- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:فقه الصيام
فريضة الصيام عبادة شرعها الله تعالى في وقت محدد من العام، لا يجوز أداؤها في غيره، الأمر الذي يحتم على المسلم معرفة الأحكام المتعلقة بدخول شهر الصوم وخروجه، حتى يؤدي هذه العبادة على الوجه المطلوب.
بم يثبت دخول رمضان:
دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين:
الأول: رؤية هلال رمضان، ودليل ذلك قوله تعالى في آية الصيام: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (البقرة:185) وقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) متفق عليه.
فإذا رأى مسلم عاقل بالغ عدل موثوق بخبره وأمانته، هلال رمضان فقد ثبت دخول الشهر، وتعين على الناس الشروع في صيامه.
الثاني: ويثبت دخول شهر رمضان أيضا، بتمام شعبان ثلاثين يوما، لأن غاية الشهر القمري أن يكون ثلاثين يوما، ولا يكون أكثر من ذلك ، وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا - يعني ثلاثين يوما - ثم قال: وهكذا وهكذا وهكذا - يعني تسعة وعشرين يوما -)، أي أنه إما أن يكون ثلاثين أو تسعة وعشرين.
فإذا كمل شهر شعبان ثلاثين يوما ، فمعنى ذلك أن شهر رمضان قد بدأ بلا خلاف، وأيضا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) متفق عليه.
فإذا تحرى الناس الهلال ولم يروه ، فعليهم إتمام شعبان ثلاثين يوما، ولا يجوز - على الصحيح - صيام يوم الثلاثين على أنه من رمضان؛ لعدم ثبوت دخول الشهر.
وهذا اليوم - يوم الثلاثين - يعرف بيوم الشك؛ والدليل على عدم جواز صيام هذا اليوم، قول عمار بن ياسر رضي الله عنه: (من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم) رواه أبو داود، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن صوم يوم الشك، ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صياما فليصمه).
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم - أي خفي - عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)، والحديث واضح الدلالة على أن بدء الصوم معلق برؤية الهلال، فإذا لم تحصل الرؤية، لزم الناس أن يكملوا شعبان ثلاثين يوما.
ولذا فإنه يستحب للناس التماس هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، لكن لا يجب ذلك على كل مسلم، بل هو فرض على الكفاية، إذا فعله البعض سقط عن الباقي.
وخلاصة الأمر في هذه المسألة: أن شهر رمضان إذا ثبت بأحد الطريقين المتقدمين، وجب على الناس الصيام، وإلا لم يجز الشروع في الصيام؛ لعدم ثبوت دخول رمضان.
ثم إن الخروج من شهر رمضان يكون أيضا بأحد الطريقين اللذين تقدم الحديث عنهما، غير أن ثبوت هلال شوال لا يثبت إلا برؤية شاهدين، بخلاف ثبوت هلال رمضان، فإنه يثبت برؤية شاهد واحد، بالشروط المعتبرة في الشهادة، وقد عللوا الفرق بينهما، بأن الخروج من العبادة يحتاط فيه أكثر مما يحتاط في الدخول فيها.
بقي أن نذكر أن من المسائل التي كانت مجال أخذ ورد بين علماء الشريعة، المتقدمين منهم والمتأخرين، مسألة ما لو ثبتت رؤية الهلال في بلد من بلاد المسلمين، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية؟ وللعلماء في هذه المسألة أقوال لا يتسع المقام لبسطها.
والراجح الذي تؤيده الأدلة النقلية والعقلية، هو القول باختلاف المطالع، وهو أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته، وإذا لم تختلف فإنه يجب على من لم يره أن يوافق غيره ممن رآه، وأن يعمل بمقتضى هذه الرؤية، لقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (البقرة:185)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) رواه البخاري ومسلم
ولا يشترط أن يراه كل أحد من المسلمين، بل يكفي في ذلك رؤية من تقوم الحجة بشهادته، وهو المسلم العدل، ويلزم بقية المسلمين العمل بتلك الرؤية، ما لم تختلف مطالع الهلال بينهم على الراجح من أقوال أهل العلم.
ومن الأدلة النظرية قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي؛ وذلك أن البلدان ما دامت تختلف في طلوع الفجر وغروبه، فيختلفون في الإمساك والإفطار، فكذلك يقال في اختلافهم في دخول الشهر وخروجه، فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي، فيجب أن نحكم باختلافها كذلك في التوقيت الشهري سواء بسواء.
هذا هو حاصل الكلام في هذه المسألة، والله تعالى أعلم.