- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:شخصيات قرآنية
كثيرة هي تلك الأصوات التي ارتضت لنفسها حياة الظل والبعد عن الأضواء، وآثرت الآخرة على الدنيا، فجعلت الإخلاص شعارها، والعمل بما يرضي الله وجهتها.
والشيخ محمد حماد رحمه الله يعد من الرعيل الأول من قراء القرآن الكريم، الذين التزموا بالقواعد الصحيحة، والأحكام السليمة لأصول التلاوة والتجويد، دون إفراط أو تفريط.
ولد الشيخ في قرية شبرا باص التابعة لمحافظة المنوفية، من القطر المصري، وحفظ القرآن الكريم ولما يبلغ الثامنة من عمره...وبعد أن التحق بالكتاب وتكشفت مواهبه، نذر الشيخ نفسه لخدمة كتابة الله قراءة وإقراء.
برز الشيخ محمد حماد في مطلع شبابه، وسط كبار القراء بصوته العذب الجميل، وقدرته الفائقة على تطويع صوته حسب موضوع الآيات القرآنية التي يتلوها، مع التزامه الشديد بأصول القراءة، وأحكام التلاوة، دون التفات إلى سمعة أو شهرة؛ مؤمنا برسالة القرآن التي نذر نفسه لأجلها...فآثر الانشغال بما هو خير وأبقى، فوضع له القبول بين الناس، وامتدت شبكة علاقاته إلى كل الناس، وصدق فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس) رواه ابن حبان.
ورغم المنزلة التي تبوأها الشيخ في عالم تلاوة القرآن، بيد أنه لم ينقطع يوما عن متابعة التحصيل العلمي، فكان رحمه الله ذا دأب وصبر وجلد على طلب العلم، قل نظيره، وعز وجوده في غيره من القراء. وقد فتح الله عليه بالحصول على العديد من المؤهلات العلمية، الأمر الذي هيأه ودفعه ليقوم بدور الداعية بعد أن تيسرت له أسباب ذلك. فجاب العديد من البلدان العربية والإسلامية، بعد أن تلقى منها العديد من الدعوات، حتى أثمرت جهوده الدعوية بإعلان العشرات من الناس الإسلام على يديه. وقد اعتمد رسميا سفيرا فوق العادة للقرآن.
وللشيخ حماد -مع ما كان عليه من نشاط دعوي- مواقف اجتماعية وإنسانية مشهودة، تجلت في دعم كثير من المشروعات الخيرية، وبناء المساجد والجمعيات الإسلامية. إضافة إلى ما عرف عنه من أنه كان معوانا على الخير، ساعيا في حاجة كل من سعى إليه، فلم يكن يرد بابا لأحد.
لقد عاش الشيخ حماد رحمه الله عفيف النفس، كريما، جوادا، إلى أن توفاه الله في إحدى ليالي شهر رمضان، بينما كان في إحدى رحلاته الدعوية في نيجيريا، وكان ذلك سنة (1991م) بعد أن أنفق عمره داعيا لربه، وقارئا لكتابه، نحسبه كذلك، والله حسيبه. رحم الله الشيخ رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.