هدم المنازل في الضفة الغربية: سياسة ممنهجة للتطهير العرقي

0 2

 تشهد الضفة الغربية تصعيدا خطيرا في عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى التهجير القسري والتطهير العرقي. هذه الممارسات تأتي بالتزامن مع توسع الاستيطان الإسرائيلي ومحاولات ضم الضفة الغربية، وسط صمت دولي قد يرقى إلى حد التواطؤ.

تصاعد عمليات الهدم
شهدت الفترة الأخيرة تصعيدا غير مسبوق في عمليات الهدم، حيث دمرت قوات الاحتلال مئات المنازل والمنشآت، مما أدى إلى تشريد آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، وأصبحوا بلا مأوى في ظروف إنسانية صعبة. وتركزت هذه العمليات في مناطق مثل الخليل وأريحا والقدس المحتلة، بالإضافة إلى شمال الضفة الغربية، التي تشهد هجمات عسكرية واسعة منذ أسابيع.

شهادات من الميدان
أوضح العديد من أهالي "مسافر يطا" أن الاحتلال صعد اعتداءاته بحق المواطنين، من خلال هدم المنازل والمنشآت، ومنع المواطنين من البناء، وحرمانهم من الكهرباء ومياه الشرب، لحملهم على الرحيل عن منازلهم وترك أراضيهم لصالح الاستعمار.

في 10 فبراير، نفذت قوات الاحتلال عمليات هدم واسعة في ثلاث قرى بمنطقة مسافر يطا جنوب الخليل، حيث دمرت تسعة منازل وكهوف خزانات مياه وألواح طاقة شمسية ومشاريع زراعية. وفقا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أدت هذه الاعتداءات إلى تهجير تسع عائلات تضم 57 فردا، بينهم 35 طفلا و9 نساء.
يقول المواطن عبد الرحمن أبو حميد، أحد المتضررين: "جاء جنود الاحتلال عند الفجر، لم يمهلونا حتى لإخراج أشيائنا، حطموا كل شيء أمام أعيننا، وتركوا أطفالنا في العراء. أين نذهب؟ هذه أرضنا ولن نرحل عنها."

وفي 8 فبراير، أجبرت سلطات الاحتلال مواطنين على هدم منزليهما في قريتي أم طوبا وجبل المكبر بالقدس المحتلة، بدعوى البناء دون ترخيص، مما أدى إلى تشريد عائلتين تضمان 11 فردا، بينهم سبعة أطفال وامرأتان.

إحصائيات صادمة
منذ بداية العام الجاري، هدمت قوات الاحتلال 188 منشأة، منها 113 منزلا، بينها 17 منزلا أجبر أصحابها على هدمها ذاتيا في القدس المحتلة، و30 منزلا بحجة عدم الترخيص. كما استهدفت عمليات الهدم منازل أربعة أسرى في طولكرم كجزء من سياسة العقاب الجماعي، وطالت 75 منشأة تجارية أخرى.

تصاعد الاستيطان وسط صمت دولي
في الوقت الذي تهدم فيه منازل الفلسطينيين، تواصل سلطات الاحتلال بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة ومصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنين. هذه السياسة تهدف إلى فرض أمر واقع ديموغرافي جديد تمهيدا لضم الضفة الغربية.
يقول الناشط الحقوقي محمود أبو رحمة: "الاحتلال لا يهدم فقط، بل يستبدل السكان الأصليين بالمستوطنين. كل منزل فلسطيني يهدم يقابله بناء وحدة استيطانية جديدة. هذه جريمة حرب موثقة، والمجتمع الدولي شريك بصمته".

جرائم حرب
يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن عمليات الهدم والتهجير القسري ترقى إلى جرائم حرب وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر العقوبات الجماعية والتدمير غير القانوني لممتلكات السكان الواقعين تحت الاحتلال. كما أن تسارع وتيرة الاستيطان يمثل انتهاكا صارخا لقرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يؤكد عدم شرعية المستوطنات ويدعو إلى وقفها الفوري.

الصمود ورفض التهجير
رغم كل الجرائم والانتهاكات، يبقى الفلسطينيون متمسكين بأرضهم، مؤكدين أن سياسات التهجير والاقتلاع لن تثنيهم عن البقاء والصمود. ومع استمرار تصاعد الهدم والاستيطان، يبقى السؤال الأهم: متى يتحرك المجتمع الدولي لمحاسبة إسرائيل ووقف هذه الجرائم بحق الشعب الفلسطيني؟

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة