- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:أركان الدعوة
يقول الأستاذ محمد محمد حسين في كتابه ( حصوننا مهددة من داخلها ) بعد أن استعرض جهود الدول الغربية الكبرى - كأمريكا - في تغريب المناهج التعليمية والتربوية والاجتماعية السائدة في العالم الإسلامي، وعقدها لمؤتمرات حاشدة تدعو فيها مسئولي التعليم في الدول الإسلامية منفقة على هذه المؤتمرات ببذخ شديد، يقول - رحمه الله -: "ثم إن هذه المؤتمرات هي - من ناحية أخرى - وسيلة للاتصال القريب المباشر بالمسئولين، يعجمون عودهم، ويدرسونهم عن قرب، ويختبرون مدى مناعتهم ومدى استعدادهم للتجارب مع الأهداف الخفية للسياسة الاستعمارية، كما يختبرون مواطن القوة ومواطن الضعف في كل واحد منهم لمعرفة أنجح الوسائل للاتصال بهم والتأثر عليهم …… ثم يقول: "وهدف آخر من هذه الأهداف الواضحة هو السيطرة على توجيه المجتمع، عن طريق هؤلاء الأصدقاء من أصحاب النفوذ". أهـ
وفي مجلة سان دياجو عدد شهر أغسطس 1985م يقول جيمس ميلز الرئيس السابق لمجلس الشيوخ: "إن الرئيس ريجان أظهر بصورة دائمة التزامه القيام بواجباته تمشيا مع إرادة الله، وذلك كأي مواطن آخر يحتل منصبا عاليا". وقال ميلز أيضا في المقال: "إن ريجان كان يشعر بهذا الالتزام خصيصا وهو يعمل على بناء القدرة العسكرية للولايات المتحدة ولحلفائها. وقال: إذا كان ريجان يؤمن بما قاله لي في عام 1971 وسواء كان أو لم يكن موضع تخمينات معلقي الصحف في السنوات القليلة الأخيرة، لا يخامرني شك في أنه ينظر إلى مسؤولياته كقائد للعالم الغربي، ويبدو لي أن معظم قراراته السياسية متأثرة بهذا المفهوم.
وقال أيضا: إن سياسات الرئيس ريجان الداخلية والمالية منسجمة مع التفسير اللفظي للنبوءات التوراتية - الإنجيلية. أهـ
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا}: وفي الحديث "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد وهذا هو الواقع أهـ
إن مناصب الحكم قد جعل الله تبارك وتعالى فيها من التسلط والقهر - بحكم عرف الناس ومواثيقهم التي جبلوا عليها - ما لم يجعل في غيرها من المناصب. وإذعان الناس لرأي السلطان والقوة أعم وأفشى من إذعانهم لرأي ذي الحجة والبينة.
ولما أراد الله تبارك وتعالى انقياد القلوب إليه بالرسالة الخاتمة لم يرسل رسولا ملكا بل عبدا رسولا متواضعا، يأمر من موقع رساليته، ويوجه من منطلق نبوته البشرية عامة، وما ذلك إلا ليكون إقبال الناس بقلوبهم لا بأبدانهم.
ولكن ذلك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بأسباب القوة ويقيم قواعد الحكم والسياسة الشرعية التي ألزم الناس أن ينضووا تحت لوائها، ولم يترك لأحد الاختيار في شأن الطاعة المطلقة له كرسول وحاكم يحكم بما أنزل الله تبارك وتعالى.
ومجتمعاتنا الإسلامية في الغالب ما زالت تحافظ على الشعائر الظاهرة أو تحترمها في الجملة، كالصلاة والحج ونحو ذلك، ولا بد أن يستغل الدعاة هذه العقيدة الاجتماعية في إحياء شعائر الإسلام ليصطبغ المجتمع بصبغة الدين، وتعلو كلمة الله على الدين كله.
وأقوم ما يمكن سلوكه لبث هذه الشعائر في ميادين المجتمع أن نستعين بأولياء الأمور من ذوي المناصب الرفيعة والنافذة، ونحفز غيرتهم على الدين، ونستنفر شعورهم الإسلامي الدفين، مطالبين إياهم القيام بأمر الله تبارك وتعالى في حق الممكنين في الأرض حيث قال عز من قائل: { الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور }. قال الحسن وأبو العالية: هم هذه الأمة إذا فتح الله عليهم أقاموا الصلاة.. وقال ابن أبي نجيح: يعني الولاة.. وقال الضحاك: هو شرط شرطه الله عز وجل على من آتاه الملك، وهذا حسن.
قال سهل بن عبد الله: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على السلطان وعلى العلماء الذين يأتونه وليس على الناس أن يأمروا السلطان لأن ذلك لازم له واجب عليه ولا يأمر العلماء فإن الحجة قد وجبت عليهم.
وقد خبرت عن كثير من الدعاة أخذهم بمبدأ مجانبة السلطان وعدم الدخول عليه، ولا شك أن هذا منهج السلف، ولكنه ليس مطردا في كل الأحوال، بل كان السلف لا يدخلون على السلاطين في أمور الدنيا زهدا فيما في أيديهم، أما إن كان ألم بالمسلمين رزيئة أو حدث منكر متعاظم فتكاسل السلطان عن إنكاره نصحه العلماء سرا فإن أبى أعلنوا وقاموا هم بالأمر دونه.
كما أنه ليس صحيحا أن الأصل في نصيحة ولاة الأمر أن تكون في السر، بل قد يحتاج الأمر إلى المناصحة في الجهر كما لو جحد الحاكم حكم الشرع وأبى تطبيقه، أو علم جهله وعمايته عن النصيحة بالتفاف بطانة السوء حوله.
وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين نماذج تبيح مبدأ المناصحة من قبل المتأهل لها، وأنها الأصل فيما بين الحاكم والمحكوم، وأن الحاكم لو جحد هذا الأصل جاز للناصح بل استحب - وربما وجب - أن يناصحه رغما عنه ما دام قد رآه على منكر لا يجوز السكوت عليه.
ومن أقل أحوال المناصحة أن نحض أولي الأمر على التمسك بشرع الله، والمبادأة بهذه النصيحة لا تحتاج إلى وجود سبب أو مناسبة، فكيف لو كانت هناك أسباب كثيرة تدعونا إلى الإكثار من مناصحة أولي الأمر حول هذا الفرض المهجور (أعني تطبيق شرع الله والتمسك به).
ــــــــــــــ
30 طريقة لخدمة الدين