دعم فلسطين بين الثّوابت المشروعة والأدوات العمليّة

0 177

أمام التحولات الاستراتيجية التي تمر بها المنطقة العربية- على خلفية تداعيات معركة "طوفان الأقصى" التي تخوضها حركات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهذا الاستنفار الغربي ضد حركات المقاومة، وحشد هذه الترسانة من الأسلحة، وكأن العالم يجهز مسرح عمليات الحرب العالمية الثالثة- يكون من المهم للباحثين والمحللين المهتمين بالقضية الفلسطينية بشكل خاص، وبقضايا التحرر الوطني بشكل عام التأكيد على عدد من الثوابت الأساسية، وتبني عدد من الإجراءات والخطوات العملية لدعم هذه القضية.

الدفاع عن الثوابت الفلسطينية ترسيخ للعدالة الإنسانية
من بين الثوابت التي يجب التأكيد عليها في ظل هذه الموجة من موجات الصراع العربي- الإسرائيلي:

(1)- التأكيد على عدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته، على كامل الأراضي المحتلة.

(2)- التأكيد على أن حركات المقاومة الفلسطينية، هي حركات تحرر وطني، وليست حركات إرهابية، وأن الذي يمارس الإرهاب المفرط في حق الشعب الفلسطيني، وفي حق أبنائه، وحركاته، هو الكيان الاستيطاني الصهيوني المحتل.

(3)- التأكيد على حق الشعوب العربية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ودعمه بكل الوسائل المتاحة والممكنة، لتقرير مصيره وتحرير أرضه.

(4)- التأكيد على أن الكيان الصهيوني هو العدو الاستراتيجي الأول لكل الدول العربية، وأن سياساته التطبيعية مع عدد من النظم العربية- والقائمة على التغلغل والتوغل والتدخل في شؤون هذه الدول- هي أحد أسباب تغييب الديمقراطية، وتدمير مقدرات الشعوب العربية.

(5)- التأكيد على أن المعركة مع الكيان الصهيوني ليست أزمة عابرة أو متجددة، لكنها صراع متعدد الأبعاد؛ لأنه كيان قائم على احتلال الأرض والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد السكان الأصليين للأراضي الفلسطينية المحتلة.

(6)- التأكيد على أن إحدى أدوات مواجهة المحتل هي معركة الوعي وامتلاك الحقائق والمعلومات في مواجهة آلة التضليل الإعلامي الضخمة التي يمارسها ويعتمد فيها على شركائه الإقليميين والدوليين.

(7)- التأكيد على أن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ليس فقط دفاعا عن الأمن القومي الفلسطيني، ولكنه دفاع عن الأمن القومي العربي بكل مستوياته وأطرافه ومكوناته.

(8)- التأكيد على أن سياسات بعض النظم الغربية تماهت بشكل كامل مع سياسات الكيان المحتل، وأعطته الضوء الكامل للإفراط في سياساته وجرائمه وانتهاكاته للقانون الدولي العام ومعاهداته الأساسية، وللقانون الدولي الإنساني، وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالمخالفة لكل الأعراف والقيم الدولية، وتجاوزا لدور ومهمات وأهداف كل المنظمات الإقليمية والدولية.

(9)- التأكيد على أن الجهود الشعبية- بكل صورها، في كل دول العالم، عربية وغير عربية، عبر عشرات الفعاليات والتظاهرات التي خرجت فيها، رغم سياسات التضييق الأمني والإعلامي التي قامت بها بعض النظم في هذه الدول- هي تأكيد على عدالة وإنسانية القضية الفلسطينية.

أهمية الفعل والحركة بناء على الثوابت الراسخة
إن الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني ودعمه في رحلته الكفاحية- للدفاع عن حقه في تقرير مصيره الذي كفلته له كل التشريعات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية- يتطلب خطة شاملة للعمل الشعبي الفاعل، عبر عدد من المحاور الأساسية، من بينها:

أولا: المحور السياسي: تبني حملة للدبلوماسية الشعبية تستهدف السياسيين والإعلاميين والمفكرين المؤمنين بقيم العدالة والديمقراطية في كل دول العالم، للتعريف بالقضية الفلسطينية، وكشف الانتهاكات التي يمارسها الكيان الصهيوني، وتنظيم عدد من الفعاليات والتظاهرات الشعبية في مختلف دول العالم، لبناء رأي عام عالمي مساند للقضية الفلسطينية، وإدارة حملات علاقات عامة واسعة النطاق مع النخب ومنظمات المجتمع والجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية والمؤثرين في مختلف الدول؛ لبناء جماعات ضغط حقيقية ومؤثرة على حكومات هذه الدول.

ثانيا: المحور الاقتصادي: دعم كل جهود مقاطعة الشركات والهيئات والمؤسسات والشخصيات الداعمة لسياسات الكيان الإسرائيلي، ومطالبة الشركات والقطاعات الاقتصادية الشعبية العربية، بوقف تعاملاتها وعلاقاتها مع الشركات والمؤسسات الداعمة للكيان الصهيوني، والبحث عن بدائل وطنية عربية وتعزيز التعاون المشترك معها.

ثالثا: المحور الإعلامي: تكثيف البث الإعلامي والتغطية المفتوحة والمباشرة عبر كل الوسائل الإعلامية الممكنة، وعبر كل الحسابات الشخصية لكل المؤمنين بقيم الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، بمختلف الصور الداعمة للقضية الفلسطينية، والعمل على التشبيك والتواصل مع المؤسسات الإعلامية الدولية، وخاصة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومدها بالمعلومات والحقائق الميدانية عن الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك دعم الدور الإعلامي لكل الأفراد والجماعات، عبر توفير المطبوعات والمنشورات والمواد الإعلامية التي يمكنهم الاعتماد عليها في شبكاتهم ودوائرهم وحساباتهم، باعتبار أن كل فرد له دوائره التي يؤثر فيها داخل الدول العربية وخارجها.

رابعا: المحور الحقوقي: التواصل مع المنظمات الحقوقية، الدولية والإقليمية، الحكومية وغير الحكومية، ومدها بالمعلومات الدقيقة حول الانتهاكات الإسرائيلية، والعمل على تفعيل دور هذه المنظمات في تحريك هذا الملف أمام مختلف الأطراف ذات الصلة، والمطالبة بجلسات استماع خاصة أمام الهيئات والمؤسسات الحقوقية الدولية والإقليمية التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وغيرها من جهات ذات صلة.

خامسا: المحور القانوني: بذل كل الجهود الممكنة لتحريك دعاوى قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية، ضد الكيان الإسرائيلي؛ لمحاسبة حكومته ومسؤوليه على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يمارسها في حق الشعب الفلسطيني، وقيام السياسيين والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين بإجراء اتصالات وزيارات مباشرة للهيئات والمؤسسات القضائية والقانونية الدولية والإقليمية، لوضعها أمام مسؤولياتها في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

سادسا: المحور الإغاثي والإنساني: إدارة حملات تبرع مالي وعيني لدعم الشعب الفلسطيني، عبر منظمات إقليمية ودولية، حكومية وغير حكومية، وبحث كل الطرق الممكنة لتوصيلها إلى المحاصرين والنازحين والمهجرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبذل كل الجهود الممكنة، سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا لفتح المعابر الفلسطينية، لنقل الأدوية والمواد الغذائية ومصادر الطاقة للأراضي الفلسطينية المحتلة.

سابعا: المحور المعلوماتي: إعداد قواعد بيانات موثقة من مصادر رسمية وعلنية حول حقوق الشعب الفلسطيني، ونصوص الاتفاقيات والمعاهدات التي تضمن هذه الحقوق، ونشرها باللغات الأساسية للأمم المتحدة، في مواجهة سياسات التضليل الإسرائيلي، والتوسع في نشر الأفلام الوثائقية عن التاريخ الفلسطيني، وما تعرض له الفلسطينيون من انتهاكات منذ 1917، مع صدور إعلان بلفور وحتى اليوم، على أوسع نطاق ممكن.

إن الدفاع عن فلسطين وحريتها ودماء أبنائها اليوم، هو دفاع عن القيم الإنسانية التي رسختها الأديان السماوية، وقننتها المواثيق الدولية، ويجب على كل المؤمنين بهذه القيم والمتمسكين بهذه المواثيق، القيام بما يجب عليهم القيام به، إن كان هناك حرص على مستقبل البشرية.

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة