- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:ثقافة و فكر
هو أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، الميداني، النيسابوري.. نسبة إلى ميدان زياد بن عبد الرحمن وهي محلة من محال نيسابور كان يسكنها فنسب إليها.
وهو أديب فاضل، عالم، نحوي، لغوي.
قال عنه الإمام أبو الحسن البيهقي في "وشاح الدمية": الإمام، أستاذنا، صدر الأفاضل، أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد الميداني، صدر الأدباء، وقدوة الفضلاء، قد صاحب الفضل في أيام نفد زاده، وفنى عتاده، وذهبت عدته، وبطلت أهبته، فقوم سناد العلوم بعد ما غيرتها الأيام بصروفها، ووضع أنامل الأفاضل على خطوطها وحروفها، ولم يخلق الله تعالى فاضلا في عهده إلا وهو في مائدة آدابه ضيف، وله بين بابه وداره شتاء وصيف، وما على من عام لجج البحر الخضم واستنزف الدرر ظلم وحيف، وكان هذا الإمام يأكل من كسب يده.
وجاء في كتاب "ضالة الأديب، من الصحاح والتهذيب" لمحمد بن أبي المعالي بن الحسن الخواري يتحدث عن الميداني يقول: "سمعت غير مرة من كتاب أصحابه يقولون: لو كان للذكاء والشهامة والفضل صورة لكان الميداني تلك الصورة، ومن تأمل كلامه واقتفى أثره علم صدق دعواهم".
وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان": "... كان أديبا فاضلا، عارفا باللغة، اختص بصحبة أبي الحسن الواحدي صاحب التفسير، ثم قرأ على غيره، وأتقن فن العربية خصوصا اللغة وأمثال العرب، وله فيها التصانيف المفيدة، منها كتاب الأمثال المنسوب إليه، ولم يعلم مثله في بابه، وكتاب "السامي، في الأسامي" وهو جيد في بابه، وكان قد سمع الحديث ورواه".
تصانيف رائقة
كان لأبي الفضل الميداني اليد الطولى في التصنيف، والقلم المتأنق في العبارة، والإلمام التام بالعلم الذي يؤلف فيه.. وقد صنف عددا من التصانيف البديعة، عامتها في اللغة والأدب وما يتعلق بها، وهي فريدة في نوعها، عالية في بابها، حتى لا يكاد يعلى عليها.
ومن تصانيفه:
كتاب "الأنموذج في النحو"، وكتاب "الهادي للشادي" فى الإعراب فى ثلاثة أجزاء (أسماء، أفعال، حروف)، وكتاب "النحو الميداني"، وكتاب "نزهة الطرف في علم الصرف"، وله كتاب في "شرح المفضليات"، وكذا كتاب "منية الراضي برسائل القاضي".
ومن كتبه السامية العالية "كتاب السامي في الأسامي"، وهو قاموس عربى فارسى لمصطلحات عامة وكلمات، قال عنه ابن خلكان: "وأتقن فن العربية خصوصا اللغة وأمثال العرب، وله فيها التصانيف المفيدة، منها كتاب الأمثال المنسوب إليه، ولم يعلم مثله في بابه، وكتاب"السامي، في الأسامي" وهو جيد في بابه".
قال أسعد بن محمد المرساني عن هذا الكتاب:
هذا الكتاب الذي سماه بالسامي
درج من الدر، بل كنز من السام
مـا صنفت مثـله في فنــه أبــد
خـواطر الناس من حام ومن سام
فيــه قلائــد ياقــوت مفصــلة
لكل أروع ماضـي العـــزم بســـام
فكعب أحمد مولاي الإمام سما
فوق السماكين من تصنيفه السامي
كتاب "مجمع الأمثال"
ومن أشهر تصانيفه، كتابه الموسوم بـ "مجمع الأمثال"، سماه ياقوت الحموي "جامع الأمثال"، وسماه ابن خلكان "كتاب الأمثال"، وأطلق عليه حاجي خليفة في "كشف الظنون" "مجمع الأمثال"، وهذا هو المشهور في اسم الكتاب كما قال محمد محيي الدين عبد الحميد.
والكتاب تحفة في بابه، جامع مانع، ونافع ماتع، وقد أجمع الناس على أنه فريد في بابه، لم يؤلف في بابه مثله، كما قال ابن خلكان: "وله فيها (اللغة) التصانيف المفيدة، منها كتاب الأمثال المنسوب إليه، ولم يعلم مثله في بابه".
قال العلامة الكبير محمد محيي الدين عبد الحميد، في مقدمة تحقيق الكتاب، أصل هذا المقال: "... أفضل كتاب صنف في موضوعه حسن تأليف، وبسط عبارة، وكثرة فائدة، حتى إن الإمام الزمخشري حين تأمله ندم على أن ألف كتابا جامعا في الأمثال، فقد ظن أنه حشد فيه وجمع ما لم يتهيأ لغيره من أدباء العربية وعلمائها، وباهى بأن سماه "المستقصي"، ثم تبين له أنه أقل فائدة، وأهون جمعا مما صنفه الميداني.
الميداني والشعر
كان للميداني مشاركة جيدة في الشعر، ومن قرأ شعره علم أنه قد أوتي في الشعر مثل ما أوتي في الأدب، وقد رويت له أشعار تدل على علو كعب في النظم، ورقة طبع في المشاعر، ورصانة في التوليف والتأليف.
فمن أشعاره:
ما ذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان قائلا: "وكان ينشد كثيرا، وأظنهما له:
قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن أشعاره: وذكر البيتين السابقين.
ونسبهما له أيضا أبو الحسن البيهقي في وشاح الدمية.
قال أبو الحسن البيهقي: "ومما أنشدني - رحمه الله – لنفسه:
يا كاذبا أصبح في كذبه أعجوبة أية أعجوبه وناطقا ينطق في لفظة واحدة سبعين أكذوبه شبهك الناس بعرقوبهم لما رأوا أخذك أسلوبه فقلت كلا إنه كاذب عرقوب لا يبلغ عرقوبه
طرفة لطيفة
وقد جاء في بعض كتب أهل الأدب: "أن الميداني لما صنف كتاب الجامع في الأمثال وقف عليه أبو القاسم الزمخشري، فحسده على جودة تصنيفه، وأخذ القلم وزاد في كلمة الميداني نونا قبل الميم فصار "النميداني"، ومعناه بالفارسية الذي لا يعرف شيئا، فلما وقف الميداني على ذلك أخذ بعض تصانيف الزمخشري، فصير ميم نسبته نونا فصار "الزنخشري" ومعناه بائع زوجته.
قال طاش كبرى في مفتاح السعادة: "المعنى المذكور أعني بائع زوجته ليس يحصل بتبديل الميم نونا فقط، بل يجب مع ذلك تقديم الشين على الخاء، ويقال: "زنش خرى" وأما بدون هذا التقديم فمعناه أمر قبيح شنيع وهو تغوط على ذقنه" أ. هـ
وفاته
توفى أبو الفضل الميدان ـ عليه رحمة الله ـ يوم الأربعاء الخامس والعشرين من رمضان سنة ثمان عشرة وخمسمائة، ودفن بمقبرة الميدان. فرحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.