معاني السنة عند المحدثين والفقهاء

0 2336

السنة في اللغة: هي السيرة والطريقة سواء أكانت حسنة أم سيئة ، محمودة أم مذمومة ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء) رواه مسلم.

وأما في الشرع : فتطلق على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا ، وقد تطلق السنة على ما كان عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم ، واجتهدوا فيه ، وأجمعوا عليه ، وذلك كجمع المصحف ، وتدوين الدواوين ، قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) رواه الترمذي وغيره.

كما تطلق السنة على ما يقابل البدعة ، وذلك فيما يحدثه الناس في الدين من قول أو عمل مما لم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه ، فيقال فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقال فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك ، وقد تطلق السنة على غير الفرائض من نوافل العبادات التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وندب إليها .

وللعلماء رحمهم الله اصطلاحاتهم الخاصة في تعريف السنة بحسب الأغراض التي عنيت بها كل طائفة منهم:

فعلماء الحديث مثلا بحثوا في أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره محل القدوة والأسوة في كل شيء ، فنقلوا كل ما يتصل به من سيرة وخلق وشمائل وأخبار وأقوال وأفعال ؛ ولذا فالسنة عندهم : هي ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية ، أو سيرة ، سواء كان قبل البعثة أو بعدها .

وأما علماء الأصول فقد بحثوا في أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره المشرع الذي يضع القواعد للمجتهدين من بعده ، ويؤصل الأصول التي يستدل بها على الأحكام ، فعنوا بما يتعلق بذلك وهي أقواله وأفعاله وتقريراته ، فالسنة عندهم: هي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح أن يكون دليلا لحكم شرعي .

وأما الفقهاء فإنهم يبحثون عن حكم الشرع على أفعال العباد وجوبا أو حرمة أو استحبابا أو كراهة أو إباحة ، ولذلك فإن السنة عندهم هي ما يقابل الفرض والواجب .

ومما سبق من تعريفات يتبين أن اصطلاح المحدثين هو أوسع الاصطلاحات لتعريف السنة ، فهو يشمل أقواله صلى الله عليه وسلم وهي كل ما صدر عنه من لفظه ، كحديث (إنما الأعمال بالنيات) ، وحديث (الدين النصيحة) ، وحديث (بني الإسلام على خمس).

ويشمل أفعاله التي نقلها إلينا الصحابة في جميع أحواله كأداء الصلوات ، ومناسك الحج ، وغير ذلك ، ويشمل كذلك تقريراته وهي ما أقره عليه الصلاة والسلام من أفعال صدرت من بعض أصحابه إما بسكوته مع دلالة الرضى ، أو بإظهار الاستحسان وتأييد الفعل ، كإقراره لأكل الضب حين أكل منه بعض الصحابة مع أنه لم يأكل منه .

وتشمل السنة في اصطلاح المحدثين صفاته الخلقية وهي هيأته التي خلقه الله عليها وأوصافه الجسمية والبدنية ، وصفاته الخلقية وهي ما جبله الله عليه من الأخلاق والشمائل ، وتشمل كذلك سيرته صلى الله عليه وسلم وغزواته وأخباره قبل البعثة وبعدها .

وقد دون المحدثون هذه السنة جميعها وتلك الأقسام وحفظوها في أمهات كتب السنة ومصادر السيرة النبوية الشريفة التي تشهد جهدهم وجهادهم في حفظ هذا الدين .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة