بداية البعثة النبوية

2 2175

قبل بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم كانت البشرية تعيش في ضلالات الجهل والشرك والإلحاد ، وكانت العرب جزءا من تلك البشرية الغارقة في الانحطاط ، والتي تحتاج إلى من ينقذها وينتشلها مما هي فيه .

كان الجهل فاشيا، والظلم جاثما، والفوضى ضاربة بأطنابها في كل مكان، حقوق مسلوبة، وأعراض منتهكة، وحياة بغير نظام ولا قانون، ولا تشريع ولا تنظيم، سوى بعض العادات ، والأعراف القبلية .

كان الأمن مفقودا ، والسلب والنهب أمرا معهودا ، حياة لا أمان فيها ، ولا استقرار ، فالمقيم مهدد بالضرر، والمسافر في وجل وخطر .

كان القتل ، والنهب ، واعتداء القوي على الضعيف ، وكانت الحروب تنشأ لأتفه الأسباب ، فتزهق النفوس، وترمل النساء ، وييتم الأطفال .

في ظل هذه الظروف وتلك الأوضاع ، وبعد فترة من انقطاع الرسل بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على رأس الأربعين من عمره ؛ حيث جاءه جبريل وهو في غار حراء بأول ما نزل من القرآن ، فقرأ عليه قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } (العلق :1) ، ثم توالى نزول القرآن - الكتاب الخاتم - وبدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعوته على مراتب خمس كما ذكر ذلك ابن القيم-رحمه الله- في كتابه "زاد المعاد" : المرتبة الأولى : النبوة ، والثانية : إنذار عشيرته الأقربين ، والثالثة : إنذار قومه ، والرابعة : إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله ، وهم العرب قاطبة ، والخامسة : إنذار جميع من بلغته دعوته من الجن والإنس إلى آخر الدهر .

فقام بمكة ثلاث سنوات يدعو إلى الله سرا ، ثم جهر بالدعوة بعد نزول قول الله تعالى : { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } (الحجر :94).

لقد كانت بعثته -صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين ، كما أخبر بذلك أصدق القائلين :{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء :107) ، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ( إنما أنا رحمة مهداة ) رواه الحاكم في "المستدرك" ، و البيهقي في شعب الإيمان ، وصححه الألباني .
فمن آمن به وصدقه ، فاز فوزا عظيما ، قال تعالى : {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }(الأحزاب :71) .

ومن أعرض عن هدايته فقد ضل ضلالا بعيدا ، وخسر في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} (طه :124).

كانت دعوته إلى الإيمان بالله وحده وعدم الشرك به ، وإلى الفضيلة والرشد ، وإلى الأمانة والصدق ، دعوة إلى الخير بكل أنواعه ، وتحذيرا من الشر بكل أصنافه .

إن بعثته - صلى الله عليه وسلم- كانت ميلادا جديدا للبشرية ، وتاريخا عظيما للإنسانية ، قال تعالى :{ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} (الأعراف :158).

فببعثته كمل للبشرية دينها ، وتم للإنسانية نعيمها ، قال تعالى : {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } (المائدة :3) .

فكان الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده جميعا ، ولن يقبل الله من أحد دينا سواه ، قال تعالى:{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران : 85).

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة