- اسم الكاتب: نور الهدى سعد
- التصنيف:تحرير .. أم تغرير
المستميتات في الدفاع عن حق المرأة في العمل من داعيات التحرر والفكر النسوي.. لا تقف وراء دفاعهن فلسفة إنسانية سوية تنظر إلي هذا الحق كفرع للتكامل بين شقي المجتمع - الرجال والنساء - أو كرمز لتكريم الإسلام للمرأة، ومن ثم نظرته إليها كإنسان كامل الهوية، من واجبه المشاركة في إعمار الأرض تحقيق الفقه الاستخلاف.
إنهن يعتبرن هذا الحق مدخلا لتحقيق ذات المرأة.. الذات الاقتصادية التي ترادف الاستقلال المادي عن الرجل، ومن ثم الانفلات من قبضة "السلطة الأبوية" والتحرر من قيود "المجتمع الذكوري" على حد تعبيرهن!.
مقدمة للاستقلال الجسدي
والمتطرفات منهن يعتبرن هذا الاستقلال مقدمة للاستقلال الجسدي للمرأة بدعوى أن الرجل يمتلك جسد امرأته بموجب تبعيتها الاقتصادية له.. وفي غمرة حماسهن المريض لترويج هذا المنطق الأكثر مرضا يتناسين أن الأب مكلف بالإنفاق على ابنته.. والأخ على أخته والابن على أمه، ومن ثم فإن علاقة التبعية الاقتصادية كما يسمينها لا توجد في إطار الزواج فقط ، بل في الإطار الأسري العام الذي ينفرد الإسلام بتقديم رؤية متميزة ومتكاملة له.. رؤية تمزج في تناسق بديع بين الذمة المستقلة للمرأة ، وحقها في أن تكون معالة اقتصاديا من أبيها أو أخيها أو زوجها أو ابنها، وأيضا من المجتمع المسلم الذي من المفترض أن "يكفل" كل من تفتقر إلى عائل.
مفاهيم خاطئة
وقد لا يمكن الزعم بأن واقعنا الاجتماعي خال من رجال ينكلون بشريكات حياتهن، ويذلون أعناقهن بسيف الإنفاق.. ولكن هذا لا ينهض دليلا على صحة مزاعم داعيات تحرير المرأة واستقلالها الاقتصادي ، إذ كيف يصح بناء قاعدة اجتماعية على أساس شذوذ فكري وسلوكي؟
وكيف يتسق زعمهن بأن الرجل يستعلي على زوجته بإنفاقه عليها مع التصوير القرآني البديع لما يجب أن يفعله الزوج سوي الفطرة حين تنشز زوجته - إذ يقول الله (عز وجل) في محكم كتابه: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا) (النساء: 43)، وليس من بين هذه البدائل الإصلاحية.. الحرمان من النفقة أو الإذلال بالتجويع مثلا !.
القوامة وجه من وجوه الإعجاز
إن قوامة الرجل وجه رائع من وجوه إعجاز القرآن الكريم، ولو فهمت ومورست بمرادها وأهدافها لحققت للرجل والمرأة معا التوازن والاستواء والراحة، فمن علامات استقامة الفطرة أن يسعد الرجل بركن الإنفاق في القوامة، ولا يراه عبئا ومسئولية كريهة.. وأن تزهو المرأة بأنها في كنف رجل وفي ظل قوامته المعنوية والمادية، وأنهما يمثلان معا صورة واقعية لقيمة الأسرة التي يعد محوها هدفا إستراتيجيا للحركات النسوية الساعية ليس فقط لخلخلة كيان الأسر القائمة بالفعل، بل لتغيير اتجاهات الرجال والنساء نحو مفهوم الأسرة ذاته، لينظروا إليه كقيد.. وكقالب تقليدي لصب علاقة المرأة بالرجل.. وكعدو لحرية الرجال، وطموحات النساء!.
ليتهن يذقن
إن اللاتي يصرخن مطالبات بالاستقلال الاقتصادي للمرأة لم يذقن متعة أن ينفق الرجل على زوجته، ويكرمها فيشعرها بإنسانيتها، ولم يجربن الإحساس الرائع بالتميز وهن يتمتعن بحق النفقة والذمة المالية المستقلة في الوقت نفسه.
ليتهن يذقن.. ويجربن.. وليت بعض بناتنا ونسائنا يتخلصن من وهم الإحساس بالذل؛ لأن الرجال ينفقون عليهن.. فكل زوجة "تابعة" اقتصاديا لزوجها من حقها أن تزهو.. وتفخر.. وتعتز بأنها كانت سببا في منحه وسام شرف.. القوامة.