فهو مردود عليه".
وقال السيوطي: "(فهو رد) أي مردود بمعنى باطل غير معتد به. قال النووي: هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد البدع والمخترعات".
وقال الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة": "وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم، وطلبهم الدين من قبلهما، وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسنة فإن وجدوه موافقا لهما قبلوه، وشكروا الله حيث أراهم ذلك ووفقهم إليه، وإن وجدوه مخالفا لهما تركوا ما وقع لهم، وأقبلوا على الكتاب والسنة، ورجعوا بالتهمة على أنفسهم، فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق، ورأي الإنسان قد يرى الحق وقد يرى الباطل، وهذا معنى قول أبي سليمان الدارني ـ وهو واحد زمانه في المعرفة ـ: ما حدثتني نفسي بشيء إلا طلبت منها شاهدين من الكتاب والسنة، فإن أتت بهما، وإلا رددته في نحرها. أو كلام هذا معناه".
وقال اللالكائي في كتابه "أصول السنة" بقوله: "أما بعد: فإن أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله عباده من فهم توحيده وصفاته، وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها، والاستدلال عليها بالحجج والبراهين، وكان من أعظم مقول، وأوضح حجة ومعقول، كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار والمتقين".
وقال الإمام الشافعي: "وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن ما سواهما تبع لهما". وقال الإمام مالك: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وما صلح به أولها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله": "ليس في الاعتقاد كله، في صفات الله وأسمائه، إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه". وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "ولا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه".
العقيدة الإسلامية بأصولها وأركانها الثابتة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، تحقق السعادة في الدنيا والآخرة، لصحة دلائلها، ووضوح معالمها، ولموافقتها الفطر السليمة والعقول الصحيحة. ومن أهم خصائص العقيدة الإسلامية التي تميزت بها أنها ربانية، فلا تستمد أصولها من غير الوحي "الكتاب والسنة"، وهذه الخاصية لها أثرها الفريد في عصمة الأمة عن الخطأ والزلل والانحراف في فهم العقيدة، وذلك لأنها ترجع إلى مصدر موثوق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الوحي الذي تكفل الله تعالى بحفظه.. وأما أهل الأهواء ـ الذين انحرفوا عن معاني العقيدة الصحيحة ـ فقد تعددت مشاربهم، وخلطوا في مصادر عقائدهم، فتراهم يستدلون بالعقليات والأوهام، وآراء الرجال والفلسفات، والروايات الضعيفة، وما لا أصل له، وغير ذلك من المصادر الغير صحيحة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)..
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن قوله صلى الله عليه وسلم "(تفترق أمتي ثلاثة وسبعين فرقة) فأجاب في "مجموع الفتاوى": "الحمد لله، الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند، كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم ولفظه (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)، وفي لفظ (على ثلاث وسبعين ملة) وفي رواية (قالوا: يا رسول الله من الفرقة الناجية؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) وفي رواية قال (هي الجماعة، يد الله على الجماعة). ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة والجماعة وهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم.. وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها، واتباعا لها: تصديقا، وعملا، وحبا، وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه. وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات، والقدر، والوعيد، والأسماء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف: فما كان من معانيها موافقا للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان فيها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه، ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، فإن اتباع الظن جهل، واتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم"..