ولا عـزاء.. للغافلين

0 614

ألف مبروك لمصر‏..‏ أخيرا اكتست الشفاه بالبسمات‏,‏ وامتلأت الأجواء بالزغاريد‏,‏ وتبادل المواطنون التهاني وأكواب الشربات والقبلات والكلاكسات حتي آخر نقطة ماء في البطارية‏.‏

لكن فئة قليلة منا اندهشوا لما يحدث حولهم‏,‏ مساكين‏,‏ لم يتابعوا القضية من بدايتها‏,‏ ولذلك عندما تجرأوا وسألونا في دهشة عما حدث‏..‏ نظرنا إليهم شذرا ولم نرد عليهم علي اعتبار أنهم ليسوا وطنيين ولم ينشغلوا مثلنا بالتحدي المصيري الذي فزنا في نهايته علي دولة الكويت‏.‏ سألونا أسئلة هايفة‏:‏لا تتفق مع جلال المناسبة‏:‏ هل فازت مصر بتنظيم كأس العالم؟ لم نرد‏..‏ فعادوا يسألون هل أعلنت أمريكا انسحابها من العراق؟ هل قامت حماس بعملية عظيمة لهدم الجدار الواقي راح ضحيتها مئات الإسرائيليين؟ هل اتفق الزعماء العرب علي انعقاد القمة؟ هل صرخ زعماؤنا في وجه أمريكا بكلمة لا؟‏.‏ مالنا احنا ووجع الدماغ ده ؟‏!.‏ لكننا أشفقنا عليهم في النهاية وقررنا التنازل وإشراكهم في فرحتنا‏.‏ قلنا لهم‏:‏ الحمد لله محمد عطية فاز علي بشار باكتساح‏!‏

زادت دهشتهم وسألوا‏:‏ محمد عطية مين ويطلع إيه بشار؟‏.‏ قلنا لهم‏:‏ محمد عطية كان ضمن مجموعة كبيرة من الشباب والفتيات يمثلون الوطن العربي شاركوا جميعا في برنامج ستار أكاديمي بمحطة‏L.B.C‏ اللبنانية‏,‏ وخضعوا جميعا لتدريبات في التمثيل والغناء والرقص والإتيكيت‏,‏ وكان الجمهور يصوت لهم من أنحاء الوطن العربي وهو يتابعهم وهم يعيشون معا خلطبيطة في بيت كبير‏,‏ غرقان في الكاميرات‏..‏ الحمام فقط هو الذي نجا من زرع الكاميرا‏.‏ وهكذا كان الجمهور من كل بلد يصوت حتي وصلت التصفية في الأسبوع الأخير من البرنامج بين محمد عطية المصري العظيم ابن طنطا وبين الولد بشار الكويتي‏,‏ ولأن الكويت عملتها معركة بين بلدين من أجل فوز بشار لدرجة أنهم عيرونا بالفول والطعمية وبأننا تربية حواري‏,‏ انتفض المصريون جميعا وقرروا الانتصار في المعركة ودعم محمد عطية الذي فاز باكتساح ورفع علم مصر في ستار أكاديمي‏.‏
هذه المرة هم الذين نظروا إلينا شذرا قبل أن يتركونا وهم يشيرون بأيديهم حول رؤوسهم بما معناه أننا ولا مؤاخذة ما نخوليا طحن‏.‏

في طنطا كانت الصورة أقرب إلي الجنون‏.‏ قبل إعلان النتيجة كان أهالي طنطا يقفون علي أطراف أصابعهم يلفهم الصمت والقلق‏,‏ وفور إعلان فوز عطية علي بشار هبط الجميع من المنازل إلي الشوارع في صيحات هيستيرية وتجمع الناس في مواكب أتت من كل صوب وحدب وتوجهت إلي أشهر مكان في طنطا‏.‏ لا ليس مسجد السيد البدوي ولكن منزل محمد عطية‏.‏

ومن المؤكد أن هناك عددا من الناس لم يكونوا من المتابعين لهذه المهزلة الفضائية لكن لأن الفرحة تنتقل بالعدوي كان الجميع يرقص طربا ولم يكن ناقصا إلا إعلان يوم الجمعة الماضية عيدا قوميا لمحافظة الغربية مع عمل تمثال‏..‏ لأ‏..‏ تمثالين بالحجم الكبير لابن طنطا البار محمد عطية‏.‏
ولم يكن غريبا أن ينادي أحد أعضاء مجلس الشعب بتشكيل وفد شعبي رسمي يخرج إلي مطار القاهرة لاستقبال محمد عطية استقبالا مهيبا يليق بإنجازه علي أن يتحرك الموكب رأسا إلي طنطا‏..‏

هذه الفضيحة العربية ليست لها علاقة بكدبة إبريل‏..‏ بل حدثت لتعرينا أكثر وأكثر‏,‏ وتعيد مهزلة نجاح المطربة الأردنية ديانا كرازون علي ولد لبناني فأقام اللبنانيون الدنيا ولم يقعدوها لمجرد خسارة المعركة أمام بنت أردنية‏.‏ هذه هي معاركنا التي تليق بالأجيال الحالية من العرب الأشاوس‏,‏ وهذه هي سيوفنا الخشبية التي نحارب بها بعضنا البعض‏,‏ لدرجة أن الشعب الكويتي أعلن غضبه من الشعب السعودي لأنه صوت للمصري مع أن دولته لا تنتمي الي مجلس التعاون الخليجي‏!‏

لكن مهما يكن من أمر هذه الهيافة غير المسبوقة‏,‏ لا يجب أن ننسي توجيه التهنئة لشعب طنطا الذي أصبح يتميز عن بقية شعب مصر في أنه سيصبح محط الأنظار.. وكذلك للأمة الإسلامية بظهور هذا الفاتح العظيم والذي هو خلف هذا الزمان لمحمد الفاتح .. ولا عزاء للمسلمين.‏

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة