كيف نحافظ على صحة أبنائنا النفسية ؟

1 777

كنت دائما أصفعه على وجهه، أضربه، كنت أشعر بالغضب كثيرا، ولم أكن أستطيع أن أتحكم في أعصابي، وكان زواجي يوشك أن ينتهي أيضا، وكانت لدي مشكلات كثيرة.
هذه كلمات امرأة بريطانية اسمها "بات ستيفنز" تتحدث عما كانت تفعله مع طفلها "بن" ابن الرابعة لعدم استقرارها في زواجها الذي كاد أن ينتهي بالطلاق.
وإدراكا من هذه المرأة لأهمية استقرار الحياة الزوجية ودورها في حماية الأطفال من الآثار السلبية المختلفة عليهم فقد قامت بإنشاء رابطة تدعى (أسر مجهولة)، واستطاعت أن تساعد كثيرا من الأمهات وتوجيه النصح لهن.
ولقد قام "جون بولين" ببحث أثبت فيه أن اضطراب كثير من الجانحين يرجع في أساسه إلى العلاقات الأسرية المضطربة التي نشأوا فيها.
كذلك قام العالم الدانمراكي "كمب" ببحث في كوبنهاجن على 350 فتاة ممن احترفن الدعارة فاتضح أن ثلثهن نشأن في أجواء يسودها الاضطراب.
وفي دراسة شملت 110 أسرة أمريكية تضم أطفالا تتفاوت أعمارهم ما بين ثلاثة وخمسة أعوام أجراها معهد العلوم النفسية في أتلانتا تبين أن هناك دلائل قطعية على وجود علاقة بين شخصية الطفل المشاغب، كثير الحركة، العنيد والمتمرد والعدواني، وبين الأم كثيرة الغضب، التي تصرخ دائما وتهدد بأعلى صوتها حين تغضب.
هكذا تلتقي الدراسات التربوية والأسرية على أهمية استقرار الأسر في صحة الأبناء النفسية، وعلى دور الخلافات الشديدة والشجارات الدائمة بين الزوجين في فقدان الأبناء لهذه الصحة النفسية أو قدر منها.
فكيف ينجح الزوجان في حفظ الأبناء بعيدا عن خلافاتهما، والعمل على تحقيق الوفاق بينهما؟ هذه مقترحات نقدمها للآباء والأمهات:
أولا: احرصوا على محاورة أبنائكم في هدوء، دون هياج أو غضب. اشرحوا لهم أخطاءهم وآثارها السلبية، وحاولوا أن تضربوا لهم الأمثلة المقنعة.
ثانيا: لا تختلفوا أمام أبنائكم، وتعاهدوا على ذلك،
وهذا يحقق فائدتين: أولاهما : تقليل الأوقات التي يختلف فيها الأزواج والزوجات. وثانيهما حماية الأبناء من الآثار الضارة لهذه الخلافات.
ثالثا: لا ينتقد أحد الزوجين الآخر على أسلوبه في تربية ابنه أو ابنته في حضورهما. وليؤجل هذا النقد - إذا كان لابد منه - إلى وقت يكون فيه الأبناء بعيدين عن الأبوين.
رابعا: اجتنبوا ضرب الأبناء ما استطعتم، فكثيرا ما تكون النظرة الحازمة، أو الكلمة الحاسمة، أشد على الأبناء وأجدى من الضرب، وبخاصة ذلك الضرب الذي يدفع إليه غضب الأب أو الأم فيكون تشفيا أكثر منه تأديبا, وعلينا أن نتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يضرب أحدا. تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه ؛ إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى"[صحيح مسلم].
خامسا: ليضاعف الزوج حلمه على زوجته في أيام حيضها إذ تكون خلالها سريعة الاهتياج، قليلة الاحتمال، متقلبة المزاج، شديدة الإحساس بالكآبة والضيق. إنها في زمن دورتها شبه مريضة وتحتاج من زوجها إلى صبر وسعة صدر. وننصح كل زوج أن يحفظ تاريخ دورة زوجته الشهرية ويعد نفسه مع اقتراب موعدها لضبط أعصابه تجاه ما يصدر من زوجته.
سادسا: ليحرص كل من الزوجين على ألا يستقصي كل شيء، ولا يتابع كل صغيرة وكبيرة.
ليتغافل الزوج عن كثير مما يبدر من زوجته من هنات، وما تنطق به من كلمات، وما يصدر عنها من تصرفات.
لتتغافل الزوجة عن بعض إهمال زوجها وبعض تقصيره نحوها وبعض انشغاله عنها. قال سفيان الثوري: ما زال التغافل من فعل الكرام.
سابعا: من أسباب الجفاء الذي يباعد بين الزوجين: إهمالهما الثناء، ثناء كل منهما على صاحبه؛ لهذا نقول للزوج: اثن على زوجتك، امدح عملها، حديثها، طبخها، تربيتها أبناءها وبناتها، رعايتها لك، صبرها واحتمالها. إن كلمات الزوج الطيبة تترك في نفس الزوجة آثارا طيبة لا تنساها على مدى الأيام. وأنت كذلك أيتها الزوجة لا تبخلي بكلماتك الطيبة فهو يحتاج إليها أيضا.
ثامنا: يهمل كثير من الزوجات والأزواج الدعاء وهو سلاح المؤمن يتغلب به على كثير مما يشكو منه ويحذره.
فالزوجة التي تشكو من زوجها شيئا تغفل عن الدعاء بأن يصلحه الله لها، وكذلك يهمل الزوج أن يدعوه سبحانه أن يصلح زوجته له ويصلح ما بينهما.
تاسعا: ليتجنب كل من الزوجين السخرية ؛ فهي خلق غير إسلامي. يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن)[الحجرات:11].
ولقد أكدت دراسة استفتائية أجريت في ألمانيا أن أبرز أسباب الخلافات الزوجية سخرية أحد الزوجين من الآخر وتهكمه به.
عاشرا: تبادلا الهدايا؛ فالهدية تحمل قدرا كبيرا من الود مهما كان ثمنها قليلا، قال صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا"[صحيح الجامع الصغير].
اللهم وفق بين الأزواج والزوجات، واملأ بيوتهم سلاما وأمنا وودا ومحبة.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة